قال وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، فيصل الإبراهيم، إن اعتماد المملكة المباشر وغير المباشر على النفط تراجع من أكثر من 90% إلى 68%، في حين تمثل الأنشطة غير النفطية اليوم 56% من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي– وهي نسبة تفوق الأنشطة النفطية والحكومية مجتمعةً. 

وأضاف خلال مشاركته اليوم الجمعة في جلسة بمنتدى “حوار برلين العالمي” إن السعودية “لا تزال في بداية التحول، لكن الأرقام تُشير إلى اقتصاد أكثر مرونة واستدامة، تقوده الإنتاجية لا الإنفاق”.

رفعت السعودية توقعات نمو اقتصادها للعام المقبل إلى 4.6% بدلاً من 3.5% في تقديرات سابقة، مدفوعاً بشكلٍ أساسي بالنمو المتوقع للناتج المحلي للأنشطة غير النفطية، وفقاً للبيان التمهيدي لميزانية عام 2026 الصادر عن وزارة المالية مطلع هذا الشهر.

ويرى الإبراهيم أن العالم يمر بمرحلة انتقال طويلة نحو التعددية القطبية، مشيراً إلى أنها فترة تتسم بالتقلبات لكنها أيضاً تزخر بفرص يتعين على الدول اقتناصها عبر بناء القدرات الذاتية وتعزيز الكفاءة المؤسسية.

“قوة الدول لا تنبع فقط من مواردها، بل من قدرتها على استثمار هذه الإمكانات وبناء مؤسسات فاعلة، وتوجيه السياسات العامة بكفاءة”، وفق الإبراهيم. وأضاف: “التعامل الجاد مع الشركاء الدوليين ضروري لصياغة نظام عالمي أكثر استقراراً”.

دور الدولة في السعودية… تدخل محسوب لا بديل عن السوق

يرى الوزير السعودي أن دور الدولة في الاقتصاد لا ينبغي أن يُفهم على أنه غياب تام، مُشدداً على أهمية “التدخل المحسوب في إزالة المخاطر التي تعترض القطاع الخاص”، لكنه أشار إلى أن هذا التدخل يجب أن يكون أداة للتوازن وليس بديلاً عن التنافسية أو ديناميكية السوق.

وأضاف أن المشكلة ليست في نقص رأس المال عالمياً، بل في ضعف التنسيق المؤسسي، معتبراً أن الحديث عن “فجوة تمويلية” مبالغ فيه، لأن ما ينقص هو كفاءة استخدام الأموال وليس حجمها.

اقرأ أيضاً: الفالح: الاستثمارات في السعودية حققت في 2024 هدف “رؤية 2030”

 المملكة بين واشنطن وبكين

وفي ما يتعلق بالتحالفات الدولية، قال الإبراهيم إن الولايات المتحدة هي أقدم شريك تجاري للمملكة منذ نحو تسعة عقود، فيما تُعدّ الصين اليوم أكبر شريك تجاري، مشدداً على أن “السعودية تحلل مصالحها الاقتصادية وتتخذ قرارات تخدم إمكاناتها على المدى الطويل، مع الحفاظ على شراكات استراتيجية متوازنة”.

ورداً على سؤال بشأن تداعيات العقوبات الأميركية على صادرات النفط الروسي، قال الإبراهيم إن السعودية تركز على “استقرار الأسواق على المدى الطويل وضمان تلبية الطلب العالمي”، مشيراً إلى أن المملكة “تعمل حالياً على إلغاء بعض الخفض الطوعي في الإنتاج في إطار جهود تحقيق توازن مستدام”.

واعتبر أن التحول في السعودية ليس مجرد “اغتنام فرص آنية”، بل عملية مؤسسية بدأت منذ أكثر من ثماني سنوات، تقوم على تقييم السياسات بعد تنفيذها والانفتاح على الآراء المختلفة.

وقال: “أي مواطن يستطيع اليوم أن يطرح فكرة، ويجب على أحد المسؤولين أن يناقشه فيها”.

وعن رؤيته للعالم بعد عام، قال: “آمل أن تتراجع حالة عدم اليقين، وأن نعود إلى نظام عالمي قائم على القواعد، حتى لو تغيّرت هذه القواعد قليلاً. المهم أن تفضي الحوارات إلى نتائج ملموسة، لا أن تظل بيانات فقط”.

شاركها.