تستهدف السعودية تجاوز الصين في سباق خفض تكاليف تخزين الطاقة بالبطاريات العام المقبل لتكون بذلك البلد الأكثر تنافسيةً في العالم بهذا المجال.

وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، كشف خلال جلسة حوارية في مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار” بعنوان “تعزيز تنافسية الاقتصاد في قطاع الطاقة”، اليوم الثلاثاء، أن تكلفة المشاريع ذات السعة التخزينية لأربع ساعات تبلغ حوالي 409 دولارات لكل كيلوواط في السعودية، أي أقل بنسبة 77% مُقارنة بألمانياً، بينما تقترب من الصين التي تصل تكلفتها إلى 404 دولاراً.

تضخ السعودية استثمارات ضخمة في مشاريع الطاقة النظيفة وأنظمة التخزين الحديثة، جنباً إلى جنب مع التوسع في مشاريع الطاقة التقليدية، ساعيةً لتحقيق مستهدفها بتوليد نصف احتياجاتها من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2030. 

تخزين الطاقة بالبطاريات في السعودية

تُكثف المملكة من مشاريع الطاقة المتجددة والتخزين بالبطاريات إضافة إلى أتمتة شبكة التوزيع بهدف زيادة القدرة الإنتاجية للطاقة الضرورية للاقتصاد الجديد، وفقاً للوزير الأمير عبد العزيز بن سلمان.

تبلغ المشاريع التي طرحتها المملكة في تخزين الطاقة عبر البطاريات نحو 30 جيغاواط/ساعة، منها 8 جيغاواط متصلة، والباقي قيد التطوير. كما زادت القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة إلى 64 جيغاواط خلال العام الجاري، مقابل 3 جيغاواط قبل خمس سنوات، ما يعكس التزام المملكة بتوسيع البنية التحتية للطاقة، وتسريع الانتقال إلى اقتصاد منخفض الانبعاثات ومستدام.

اقرأ أيضاً: البطاريات الضخمة تحدث نقلة نوعية في شبكات الكهرباء عالمياً

تأي هذه مشاريع البطاريات في وقت تواجه في شبكات الطاقة حول العالم تحدياً كبيراً في توفير كميات هائلة من البطاريات لتخزين الفائض من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بما يُتيح استخدامها على مدار الساعة.

السعودية توفر سعر تنافسي للغاز الطبيعي

على مستوى الغاز الطبيعي، قال الوزير السعودي إن بلاده تتفوق عالمياً في تنافسية سلاسل التوريد، ما يمنحها ميزة لدعم اقتصاد المستقبل وتعزيز مكانتها في أسواق الطاقة العالمية.

من المرتقب أن تقفز القدرة الإنتاجية للغاز لدى السعودية بنسبة 63% بحلول 2030 لتبلغ 21.3 مليار قدم مكعب يومياً، ويعد حقل “الجافورة” جزءاً أساسياً من استراتيجية السعودية لتنويع صادراتها من الطاقة بعيداً عن النفط، وقد جرى الإعلان اليوم الثلاثاء عن إتمام صفقة بـ11 مليار دولار بين “أرامكو” و”بلاك روك” بهذا الشأن.

اقرأ التفاصيل: إتمام صفقة بـ11 مليار دولار بين أرامكو و”بلاك روك” خلال مبادرة مستقبل الاستثمار

تُشير بيانات عام 2025 إلى أن سعر الغاز الطبيعي في السعودية يبلغ 2.15 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وهو الأدنى عالمياً مُقارنةً بمناطق أخرى مثل الاتحاد الأوروبي (12.74 دولار)، اليابان (12.28 دولار)، والمملكة المتحدة (12.05 دولار).

وزير الطاقة السعودي لفت إلى أن “الأسعار تتراوح في الصين بين 8 و10.3 دولارات، وفي الهند 7.15 دولارات، بينما تسجل الولايات المتحدة 4.31 دولار، ويعكس هذا الفارق الكبير الميزة التنافسية للمملكة في تكلفة إنتاج وتوريد الغاز”.

“الأسعار المنخفضة تسهم في تعزيز تنافسية عدة قطاعات، منها توليد الطاقة الحرارية بأسعار أقل وأكثر كفاءة، وإنتاج الهيدروجين والأمونيا المعتمدة على الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى الصناعات التحويلية التي تستفيد من وفرة الطاقة منخفضة التكلفة لتحسين الإنتاجية وتقليل التكاليف التشغيلية”، بحسب الوزير.

الهيدروجين النظيف والطاقة النووية في السعودية

تتوسع المملكة أيضاً في مجالات الهيدروجين النظيف والوقود البديل والطاقة النووية، بهدف تحفيز النمو الاقتصادي الجديد ودعم تحول الطاقة نحو مصادر أكثر استدامة.

في هذا الصدد، كشف وزير الطاقة السعودي أن “استراتيجية بلاده تركز على إنتاج الهيدروجين النظيف بأسعار تنافسية سواء من الطاقة المتجددة منخفضة التكلفة أو الغاز الطبيعي منخفض الكلفة، بهدف جعل المملكة لاعباً رئيسياً في سوق الهيدروجين العالمي”.

اقرأ أيضاً: بين الذكاء الاصطناعي والهيدروجين الأخضر.. كيف يوازن العرب أولويات توجيه الطاقة؟

وفي مجال الوقود الصناعي والبديل، تسعى المملكة لتعزيز موقعها التنافسي باستخدام الهيدروجين النظيف لإنتاج وقود اصطناعي منخفض الكربون، واستغلال الموارد المحلية لإنتاج أنواع جديدة من الوقود البديل.

أما في الطاقة النووية، فتشمل خطط السعودية إنشاء أول محطة نووية كبيرة لإنتاج الكهرباء، وتطوير البنية التحتية والتقنيات المرتبطة، إلى جانب استكشاف المفاعلات النووية الصغيرة المعيارية كخيار مستقبلي لتوليد الطاقة والحرارة بكفاءة وأمان.

تعمل المملكة على هذا المشروع بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بهدف تحقيق أهدافها المتمثلة في تنويع مزيج الطاقة وتعزيز الإمدادات النظيفة وتحقيق التنمية المستدامة.  ويأتي هذا التوجه ضمن رؤية شاملة لتنويع مزيج الطاقة وتعزيز موقع المملكة الريادي في تقنيات الطاقة النظيفة على المستويين الإقليمي والعالمي.

اقرأ أيضاً: أول محطة نووية في السعودية ستعزز التنمية المستدامة وتنويع مزيج الطاقة

تطوير أسواق الكربون في السعودية

تعمل السعودية على تطوير أسواق كربون لتكون صديقة للمستثمرين لدعم اقتصاد منخفض الانبعاثات. قال الأمير عبد العزيز إن “الأسواق ليست مجرد منصة للتداول، بل منظومة متكاملة تضم آلية الائتمان الطوعي للكربون، وشهادات الطاقة المتجددة، وأدوات الامتثال، وأنظمة شفافية البيانات التي تشكل العمود الفقري للمنظومة”.

وأشار إلى أن الهدف من هذه المنظومة هو بناء سوق أكثر استدامةً من خلال اعتبار النزاهة أولوية أساسية، وزيادة الربحية عبر تقاسم الاعتمادات الكربونية، وتوفير بيئة تنظيمية مستقرة وطويلة الأمد تعزز ثقة المستثمرين.

في نوفمبر من العام الماضي، دشنت السعودية سوقاً طوعية لتداول أرصدة الكربون، وتستهدف المملكة أن تصبح إحدى أكبر أسواق الكربون الطوعية في العالم بحلول 2030، حيث سيشمل مزادها الأول أرصدة من مشاريع مناخية في دول مثل بنغلاديش والبرازيل وإثيوبيا وماليزيا وباكستان وفيتنام.

شاركها.