قال وزير الاقتصاد اللبناني عامر البساط إن الإصلاح الاقتصادي والأمني قد يرفع الناتج المحلي لبلاده إلى 100 مليار دولار خلال ست سنوات، وأشار إلى أن وجود سلاح خارج إطار الدولة يُشكّل عائقاً أمام النمو الاقتصادي وإعادة الإعمار.
البساط، أشار ضمن مقابلة مع “اندبندنت عربية” إلى أن “تنفيذ شرطي الإصلاح الاقتصادي والأمني وقيام دولة طبيعية، لن يضاعفا فقط حجم الاقتصاد، بل يمكن أن يرفعا الناتج المحلي خلال ستة أعوام من 30 مليار دولار إلى 100 مليار دولار”.
الوزير أقر بأن الوضع الاقتصادي في لبنان ما زال “غير طبيعياً” بعد ست سنوات من الأزمات المتلاحقة، بدءاً من الأزمة المالية الكبيرة مروراً بجائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت وصولاً إلى الحرب بين إسرائيل و”حزب الله”. ورغم قتامة الصورة، أبدى البساط تفاؤله بوجود “فسحة أمل”، مشيراً إلى أن البلاد قادرة على اجتذاب تدفقات مالية جديدة وعودة السياحة في حال إعادة الوضع إلى طبيعته، وقال إن “العام الجاري قد يكون الأفضل من 2011”.
جولة سادسة مع صندوق النقد الدولي
وفي ما يتعلق بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، أوضح البساط أن لبنان قطع حتى الآن خمس جولات تفاوضية مع الصندوق، ويستعد للجولة السادسة الأسبوع المقبل، مشيراً إلى أن العوائق التي تواجه هذه العملية “تقنية أكثر منها سياسية”. وأشار إلى أن جوهر الخلاف يتمحور حول القطاع المصرفي والقطاعات الهيكلية وشؤون مالية ونقدية وملف الكهرباء.
ويرى الوزير أن “الاتفاق مع صندوق النقد الدولي قد يفتح الباب ويعيد ثقة الدول في لبنان”.
يواجه لبنان على مدى سنوات أزمة اقتصادية، وقد تخلف عن سداد سندات دولية بقيمة نحو 30 مليار دولار في عام 2020. وقد فاقمت الحرب التي اندلعت بين جماعة حزب الله وإسرائيل في العام الماضي الوضع، وأسفرت عن تدمير العديد من أجزاء البلاد خاصة الجنوب، وتسببت في وقوع خسائر وأضرار تقدر بنحو 14 مليار دولار، حسب تقديرات البنك الدولي.
قد يهمك: كيف سينفق لبنان 250 مليون دولار على إعادة الإعمار؟
من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد إنتاجي
وفي ما يخص رؤية الحكومة للإصلاحات، أوضح الوزير أن الخطة تهدف إلى الانتقال من اقتصاد ريعي يعتمد على الاستهلاك والدَّين والاستيراد، إلى اقتصاد إنتاجي قائم على الاستثمار، معتبراً أن “العقل” هو رأس المال الأساسي الذي يملكه لبنان.
اقرأ أيضاً.. وزير الاقتصاد اللبناني لـ”الشرق”: هذه خطتنا للإصلاح ولا رجعة عنها
ضمن الإجراءات القصيرة المدى، لفت البساط إلى أن الوزارة أنجزت أتمتة 70% من معاملاتها مع خطة للوصول إلى 100% خلال عام. كما شدّد الوزير على أن الفساد وسوء الإدارة يظلان في صلب الأزمة، وأن “إعادة بناء الدولة” أولوية قصوى، من خلال تعبئة الوظائف الشاغرة وتشكيل الهيئات الناظمة ومراجعة التشريعات ورفع الرواتب بما يتناسب مع الواقع المعيشي.
خطة إعادة أموال المودعين
وبخصوص موضوع الودائع، رفض وزير الاقتصاد ما يروج عن غياب خطة واضحة لإعادة هيكلة المصارف، وأشار إلى ثلاث خطوات حددتها الحكومة منذ اليوم الأول وأنجزت الأولى المتمثلة برفع السرية المصرفية، ووضعت ثانياً قانون إعادة هيكلة المصارف في مجلس النواب، والعمل مستمر لإقرار الخطوة الثالثة وهي الأصعب بحسبه، عبر تحديد الفجوة المالية أو ما يسمى بإعادة التوازن المالي، وإيجاد حل عادل لمشكلة المودعين وإعادة هيكلة المصارف.
يمثل الحفاظ على أموال المودعين خطوة أساسية ضمن المساعي الرامية إلى كسر الجمود المرتبط بالإصلاحات المطلوبة للحصول على تمويل جديد من صندوق النقد الدولي، بما يسهم في انتشال البلاد من إحدى أسوأ الأزمات المالية في العالم. ومع ذلك، يواجه المسؤولون منذ سنوات تحديات كبيرة في التوصل إلى اتفاق، في ظل رفض البنوك المحلية تحمل الجزء الأكبر من الخسائر أو القبول بعمليات دمج قسري.
اقرأ التفاصيل: بنوك لبنان تبحث عن مستشار لمفاوضة “المركزي” على 80 مليار دولار
وأكد على أن “المودع سيستعيد أمواله وبأن الالتزام ثابت بهذا الأمر، بالتوازي مع إعادة هيكلة المصارف لأنه لا يمكن أن يتحقق أي نمو من دون قطاع مصرفي سليم”.
البساط شدد على الحكومة لديها قناعة باعتماد “مبدأ توزيع الخسائر بين الدولة ومصرف لبنان والمصارف، لكن من دون أن تؤدي هذه الخطوة إلى خسارة الدولة أو المصرف المركزي أو إقفال القطاع المصرفي”.