شارك صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وفخامة الرئيس دونالد جي ترمب، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق، في أعمال منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي الذي اختتم في واشنطن العاصمة مؤخراً. ويهدف المنتدى إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين واستكشاف فرص استثمارية جديدة. وقد جمع المنتدى قادة الأعمال وصناع القرار من كلا البلدين لمناقشة مستقبل الشراكة الاقتصادية.

عُقد المنتدى في مركز جون كينيدي بواشنطن، وشهد حضوراً بارزاً من مسؤولين حكوميين وشخصيات مؤثرة في القطاع الخاص. ركز الحدث على مجموعة واسعة من القطاعات، بما في ذلك التقنية والطاقة والبنية التحتية، بهدف جذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر إلى المملكة العربية السعودية وتعزيز التبادل التجاري بين البلدين.

أهداف منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي وتعزيز العلاقات الاقتصادية

تمحورت المناقشات خلال منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي حول استراتيجيات لزيادة حجم الاستثمارات المشتركة، ودعم المشاريع الطموحة في رؤية 2030. ويركز المنتدى بشكل خاص على تعزيز الشراكات في المجالات التي تتماشى مع أولويات كلا البلدين، مثل التحول الرقمي والتنمية المستدامة. وبحسب البيانات الرسمية، بلغ حجم التبادل التجاري بين السعودية والولايات المتحدة أكثر من 77 مليار دولار في عام 2022.

مشاركة ولي العهد والرئيس ترمب

أكد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان على التزام المملكة بتنويع اقتصادها وجذب الاستثمارات الأجنبية عالية الجودة. وأشار إلى أن رؤية 2030 توفر فرصاً استثنائية للمستثمرين الأمريكيين للمشاركة في مشاريع واعدة في مختلف القطاعات. كما أعرب فخامة الرئيس ترمب عن تقديره للشراكة القوية مع المملكة ودعم جهودها في تحقيق التنمية الاقتصادية.

القطاعات الرئيسية للاستثمار

تصدر قطاع التقنية قائمة القطاعات التي حظيت باهتمام كبير خلال المنتدى، وذلك في ظل التوجه العالمي نحو التحول الرقمي. وشمل ذلك مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، والتكنولوجيا المالية. بالإضافة إلى ذلك، شهد قطاع الطاقة، وخاصة الطاقة المتجددة، اهتماماً متزايداً من المستثمرين الأمريكيين، وهو ما يعكس التزام المملكة بتحقيق أهدافها في مجال الطاقة النظيفة.

كما كانت البنية التحتية قطاعًا رئيسيًا آخر، مع التركيز على مشاريع النقل والإسكان والخدمات اللوجستية. تندرج هذه المشاريع ضمن خطط المملكة الطموحة لتطوير مدنها وبنيتها التحتية، وهو ما يخلق فرصًا استثمارية جذابة للمستثمرين الأجانب. وقد أعلنت وزارة الاستثمار السعودية عن توقيع عدد من اتفاقيات مبدئية خلال المنتدى، بقيمة إجمالية تتجاوز 15 مليار دولار.

يجدر بالذكر أن الاستثمار الأجنبي المباشر يلعب دوراً حاسماً في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة في المملكة العربية السعودية، ويساهم في خلق فرص عمل جديدة، ونقل المعرفة والتكنولوجيا، وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني.

التركيز على الشراكات بين القطاعين العام والخاص

تحدث المشاركون في المنتدى عن أهمية تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص (PPP) في تنفيذ المشاريع الاقتصادية الكبرى. تعتبر هذه الشراكات نموذجًا فعالًا لجذب الاستثمارات الخاصة وتقليل الأعباء المالية على الحكومة. وقد أعلنت الحكومة السعودية عن خطط لزيادة عدد مشاريع PPP في المستقبل القريب، بهدف جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتنويع مصادر التمويل.

كما أشارت العديد من الجهات إلى الحاجة إلى تبسيط الإجراءات التنظيمية وتحسين بيئة الأعمال لجذب المزيد من المستثمرين. وقد أكدت وزارة التجارة والاستثمار على أنها تعمل بشكل مستمر على تطوير القوانين واللوائح المتعلقة بالاستثمار، لتحسين تنافسية المملكة وجذب الاستثمارات الأجنبية.

وعلى الرغم من التركيز على الفرص الاستثمارية، لم تغفل المناقشات أهمية معالجة التحديات التي تواجه التعاون الاقتصادي السعودي الأمريكي، مثل التوترات الجيوسياسية وتقلبات أسعار النفط. ومع ذلك، اتفق المشاركون على أن الشراكة بين البلدين قوية بما يكفي للتغلب على هذه التحديات وتحقيق المزيد من التقدم والازدهار.

أحد الجوانب التي برزت خلال المنتدى هو الاهتمام المتزايد بالاستدامة البيئية في المشاريع الاستثمارية. أصبح المستثمرون يدركون بشكل متزايد أهمية دمج المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) في استراتيجياتهم الاستثمارية، وهو ما يعكس التزام المملكة بتحقيق أهدافها في مجال التنمية المستدامة.

من المتوقع أن يقوم فريق من وزارة الاستثمار السعودية بمتابعة الاتفاقيات المبدئية التي تم توقيعها خلال المنتدى، وتحويلها إلى اتفاقيات نهائية وملزمة. كما ستواصل الوزارة العمل على الترويج للمملكة كوجهة استثمارية جذابة للمستثمرين الأجانب، وتنفيذ المبادرات والإصلاحات التي تهدف إلى تحسين بيئة الأعمال وتعزيز التعاون الاقتصادي مع الولايات المتحدة. الخطوة التالية قد تتضمن جولات تعريفية للمستثمرين الأمريكيين في المملكة، وإعداد المزيد من المشاريع الاستثمارية الجاهزة للعرض على المستثمرين.

في الختام، يظل مستقبل الشراكة الاقتصادية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة واعدًا، على الرغم من وجود بعض التحديات والغموضات. من الأهمية بمكان متابعة التطورات السياسية والاقتصادية في كلا البلدين، وتقييم تأثيرها على العلاقة التجارية والاستثمارية.

شاركها.