يسعى وزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي إلى توحيد أسعار الطاقة عبر الدول الأعضاء، ومعالجة التفاوتات الكبيرة التي تجعل بعض الدول تدفع أسعارًا أعلى بنحو سبعة أضعاف مقارنة بأخرى. يأتي هذا الجهد في ظل ارتفاع كبير في أسعار الطاقة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، على الرغم من الإجراءات التي اتخذها الاتحاد الأوروبي لتقليل اعتماده على الطاقة الروسية. وتعتبر قضية أسعار الطاقة من القضايا الملحة التي تؤثر على اقتصادات دول الاتحاد ومواطنيه.

شهدت دول مثل جمهورية التشيك والدنمارك وليتوانيا ورومانيا ارتفاعًا في الأسعار بنسبة 87٪ في المتوسط، بينما ارتفعت فواتير الغاز في بلجيكا بنحو 100٪، وفقًا لبيانات حديثة. ومع ذلك، تمكنت الدول الأعضاء التي تعتمد على الطاقة المتجددة، مثل البرتغال وإسبانيا، أو التي لديها حصة كبيرة من الطاقة النووية، مثل فرنسا، من التخفيف من حدة الارتفاع في أسعار الجملة وفواتير المستهلكين بشكل أفضل.

تفاوتات كبيرة في أسعار الطاقة بين دول الاتحاد الأوروبي

تظهر الفروق في أسعار الغاز الطبيعي بشكل أكبر. حيث تدفع السويد وهولندا والدنمارك أعلى الأسعار، بينما تدفع المجر وكرواتيا ورومانيا أقل الأسعار بين دول الاتحاد الأوروبي. ويصل الفارق بين السويد والمجر إلى سبعة أضعاف، مما يبرز الحاجة إلى تدخل عاجل.

صرح مفوض الطاقة، دان يورغنسن، بأنه “يجب علينا إزالة الكربون من طاقتنا مع خفض أسعار الطاقة في الوقت نفسه”. وأكد على أهمية العمل المشترك لمواجهة هذه التحديات.

من جانبه، قال وزير الطاقة والتجارة والصناعة القبرصي، مايكل داميانوس، إن حزمة شبكات الاتحاد الأوروبي التي قدمتها المفوضية الأوروبية مؤخرًا “ضرورية” لخفض أسعار الطاقة في جميع أنحاء الكتلة. وأضاف أن “خفض أسعار الطاقة لشعبنا أمر حيوي، ونعتقد أن هذا هو جوهر القدرة التنافسية. لقد أظهرت أزمة الطاقة أننا بحاجة إلى التصرف بشكل جماعي ككتلة واحدة في كل ما نقوم به”.

تحليل معهد الدراسات الأمنية

يشير تحليل حديث صادر عن معهد الدراسات الأمنية (ISS) إلى أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يضاعف جهوده في مجال كهربة الاقتصاد وتوليد الطاقة محليًا. ويعتبر هذا التحليل أن هذه الخطوة هي “الترياق الأكثر فعالية للتدخل الروسي في نظام الطاقة”.

تتبع حاليًا وزراء الطاقة التوجيهات التي وضعتها المفوضية الأوروبية. وقد حددت المفوضية أوجه القصور في الربط البيني للشبكات، والترخيص البطيء، والتخطيط الوطني المجزأ، والاستثمار غير المتكافئ كعوائق كبيرة أمام القدرة التنافسية والحفاظ على ارتفاع أسعار الطاقة، وفقًا لوثيقة مسربة اطلعت عليها وكالة يورونيوز.

ومع ذلك، فإن مهمة تثبيت أسعار الطاقة بشكل فعال عبر الكتلة تعتبر صعبة، حيث أن سياسة الطاقة هي من اختصاص الدول الأعضاء وتطبق الضرائب بشكل مختلف في جميع أنحاء الدول.

من المتوقع أن يفتح مشرعو الاتحاد الأوروبي قريبًا مفاوضات لمراجعة قانون تصميم سوق الكهرباء، بعد اقتراح المفوضية الأوروبية الأخير لتبسيط التشريعات البيئية. وتسعى المفوضية الأوروبية إلى تسريع إجراءات الترخيص لمشاريع الطاقة المتجددة لزيادة حصة الطاقة النظيفة في الشبكة.

عقود ثنائية الاتجاه قد تحدث فرقًا

اقترحت المفوضية أن الإجراءات على المستوى الوطني في المجالات الرئيسية يمكن أن تكون حاسمة في معالجة مستويات الأسعار. وتشمل المبادرات التي تم طرحها رسوم شبكة فعالة واستثمارات شبكية استباقية.

تشمل الاحتمالات الأخرى اعتماد عقود الفرق ثنائية الاتجاه، وهي آلية مالية، يتم فرضها بشكل متزايد في الاتحاد الأوروبي للاستثمارات الجديدة في الطاقة المتجددة والنووية، واتصالات الشبكة، أو ضرائب الطاقة، وفقًا للوثيقة.

وافقت المفوضية مؤخرًا على بناء وتشغيل أول محطة طاقة نووية في بولندا، والتي ستعمل بموجب عقود الفرق ثنائية الاتجاه، وهي طريقة تستخدم بشكل متزايد وتشجعها الاتحاد الأوروبي لمشاريع الطاقة المتجددة. ويهدف هذا النظام إلى توفير إيرادات مستقرة للمحطة النووية على مدى 40 عامًا.

وأوضحت المفوضية الأوروبية أن “الدولة البولندية ستدفع لمُنتج الطاقة إذا انخفضت أسعار السوق عن سعر الإضراب الذي سيتم تحديده وفقًا لمنهجية واضحة راجعتها المفوضية. وإذا تجاوزت أسعار السوق هذا السعر الإضرابي، فسوف يدفع مُنتج الطاقة الفرق للدولة البولندية”.

في الختام، يواجه الاتحاد الأوروبي مهمة معقدة لتوحيد أسعار الطاقة وتقليل التفاوتات بين الدول الأعضاء. من المتوقع أن تستمر المناقشات حول قانون تصميم سوق الكهرباء في الأشهر المقبلة، مع التركيز على تسريع إجراءات الترخيص لمشاريع الطاقة المتجددة وتشجيع استخدام عقود الفرق ثنائية الاتجاه. يبقى التحدي الأكبر هو التغلب على الاختلافات في سياسات الطاقة الوطنية والضرائب لتحقيق هدف الاستقرار في أسعار الطاقة وتعزيز القدرة التنافسية في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.

شاركها.