أكد وزير الاقتصاد والتخطيط التونسي، خلال لقاء مع قناة “الشرق”، تحول الاقتصاد التونسي نحو قطاعات واعدة، وعلى رأسها الاقتصاد الأخضر والطاقات المتجددة والتكنولوجيا. ويهدف هذا التحول إلى الاستفادة من الميزات التنافسية التي تتمتع بها تونس في هذه المجالات، وتعزيز الاستثمار البيني مع المملكة العربية السعودية. ويأتي هذا الإعلان في سياق الجهود التونسية لتنويع مصادر الدخل وجذب رؤوس الأموال الأجنبية المباشرة.

اللقاء الذي جرى مؤخرًا سلط الضوء على الفرص الكبيرة المتاحة لتطوير التعاون الاقتصادي بين البلدين، خاصة في ظل رؤية السعودية الطموحة للتنويع الاقتصادي. وتشمل هذه الفرص مشاريع مشتركة في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية الرقمية وتعزيز الابتكار في القطاع التكنولوجي. وتعتبر هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية تونس الأوسع نطاقًا لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام.

تونس والسعودية: آفاق جديدة للاستثمار البيني

تأتي تصريحات الوزير التونسي في وقت تسعى فيه تونس إلى تعزيز مكانتها كوجهة جاذبة للاستثمار الأجنبي، خاصة في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية. ويعتبر الاستثمار البيني مع السعودية، التي تمتلك خبرة كبيرة في مجالات الطاقة والتكنولوجيا، فرصة استراتيجية لتحقيق هذا الهدف. وتسعى تونس إلى الاستفادة من صندوق الاستثمار السعودي، الذي يهدف إلى دعم المشاريع الواعدة في المنطقة.

التركيز على الاقتصاد الأخضر والطاقات المتجددة

أكد الوزير التونسي على الأهمية القصوى التي توليها تونس لتطوير قطاع الاقتصاد الأخضر والطاقات المتجددة. وتتمتع تونس بإمكانيات هائلة في هذا المجال، بما في ذلك موقعها الجغرافي المتميز الذي يجعلها مثالية لإنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وتسعى الحكومة التونسية إلى جذب الاستثمارات الأجنبية لتطوير هذه الموارد وتنويع مصادر الطاقة.

بالإضافة إلى ذلك، تهدف تونس إلى تطوير صناعات جديدة تعتمد على الطاقة المتجددة، مثل إنتاج الهيدروجين الأخضر وتصنيع المعدات المتعلقة بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وتعتبر هذه الصناعات من بين القطاعات الواعدة التي يمكن أن تساهم في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام وخلق فرص عمل جديدة. وتشير التقديرات إلى أن الاستثمار في هذه القطاعات يمكن أن يخلق الآلاف من فرص العمل في السنوات القادمة.

تطوير القطاع التكنولوجي

يشكل القطاع التكنولوجي ركيزة أساسية في استراتيجية تونس للتنويع الاقتصادي. وتسعى الحكومة التونسية إلى تحويل تونس إلى مركز إقليمي للابتكار والتكنولوجيا، من خلال دعم الشركات الناشئة وتوفير بيئة مواتية للاستثمار في هذا المجال. وتشمل هذه البيئة المواتية تبسيط الإجراءات الإدارية وتوفير الحوافز الضريبية وتطوير البنية التحتية الرقمية.

وتعتبر تونس بالفعل وجهة جاذبة للشركات التكنولوجية الأجنبية، بفضل وجود قوة عاملة مؤهلة وتكاليف التشغيل المنخفضة. ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من الاستثمار في هذا المجال، خاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وتحليل البيانات. وتشير التقارير إلى أن حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاع التكنولوجي التونسي قد ازداد بنسبة ملحوظة في السنوات الأخيرة.

وفي سياق متصل، تعمل الحكومة التونسية على تطوير منظومة التعليم والتدريب لتلبية احتياجات سوق العمل المتغيرة. وتركز هذه المنظومة على تطوير المهارات الرقمية والتقنية لدى الشباب، لتمكينهم من المنافسة في سوق العمل العالمي. وتعتبر هذه الخطوة ضرورية لضمان استدامة النمو الاقتصادي في تونس.

في المقابل، تسعى السعودية أيضًا إلى تنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط، وتعتبر الاستثمارات في مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا من بين أولوياتها. وتشكل تونس شريكًا طبيعيًا للسعودية في هذا المجال، بفضل قربها الجغرافي وتكامل اقتصاداتها. وتشير البيانات إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين قد شهد زيادة ملحوظة في السنوات الأخيرة.

الاستثمار البيني بين تونس والسعودية لا يقتصر على القطاعات المذكورة أعلاه، بل يشمل أيضًا مجالات أخرى مثل السياحة والعقارات والخدمات المالية. وتسعى الحكومتان إلى تعزيز التعاون في هذه المجالات من خلال توقيع اتفاقيات شراكة وتنظيم فعاليات مشتركة. وتعتبر السياحة من بين القطاعات الرئيسية في الاقتصاد التونسي، وتأمل تونس في جذب المزيد من السياح السعوديين.

ومع ذلك، لا تزال هناك بعض التحديات التي تواجه تطوير الاستثمار البيني بين البلدين، مثل الإجراءات الإدارية المعقدة والقيود التنظيمية. وتعمل الحكومتان على معالجة هذه التحديات من خلال تبسيط الإجراءات وتسهيل حركة رؤوس الأموال. وتشير التوقعات إلى أن حجم الاستثمارات السعودية في تونس قد يزداد بشكل كبير في السنوات القادمة.

من المتوقع أن تعقد اجتماعات مشتركة بين مسؤولين تونسيين وسعوديين في الأشهر القادمة لمناقشة تفاصيل المشاريع الاستثمارية المقترحة وتحديد آليات التمويل. كما من المتوقع أن يتم الإعلان عن حزمة من الحوافز الاستثمارية لجذب المزيد من الشركات السعودية إلى تونس. وتعتمد سرعة تنفيذ هذه المشاريع على عدة عوامل، بما في ذلك الاستقرار السياسي والاقتصادي في تونس والظروف الاقتصادية العالمية. وسيظل الوضع الاقتصادي التونسي والتقدم في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة نقطة مراقبة رئيسية.

شاركها.