أصدرت النيابة العامة في هندوراس مذكرة اعتقال جديدة بحق الرئيس السابق خوان أورلاندو هيرنانديز، وذلك بعد أيام من إطلاق سراحه من سجن أمريكي بفضل عفو أصدره الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. وتتعلق مذكرة الاعتقال هذه بتهم الاحتيال وغسيل الأموال، مما يجدد التدقيق في فترة رئاسة هيرنانديز ويضعها مرة أخرى في دائرة الضوء. يأتي هذا الإجراء في سياق جهود مستمرة لمكافحة الفساد والجرائم المالية في هندوراس.
الطلب بتوقيف هيرنانديز وتجدد تهم الاحتيال وغسيل الأموال
أعلن المدعي العام لهندوراس، خواكين أنطونيو زيلايا ألفاريز، يوم الاثنين أنه أمر السلطات المحلية والإنتربول بتنفيذ مذكرة الاعتقال الصادرة في عام 2023 ضد هيرنانديز. تعود هذه المذكرة إلى اتهامات تتعلق بـ”قضية باندورا”، وهي قضية فساد واسعة النطاق تتضمن اتهامات بتحويل الأموال العامة من خلال شبكة من المنظمات غير الحكومية إلى أحزاب سياسية، بما في ذلك حملة هيرنانديز الرئاسية عام 2013، وفقًا لتقارير وكالة الأسوشيتد برس.
وكان هيرنانديز قد حُكم عليه في عام 2024 بالسجن لمدة 45 عامًا في الولايات المتحدة بتهمة التآمر لتهريب كميات كبيرة من المخدرات، خاصة الكوكايين، إلى البلاد. وعلى الرغم من هذا الحكم، أُطلق سراحه بعد أن منح الرئيس ترامب عفوًا “كاملاً وشاملاً” له، معتبراً أن تعامله كان “قاسيًا وظالمًا”.
ردود الفعل على العفو ومزاعم التسييس
أثارت هذه الخطوة جدلاً واسعًا في هندوراس والولايات المتحدة. وقال محامي هيرنانديز، ريناتو ستابيل، في رسالة بريد إلكتروني إلى وكالة الأسوشيتد برس، إن هذا الإجراء يمثل محاولة سياسية من قبل حزب “ليبره” المهزوم (LIBRE) لتخويف الرئيس هيرنانديز في ظل تراجع شعبيته. وأضاف أن هذه الاتهامات “لا أساس لها من الصحة” وأنها مجرد “مسرحية سياسية يائسة”.
في المقابل، يرى البعض أن العفو الصادر عن ترامب يمثل ضربة لجهود مكافحة تهريب المخدرات والفساد في المنطقة. ويشيرون إلى أن هيرنانديز كان حليفًا للولايات المتحدة في مكافحة المخدرات، لكنه سرعان ما أصبح هدفًا لطلب تسليمه بعد تركه منصبه في عام 2022. وقد قامت بتسليمه الحكومة الحالية بقيادة الرئيسة شيومارا كاسترو، المنتمية إلى حزب “ليبره”.
الخلفية القانونية وتطورات القضية
أظهرت الأدلة المقدمة في المحكمة الأمريكية أن هيرنانديز لم يكن مجرد حليف في مكافحة تهريب المخدرات، بل كان متورطًا في حماية شبكات المخدرات مقابل رشاوى. وقالت هيئة المحلفين إنه استخدم “مهارات تمثيلية كبيرة” لإظهار نفسه كقائد في مواجهة تجارة المخدرات، بينما كان في الواقع يوفر الحماية لعمليات التهريب. وتشير التقديرات إلى أن كميات الكوكايين التي تم تهريبها إلى الولايات المتحدة بتواطؤه تجاوزت 400 طن.
تأتي مذكرة الاعتقال الجديدة في أعقاب إفراج هيرنانديز عن السجن الأمريكي، وتستند إلى الأدلة التي جمعتها النيابة العامة في هندوراس. وتشمل هذه الأدلة وثائق مالية وشهادات شهود تربط هيرنانديز بشبكات فساد وغسيل أموال. وتسعى النيابة العامة إلى محاكمته في هندوراس بتهم مماثلة لتلك التي أدين بها في الولايات المتحدة.
تعتبر قضية هيرنانديز رمزًا للتحديات التي تواجهها هندوراس في مكافحة الفساد والجريمة المنظمة. وتشير إلى أن جهود مكافحة الفساد يجب أن تكون شاملة ومستدامة، وأنها تتطلب تعاونًا دوليًا قويًا. كما تسلط الضوء على أهمية استقلالية القضاء والنيابة العامة في ضمان تحقيق العدالة.
من المتوقع أن تتخذ السلطات الهندية إجراءات لتنفيذ مذكرة الاعتقال الصادرة عن الإنتربول، ولكن قد تواجه بعض الصعوبات القانونية والسياسية. من غير الواضح حتى الآن ما إذا كان هيرنانديز سيتعاون مع السلطات أو سيطعن في مذكرة الاعتقال. وستراقب الأوساط القانونية والسياسية في هندوراس والولايات المتحدة تطورات هذه القضية عن كثب.






