شهدت الأسواق المالية العالمية، وخاصةً سوق الأسهم في الولايات المتحدة، تقلبات حذرة في بداية شهر ديسمبر. ورغم تسجيل مؤشر “إس آند بي 500” مكاسب طفيفة، إلا أن التداول ظل محدوداً، في حين شهدت العملات المشفرة، وعلى رأسها البيتكوين، انتعاشاً ملحوظاً بعد فترة من الضغوط البيعية. واستقرت أسعار السندات والدولار الأمريكي بشكل عام.

ارتفع مؤشر “إس آند بي 500” للمرة السادسة في سبع جلسات تداول، لكن معظم الشركات المدرجة شهدت تراجعاً في قيمتها. قادت أسهم شركة “أبل” مكاسب قطاع التكنولوجيا، بينما انخفضت أسهم “تسلا” بعد تصريحات سلبية من المستثمر مايكل بوري حول تقييمها المرتفع. في المقابل، حققت أسهم شركة “بوينغ” قفزة ملحوظة على خلفية توقعات الشركة بالعودة إلى تحقيق أرباح نقدية بحلول عام 2026.

تقلبات سوق الأسهم وتوقعات الفيدرالي

يرى خبراء الأسواق أن سوق الأسهم لا يزال بحاجة إلى زخم إضافي قبل أن يتمكن من استعادة مستوياته القياسية. وأشار مارك نيوتن من “فاندسترات غلوبال أدفايزرز” إلى أنه على الرغم من التفاؤل بشأن شهر ديسمبر، فمن المرجح أن تشهد الأسواق تقلبات خلال الأسبوعين المقبلين قبل أن تتجه نحو تسجيل قمم جديدة.

وأضاف كريغ جونسون من “بايبر ساندلر” أن هناك حاجة إلى المزيد من الوقت والأدلة الفنية قبل إصدار إشارة “شراء” قوية. وتأتي هذه التحذيرات في ظل حالة من عدم اليقين بشأن مسار أسعار الفائدة التي قد يتبعها الاحتياطي الفيدرالي في الفترة المقبلة.

ارتفاع البيتكوين واستعادة الثقة

شهدت العملة الرقمية “بيتكوين” ارتفاعاً ملحوظاً، متجاوزةً مستوى 90 ألف دولار، مما ساهم في استعادة جزء من الخسائر التي تكبدتها في الفترة الأخيرة. وقد أدى هذا الارتداد إلى تخفيف الضغوط على السوق، لكن المعنويات لا تزال هشة.

ويترقب المستثمرون الآن صدور التقارير الاقتصادية الأخيرة قبل اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع المقبل، والذي من المتوقع أن يناقش مستقبل أسعار الفائدة. ومن جهته، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن نيته الإعلان عن مرشحه لقيادة البنك المركزي في أوائل عام 2026.

رهانات على قوة الاقتصاد الأمريكي والذكاء الاصطناعي

يرى محللو “22 في ريسيرتش” أن أي قرار بالمراهنة ضد الأسهم الأمريكية في هذا الشهر يجب أن يأخذ في الاعتبار قوة الاقتصاد الأمريكي واستمرار الحماس حول تقنية الذكاء الاصطناعي. ويعتقدون أن زيادة إنفاق المستهلكين والاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يمكن أن تدعم الإنتاجية، مما يسمح للشركات بتحقيق الأرباح اللازمة لدفع أسعار الأسهم إلى الأعلى.

ومع ذلك، لا يزال المستثمرون قلقين بشأن تقييمات أسهم شركات الذكاء الاصطناعي والشكوك حول مدى سرعة خفض الفيدرالي لأسعار الفائدة. هذه المخاوف تواجه الزخم الصعودي الذي بدأ في أبريل الماضي.

خلافات داخل الفيدرالي حول وتيرة خفض الفائدة

بعد أن خفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بأكثر من نقطة مئوية، يبحث المسؤولون الآن عن النقطة المثلى للتوقف، وسط انقسامات متزايدة. وقد اتسعت التقديرات بشأن المستوى النهائي للفائدة بأكبر قدر منذ عام 2012، مما أدى إلى خلافات علنية حول ما إذا كان ينبغي تنفيذ خفض جديد في الاجتماع القادم.

وقال أندرو برينر من “نات ألاينس سيكيوريتيز” إنه من غير المرجح أن يتغير مسار الفيدرالي، لكنه يتوقع أن يكون خفض الفائدة القادم “متشدداً”.

يتوقع استراتيجيون في “جيه بي مورغان تشيس” أن أداء سندات الخزانة الأمريكية قد لا يتكرر في العام المقبل، حيث أن الأسواق قد قامت بالفعل بتسعير العديد من تخفيضات أسعار الفائدة. وتُظهر أسواق المال أن المتعاملين يتوقعون ما يقرب من أربعة تخفيضات للفائدة خلال العام المقبل، بما في ذلك خفض محتمل في 10 ديسمبر.

في الختام، من المتوقع أن يراقب المستثمرون عن كثب قرارات الاحتياطي الفيدرالي والبيانات الاقتصادية القادمة لتقييم مسار سوق الأسهم. لا تزال حالة عدم اليقين بشأن أسعار الفائدة والتضخم قائمة، مما يجعل من الصعب التنبؤ بدقة بمسار الأسواق في المستقبل القريب.

شاركها.