أعربت أربع ولايات أمريكية، بقيادة كاليفورنيا، عن قلقها العميق إزاء التغييرات الأخيرة التي أدخلتها إدارة الرئيس دونالد ترامب على المواقف الرسمية المتعلقة بـاللقاحات، وتحديداً فيما يتعلق بالادعاءات التي تربطها بمرض التوحد. وتأتي هذه الانتقادات بعد تعديل المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) لموقعها الإلكتروني ليعكس آراء وزير الصحة الجديد، روبرت كينيدي جونيور، المعروف بمواقفه المناهضة للتطعيم.
وقد نددت هذه الولايات – كاليفورنيا وأوريغون وهاواي وواشنطن – بما وصفته بـ”التضليل الخطير” الذي يروج له وزير الصحة، معربة عن مخاوفها من أن هذه التغييرات قد تقوض الثقة في التطعيم وتؤدي إلى تفشي الأمراض التي يمكن الوقاية منها. وتعتبر هذه القضية جزءًا من جدل أوسع حول الصحة العامة والمعلومات المضللة.
مخاوف متزايدة بشأن التضليل حول اللقاحات
أثارت التعديلات الأخيرة على موقع CDC جدلاً واسعاً في الأوساط العلمية، حيث يشير الموقع الآن إلى احتمال وجود صلة بين اللقاحات والتوحد، وهو ادعاء تم دحضه مرارًا وتكرارًا من قبل الدراسات العلمية الموثوقة. يأتي هذا التغيير في ظل تسريح عدد كبير من الموظفين وخفض الميزانية في الوكالات الصحية الأمريكية، كجزء من عملية “إصلاح” أطلقها كينيدي جونيور.
تاريخ الادعاءات الكاذبة
تعود جذور هذه الادعاءات إلى دراسة مثيرة للجدل نُشرت عام 1998، والتي زُعم فيها وجود صلة بين لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (MMR) والتوحد. لاحقًا، تم سحب هذه الدراسة وتبين أنها مبنية على بيانات ملفقة، ومع ذلك، استمرت هذه النظرية في الانتشار عبر الإنترنت ووسائل الإعلام، مما أدى إلى تراجع معدلات التطعيم في بعض المناطق.
وتؤكد الأبحاث العلمية المكثفة التي أجريت على مدى عقود، وشملت ملايين الأشخاص، أنه لا يوجد أي دليل على وجود صلة بين اللقاحات والتوحد. بل على العكس، تُظهر هذه الدراسات أن اللقاحات آمنة وفعالة في الوقاية من الأمراض المعدية الخطيرة.
صرح حاكم ولاية كاليفورنيا، غافين نيوسوم، بأن الأميركيين يستحقون معلومات صحية عامة مبنية على العلم، وليس على الآراء الشخصية أو نظريات المؤامرة. وأضاف أن “التحالف الصحي” الذي شكلته هذه الولايات سيواصل اتباع الأدلة العلمية في قراراته المتعلقة بالصحة العامة.
بالإضافة إلى ذلك، أعربت الولايات عن قلقها من الزيادة الملحوظة في حالات الإصابة بالحصبة في الولايات المتحدة، والتي وصلت إلى مستويات قياسية في ظل إدارة ترامب. وترجع هذه الزيادة إلى انخفاض معدلات التطعيم، مما يجعل المجتمعات أكثر عرضة لتفشي المرض. وتعتبر الحصبة من الأمراض شديدة العدوى التي يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات خطيرة، مثل الالتهاب الرئوي والتهاب الدماغ.
وتشير التقارير إلى أن هذه الولايات الديمقراطية الأربع قد اتفقت على تبني مبادئ توجيهية خاصة بها بشأن التطعيم، وذلك في محاولة لتعويض النقص في القيادة الفيدرالية القائمة على العلم. وتدعو هذه المبادئ الآباء إلى الاستمرار في تطعيم أطفالهم وفقًا للجدول الزمني الموصى به من قبل الأطباء.
تعتبر قضية اللقاحات والتوحد من القضايا المعقدة التي تتطلب فهمًا عميقًا للأدلة العلمية. ومن المهم أن يعتمد الأفراد على مصادر معلومات موثوقة، مثل الأطباء والعلماء والمنظمات الصحية المرموقة، لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن صحتهم وصحة أطفالهم. وتشمل المصادر الموثوقة أيضًا منظمة الصحة العالمية (WHO) والمراكز الأوروبية للوقاية من الأمراض ومكافحتها (ECDC).
وتشكل المعلومات المضللة حول اللقاحات تهديدًا خطيرًا للصحة العامة، حيث يمكن أن تؤدي إلى تراجع معدلات التطعيم وزيادة خطر تفشي الأمراض المعدية. لذلك، من الضروري مكافحة هذه المعلومات المضللة وتوفير معلومات دقيقة وموثوقة للجمهور. وتعتبر زيادة الوعي بأهمية التطعيم وتعزيز الثقة في اللقاحات من الخطوات الأساسية لحماية المجتمعات من الأمراض المعدية.
من المتوقع أن يستمر الجدل حول هذه القضية في الأيام والأسابيع القادمة، حيث من المرجح أن تتخذ الولايات الديمقراطية الأربع خطوات إضافية لحماية صحة مواطنيها. ويجب مراقبة التطورات المتعلقة بموقع CDC وتصريحات وزير الصحة، بالإضافة إلى ردود الفعل من الأوساط العلمية والمنظمات الصحية. كما يجب متابعة معدلات التطعيم وحالات الإصابة بالحصبة والأمراض المعدية الأخرى لتقييم تأثير هذه التغييرات على الصحة العامة.






