وفاة محامي الإسكندرية أثارت حالة من الحزن العميق على أوساط المحامين وأهالي الإسكندرية بعد الواقعة المفجعة التي هزت المدينة الساحلية، حين رحل المحامي الشاب أحمد محمد البرنس إثر أزمة قلبية مفاجئة، لم يتحمل على إثرها صدمة مرض نجله الرضيع البالغ من العمر ستة أشهر، قبل أن يلحق به الطفل بعد يوم واحد فقط، في مشهد مأساوي أبكى القلوب وأثار مشاعر الجميع.

الأب يلفظ أنفاسه أثناء محاولة إنقاذ نجله

بدأت المأساة حينما تلقى المحامي الراحل اتصالًا من طبيب نجله يخبره بتدهور حالته الصحية، مما استدعى نقله على وجه السرعة إلى المستشفى لإنقاذ حياته، لكن القدر كان أسرع من الجميع، فبينما كان أحمد البرنس يحمل طفله على ذراعيه في طريقه للمستشفى، فاجأته أزمة قلبية مفاجئة أودت بحياته على الفور، بعد أن انهار تمامًا أمام فكرة فقدان ابنه الوحيد الذي لم يكمل نصف عام من عمره.

وقال شهود عيان إن المحامي الشاب لم يتحمل وقع كلمات الطبيب حين أكد له أن حالة ابنه “حرجة جدًا وتحتاج إلى تدخل فوري”، فسقط مغشيًا عليه داخل المستشفى وفارق الحياة في لحظتها، تاركًا زوجة شابة وطفلتين إحداهما تبلغ عامين فقط، والأخرى ما زالت بين الحياة والموت.

الطفل يعيش يومًا واحدًا فقط بعد وفاة أبيه

وفي مشهد مأساوي آخر لا يقل ألمًا عن الأول، تمكن الأطباء من إنعاش قلب الطفل بعد توقفه لعدة دقائق، ليعود إلى الحياة وسط دموع الأطباء والممرضين، إلا أن حالته بقيت حرجة، إذ تبين أنه يعاني من ارتشاح بالمخ ونزيف داخلي، وتم إيداعه غرفة العناية المركزة تحت رعاية طبية مشددة، لكن الأجل لم يمهله كثيرًا، فلحق بوالده بعد يوم واحد فقط، وكأن قلبه الصغير رفض أن ينبض دون والده.

جنازتان في يومين.. مشهد مؤلم يهز الإسكندرية

شهد مسجد العمري بمنطقة كرموز مشهدًا إنسانيًا مؤثرًا، إذ شيّعت جنازتا الأب والابن في يومين متتاليين وسط بكاء الحضور ودهشتهم من هول الموقف، حيث خرجت جموع المحامين وأصدقاء الراحل وأهالي المدينة لتوديع الشاب الذي كان معروفًا بخلقه وأدبه واجتهاده في عمله، فيما خيم الصمت على الوجوه والدموع على الأعين في لحظة وداع حزينة نادرة.

شهادات مؤثرة من زملاء الراحل

كتب عدد من أصدقاء المحامي الراحل كلمات وداع مؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، عبّروا فيها عن حزنهم العميق لفقد زميلهم الشاب، فقال أحدهم:”اللهم ارحم الصديق الخلوق أحمد محمد البرنس، الذي اختبر الله قلبه كأب بأقسى ما يمكن أن يمر به إنسان، فلم يحتمل فكرة فقدان فلذة كبده، فسبق ابنه إلى السماء”.

وقال آخر: “لحظات معدودة غيّرت مجرى حياة أسرة بأكملها، الطفل سقط من أعلى السرير، والأب حمله مهرولًا إلى المستشفى، وهناك سمع الطبيب يقول له: ابنك مات، فمات هو من الصدمة، قبل أن يُنعش الأطباء قلب الطفل الذي عاش يومًا واحدًا فقط ثم لحق بأبيه”.

نقابة المحامين تنعي زميلها الراحل

من جانبها، نعت نقابة المحامين في الإسكندرية الفقيد في بيان رسمي عبر صفحتها على “فيسبوك”، مؤكدة أنه كان مثالًا للمحامي المجتهد والمخلص في عمله، ودعت الله أن يتغمده برحمته الواسعة وأن يصبر أسرته على الفاجعة الكبيرة، كما قررت النقابة صرف إعانة عاجلة لأسرة الراحل الذي ترك زوجة وطفلة صغيرة في عامها الثاني.

وأكد محمد عبد الوهاب، عضو مجلس نقابة المحامين بالإسكندرية، أن زميله الراحل لم يستطع تحمّل الموقف الصعب حين تدهورت حالة نجله، مشيرًا إلى أن وفاته كانت نتيجة أزمة قلبية حادة بسبب الحزن الشديد والضغط النفسي، مضيفًا أن الطفل توفي بعد والده بيوم واحد فقط في مشهد أبكى الجميع.

قصة تراجيدية تهز القلوب وتفتح نقاشًا حول الضغوط النفسية

تلك الواقعة المؤلمة فتحت الباب واسعًا للحديث عن الضغوط النفسية والعاطفية التي قد تؤدي إلى الوفاة المفاجئة، خاصة عند الآباء والأمهات الذين يواجهون مواقف مأساوية تتعلق بأبنائهم، فقد أثبتت دراسات طبية أن الحزن الشديد والصدمة المفاجئة يمكن أن تسبب ما يعرف بـ”متلازمة القلب المنكسر”، وهي حالة تتشابه أعراضها مع النوبة القلبية وقد تكون قاتلة كما حدث مع المحامي الراحل.

الأطباء أوضحوا أن الصدمات النفسية قد تؤدي إلى اضطراب في ضربات القلب وانقباض مفاجئ في الشرايين، مما يتسبب في توقف عضلة القلب خلال لحظات، وهو ما يفسر الوفاة الفجائية التي تعرض لها المحامي الشاب بعد سماعه الخبر المؤلم عن نجله.

مأساة لن تنساها الإسكندرية

رحيل المحامي أحمد محمد البرنس وطفله الرضيع خلال 48 ساعة فقط ترك أثرًا بالغًا في نفوس زملائه وأصدقائه وجيرانه، الذين أكدوا أن الراحل كان طيب القلب، عطوفًا على أسرته، محبوبًا من الجميع، وأنه عاش حياة قصيرة لكنها مليئة بالعطاء والمحبة، وأن رحيله المأساوي سيظل محفورًا في ذاكرة المدينة لسنوات طويلة.

وفي الوقت الذي شيّع فيه الأهالي جثمان الأب والابن إلى مثواهما الأخير بمقابر العامود بكرموز، لم تجد الكلمات طريقها للتعبير عن الحزن، واكتفى الجميع بالدعاء لهما بالرحمة، ولزوجته بالصبر والثبات على هذا البلاء العظيم.

شاركها.