أعلنت منظمة الصحة العالمية (WHO) عن بدء تقييم شامل لمنطقة عسير في المملكة العربية السعودية، بهدف الحصول على لقب “مدن صحية“. ويشمل التقييم مدينة أبها ومحافظتي محايل عسير وطريب، بالإضافة إلى المدينة الجامعية لجامعة الملك خالد. يهدف هذا التقييم إلى رفع مستوى جودة الحياة وتعزيز الصحة العامة في المنطقة، وذلك من خلال معايير عالمية صارمة.

يأتي هذا الإعلان في إطار جهود المملكة المستمرة لتحسين البنية التحتية الصحية والاجتماعية، وتطوير المدن لتكون بيئات صحية ومستدامة. التقييم، الذي بدأ تنفيذه مؤخرًا، سيستمر لعدة أشهر، وفقًا لتصريحات من وزارة الصحة السعودية. يهدف البرنامج إلى إحداث تغيير إيجابي ملموس في حياة السكان.

ما هو مفهوم المدن الصحية؟

يرتكز مفهوم المدن الصحية على رؤية شاملة للصحة لا تقتصر على الجوانب الطبية، بل تتعداها لتشمل جميع العوامل المؤثرة في رفاهية الفرد والمجتمع. يشمل ذلك البيئة، والتغذية، والتعليم، والاقتصاد، والثقافة، والمشاركة المجتمعية. يهدف البرنامج إلى خلق مدن تدعم الصحة الجسدية والنفسية والاجتماعية لجميع سكانها.

معايير التقييم

تعتمد عملية التقييم على مراجعة دقيقة للسياسات والخطط المعتمدة في المنطقة، بالإضافة إلى زيارات ميدانية لتقييم الواقع على الأرض. تشمل المعايير الرئيسية جودة الخدمات الصحية، وتوفر المياه النظيفة والصرف الصحي، وإدارة النفايات، وجودة الهواء، وتوفر المساحات الخضراء، والسلامة المرورية، والحد من التلوث. كما يتم تقييم مستوى الالتزام بتطبيق هذه المعايير في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة.

بالإضافة إلى ذلك، يركز التقييم على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، مثل دعم التعليم ومحو الأمية، وتنمية الاقتصاد المحلي من خلال القروض الصغيرة، وتشجيع السياحة والأنشطة الرياضية والثقافية. يولي البرنامج اهتمامًا خاصًا بالحوكمة المجتمعية وبناء القدرات والتدريب، لضمان استدامة التحسينات.

أهمية برنامج المدن الصحية لمنطقة عسير

يمثل هذا التقييم فرصة استثنائية لمنطقة عسير لتعزيز مكانتها كوجهة سياحية وصحية متميزة. من خلال تطبيق معايير المدن الصحية، يمكن للمنطقة تحسين جودة الخدمات المقدمة للسكان والزوار، وزيادة جاذبيتها للاستثمارات.

بالإضافة إلى ذلك، يساهم البرنامج في تعزيز المشاركة المجتمعية في مختلف المجالات، مثل التطوع والرياضة والتعليم والثقافة. هذا بدوره يعزز الشعور بالانتماء والمسؤولية الاجتماعية، ويخلق مجتمعًا أكثر صحة وسعادة.

وتشير التقارير إلى أن التركيز على جودة الحياة في المدن الصحية يؤدي إلى تحسين المؤشرات الصحية وتقليل معدلات الأمراض المزمنة. كما يساهم في زيادة الإنتاجية الاقتصادية وتحسين مستوى التعليم.

تأثير محتمل على القطاعات المختلفة

من المتوقع أن يكون لبرنامج المدن الصحية تأثير إيجابي على العديد من القطاعات في منطقة عسير. في قطاع السياحة، على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي تحسين البيئة وسلامة الأغذية إلى جذب المزيد من السياح. وفي قطاع الصحة، يمكن أن يؤدي تطوير الخدمات الصحية إلى تحسين الرعاية المقدمة للمرضى.

أما في قطاع التعليم، فيمكن أن يساهم دعم التعليم ومحو الأمية في رفع مستوى التحصيل الدراسي للطلاب. وفي قطاع الاقتصاد، يمكن أن يؤدي تنمية القروض الصغيرة إلى خلق فرص عمل جديدة وتعزيز النمو الاقتصادي.

كما أن تعزيز الاستعداد والاستجابة للطوارئ، وهو جزء أساسي من معايير المدن الصحية، سيعزز قدرة المنطقة على التعامل مع الكوارث والمخاطر المحتملة، مما يضمن سلامة السكان.

دور منظمة الصحة العالمية في البرنامج

تعتبر منظمة الصحة العالمية (WHO) الجهة المرجعية الدولية لبرنامج المدن الصحية. تقوم المنظمة بوضع المعايير اللازمة للتقييم، وإجراء التقييم الميداني للمدن المرشحة، والتحقق من التطبيق الفعلي للمعايير.

بالإضافة إلى ذلك، تقدم منظمة الصحة العالمية الدعم الفني والمالي للمدن التي تسعى للحصول على لقب “مدن صحية”. وتعمل المنظمة بشكل وثيق مع الحكومات المحلية والمنظمات غير الحكومية لضمان استدامة التحسينات.

وتعتبر عملية الحصول على اعتماد منظمة الصحة العالمية بمثابة شهادة تقدير عالمية للمدينة، وتعكس التزامها بتوفير بيئة صحية ومستدامة لسكانها.

الاعتماد على معايير منظمة الصحة العالمية يضمن توافق جهود التطوير في منطقة عسير مع أفضل الممارسات الدولية في مجال الصحة العامة والتنمية المستدامة.

الخطوات التالية والمستقبل

بعد انتهاء عملية التقييم الميداني، ستقوم منظمة الصحة العالمية بإعداد تقرير مفصل يتضمن نتائج التقييم والتوصيات اللازمة. من المتوقع أن يتم تقديم هذا التقرير إلى وزارة الصحة السعودية في غضون الأشهر القليلة القادمة.

بعد ذلك، ستقوم المنطقة بتنفيذ التوصيات الواردة في التقرير، والعمل على معالجة أي نقاط ضعف تم تحديدها. إذا نجحت المنطقة في تطبيق جميع المعايير المطلوبة، فمن المتوقع أن تحصل على لقب “مدن صحية” من منظمة الصحة العالمية بحلول نهاية العام القادم.

ومع ذلك، لا يزال هناك بعض عدم اليقين بشأن الجدول الزمني النهائي للبرنامج، حيث قد تتأثر العملية بظروف غير متوقعة. من المهم متابعة التطورات والإعلانات الصادرة عن وزارة الصحة السعودية ومنظمة الصحة العالمية لمعرفة المزيد عن هذا البرنامج الهام.

شاركها.