التقى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، اليوم في الرياض بالرئيس إسياس أفورقي، رئيس دولة إريتريا. وجرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية وإريتريا، وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، بالإضافة إلى استعراض مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وتأتي هذه القمة السعودية الإريترية في إطار جهود المملكة لتعزيز الاستقرار الإقليمي وتطوير الشراكات الاستراتيجية مع دول القرن الأفريقي.

اللقاء الذي عُقد في قصر اليمامة بالرياض، يمثل تطوراً هاماً في مسار العلاقات السعودية الإريترية، والتي شهدت دفعة قوية في السنوات الأخيرة. ويهدف الطرفان إلى تعميق التعاون الاقتصادي والأمني والسياسي، بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الصديقين. وقد أكدت وكالة الأنباء السعودية (واس) على أهمية هذا اللقاء في تعزيز التنسيق الثنائي.

أهمية القمة السعودية الإريترية وتعزيز العلاقات الثنائية

تكتسب هذه القمة أهمية خاصة في ظل التحديات الإقليمية المتزايدة، بما في ذلك الأوضاع في السودان والباب المندب. تعتبر إريتريا لاعباً رئيسياً في منطقة القرن الأفريقي، والمملكة تسعى إلى بناء شراكة قوية معها لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة. وتشمل مجالات التعاون المحتملة الاستثمار في البنية التحتية، والتجارة، والطاقة، والأمن البحري.

خلفية العلاقات بين الرياض وأسمرة

شهدت العلاقات بين السعودية وإريتريا تقلبات على مر السنين، ولكنها عادت إلى الدفء بعد اتفاق السلام التاريخي الذي وقعته إريتريا وإثيوبيا في عام 2018. وقد أدت هذه الخطوة إلى فتح آفاق جديدة للتعاون الإقليمي، وشجعت المملكة على تعزيز علاقاتها مع أسمرة. وقبل ذلك، كانت العلاقات متوترة بسبب الخلافات الإقليمية.

القضايا الإقليمية المطروحة

ركز اللقاء بشكل كبير على الأوضاع في السودان، حيث أعرب الطرفان عن قلقهما العميق بشأن استمرار الصراع وتأثيره الإنساني. كما ناقشا التوترات في البحر الأحمر والباب المندب، وأهمية الحفاظ على حرية الملاحة. وتشير التقارير إلى أن هناك توافقاً في الرؤى حول ضرورة إيجاد حلول سياسية للأزمات الإقليمية.

التعاون الاقتصادي هو أحد الركائز الأساسية للعلاقات السعودية الإريترية. وتسعى المملكة إلى زيادة استثماراتها في إريتريا، خاصة في قطاعات الموانئ والبنية التحتية والطاقة المتجددة. وقد أعلنت الرياض عن دعمها لمشاريع التنمية في إريتريا، بهدف تحسين مستوى معيشة الشعب الإريتري. وتشمل المناقشات أيضاً إمكانية إنشاء مشاريع مشتركة في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية.

بالإضافة إلى الجانب الاقتصادي، تتطلع المملكة إلى تعزيز التعاون الأمني مع إريتريا. ويشمل ذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية، والتنسيق في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وتعزيز الأمن البحري في منطقة البحر الأحمر. وتعتبر المملكة أن الأمن والاستقرار في إريتريا أمران ضروريان لأمن المنطقة بأكملها.

من ناحية أخرى، أكد الرئيس إسياس أفورقي على تقدير بلاده للموقف السعودي الداعم للقضايا الإقليمية، وجهود المملكة في تحقيق السلام والاستقرار. وأعرب عن تطلعه إلى تعزيز التعاون الثنائي في جميع المجالات، بما يخدم مصالح البلدين. كما أشاد بالدور القيادي للمملكة في المنطقة والعالم.

وقد حضر اللقاء من الجانب السعودي صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن محمد بن فهد بن عبدالعزيز، وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، وصاحب السمو الأمير محمد بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز، نائب أمير منطقة الرياض، ومعالي وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، ومعالي وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز، وعدد من المسؤولين. أما من الجانب الإريتري، فقد حضر اللقاء عدد من الوزراء والمسؤولين.

في سياق منفصل، تتزايد أهمية منطقة القرن الأفريقي بالنسبة للمملكة، نظراً لموقعها الاستراتيجي وتأثيرها على الأمن الإقليمي. وتسعى المملكة إلى لعب دور فعال في تحقيق السلام والتنمية في المنطقة، من خلال بناء شراكات قوية مع دولها. الاستقرار الإقليمي يمثل أولوية قصوى للمملكة في سياستها الخارجية.

في الختام، يمثل لقاء ولي العهد بالرئيس الإريتري خطوة مهمة نحو تعزيز العلاقات الثنائية وتعميق التعاون في مختلف المجالات. من المتوقع أن تشهد الفترة القادمة مزيداً من التشاور والتنسيق بين الرياض وأسمرة، بهدف مواجهة التحديات الإقليمية وتحقيق الأمن والاستقرار. وستراقب الأوساط الإقليمية والدولية عن كثب تطورات هذه العلاقات، وتأثيرها على الوضع في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر. يبقى تحديد جدول زمني واضح لتنفيذ الاتفاقات المبرمة رهنًا بالمستجدات السياسية والاقتصادية.

شاركها.