واصل متداولو وول ستريت الرهان بقوة على أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيتمكن قريباً من خفض أسعار الفائدة، مع تسجيل الأسهم مستويات قياسية جديدة وتراجع عوائد سندات الخزانة إلى جانب الدولار.
بعد يوم واحد فقط من صدور بيانات تضخم إيجابية، قام المتداولون بتسعير كامل لاحتمال خفض الفائدة ربع نقطة مئوية في سبتمبر، فيما أشارت بعض الرهانات إلى إمكانية القيام بخطوة أكبر.
وتزايدت توقعات الأسواق بالتيسير النقدي بعد تصريحات وزير الخزانة سكوت بيسنت التي قال فيها: “قد ندخل في سلسلة من خفض الفائدة، بدءاً من 50 نقطة أساس في سبتمبر”.
ارتفعت أسهم نحو 420 شركة ضمن مؤشر “إس آند بي 500”. ورغم أن المؤشر سجل مكاسب طفيفة وسط ضعف أسهم معظم الشركات الكبرى، قفزت أسهم “أبل” و”أمازون”، فيما صعد مؤشر “راسل 2000” للشركات الصغيرة بنسبة 2%. وأضاف مؤشر “داو جونز الصناعي” 1%. وفي التعاملات اللاحقة، قدمت “سيسكو سيستمز” توقعات فاترة. وتراجعت عوائد السندات لأجل عامين خمس نقاط أساس إلى 3.68%.
في الشهر الماضي، أبقى صناع السياسة النقدية في الفيدرالي على النطاق المستهدف لسعر الفائدة بين 4.25% و4.5%. وقال بيسنت إن المسؤولين ربما كانوا سيخفضون الفائدة لو كانوا على علم بالبيانات المعدلة لسوق العمل، التي صدرت بعد الاجتماع بأيام قليلة.
توقعات بخفض متواصل للفائدة
قالت أولريكه هوفمان-بورشارد من “يو بي إس لإدارة الثروات العالمية”: “مع استمرار ضعف سوق العمل، نعتقد أن البنك المركزي الأميركي سيستأنف خفض الفائدة الشهر المقبل، بمقدار 25 نقطة أساس في كل اجتماع حتى يناير 2026، بإجمالي 100 نقطة أساس”.
وكشف الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه قد يُعلن اسم رئيس الفيدرالي المقبل “قريباً بعض الشيء”، مضيفاً أنه حصر الاختيار بين ثلاثة أو أربعة مرشحين لخلافة جيروم باول.
اعتبر إيان لينغن من “بي إم أو كابيتال ماركتس” أنه “مع استمرار الأسواق في استيعاب تغير مسار الاقتصاد الحقيقي بعد بيانات التضخم والوظائف لشهر يوليو، أصبح السؤال: ما حجم الخفض الذي يجب أن يقدمه باول؟”.
وأضاف: “لا نتوقع خطوة بمقدار 50 نقطة أساس، لكن نرى احتمالاً قوياً لأن تسعر الأسواق ذلك في الأسابيع المقبلة”.
تفاعل الأسواق مع بيانات التضخم
أوضح سام ستوفال من “سي إف آر إيه” أنه “بعد بيانات مؤشر أسعار المستهلكين التي جاءت أفضل من المتوقع، أصبحت أسواق الأسهم في وضع كامل من الترقب لخفض الفائدة”.
وأضاف: “ما زلنا نتوقع خفضاً بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعي سبتمبر وديسمبر للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، مع توقف مؤقت في أكتوبر”.
بالنسبة لريك ريدر من “بلاك روك”، فإن تقرير التضخم الأخير كان أقوى قليلاً من الأشهر الماضية، لكنه أقل مما كان يخشاه كثيرون، مشيراً إلى أنه ما زال متفائلاً باتجاه بعض مكونات التضخم الأساسي التي تسجل مستويات أقل من الأعوام السابقة.
وقال: “نتوقع أن يبدأ الفيدرالي خفض الفائدة في سبتمبر، وقد يكون من المبرر خفضها بمقدار 50 نقطة أساس ليتماشى مع توقعات التضخم طويلة الأمد والتحسينات الإنتاجية التي نشهدها عبر عدة صناعات”.
مكاسب الأسهم وسط تراجع المخاوف من الرسوم
قال ريتش مولن من “بالاس كابيتال أدفايزرز”: “الأسهم تشهد دفعة إضافية صعوداً مع تراجع المخاوف من الرسوم الجمركية، وقوة الأرباح، وارتفاع احتمالات خفض الفائدة في الخريف”.
وأضاف: “بينما نعتقد أن البقاء في السوق لا يزال منطقياً، فإن معظم مكاسب الأسهم هذا العام قد تحققت بالفعل”.
وأشار مولن إلى أن التضخم ظل منخفضاً، وأن العديد من الشركات تجنبت تمرير التكاليف المرتفعة إلى المستهلكين، لكن لا يزال هناك تساؤل حول مدى قدرة هذا الاتجاه على الاستمرار. وحذّر من أن الخطر الأكبر للفيدرالي يتمثل في احتمال ارتفاع التضخم فجأة بفعل الرسوم الجمركية.
وقال: “مجرد بقاء بيانات التضخم هادئة لا يعني أنها لن ترتفع في المستقبل”.
معنويات المستثمرين والبيانات المقبلة
يرى مارك هاكيت من “نايشنوايد” أن المسار الأسهل للسوق هو الصعود، بعد أن كسر مؤشر “إس آند بي 500” نطاق التداول الأخير، مضيفاً: “المستثمرون الأفراد يجدون أنفسهم محقين في استراتيجية شراء الانخفاض، نظراً لسرعة التعافي من التراجع الأخير، ما قد يخلق نبوءة ذاتية التحقق في المرة المقبلة التي يشهد فيها السوق تراجعاً طفيفاً”.
أظهرت أحدث بيانات الأسعار للمستهلكين أن التضخم الأساسي في الولايات المتحدة تسارع في يوليو، لكن تكلفة السلع المعرضة للرسوم الجمركية لم ترتفع بالقدر الذي كان يُخشى.
ومن المتوقع أن يقدم تقرير أسعار المنتجين المقرر صدوره الخميس مؤشرات إضافية حول الفئات التي تؤثر مباشرة في المؤشر المفضل للفيدرالي لقياس الأسعار، والمقرر صدوره في وقت لاحق من الشهر.
وقال فؤاد رزاق زاده من “سيتي إندكس”: “تكاليف الرسوم الجمركية ما زالت تُمتص ضمن هوامش أرباح الشركات بدلاً من تمريرها للمستهلكين، ما يمنح الفيدرالي مساحة للتحول من دون إثارة مخاطر تضخمية”.
وأشار إلى أن بعض الشركات تؤجل زيادات الأسعار خشية تراجع إنفاق المستهلكين، وهو ما يزيد الاهتمام ببيانات مبيعات التجزئة وثقة المستهلك المقرر صدورها يوم الجمعة.