منذ أن تطأ قدماك عاصمة تايلند، ستدرك أن بانكوك ليست مجرد مدينة، بل هي عالم بديع يجمع بين الأصالة والحداثة بشكل يجعلك تتأكد أنك لم تخطئ اختيارك لها ضمن وجهاتك السياحية، فهي مدينة السحر والجمال التي لا تنام.

وقد حفرت تايلند لنفسها مكانا في خريطة السياحة العالمية خلال السنوات الأخيرة، حيث تشير بيانات العام الماضي إلى أنها استقبلت نحو 35 مليون سائح، أي ما يعادل نصف سكانها.

فالمملكة الواقعة في جنوب آسيا يبلغ عدد سكانها نحو 72 مليون نسمة، يعيش 11 مليونا منهم في بانكوك العاصمة، أكبر مدن البلاد وأشهرها.

وعندما تخرج من مطار بانكوك ستشعر ببعض الرطوبة كما هو الحال في تلك المنطقة من العالم، لكن الأمر لن يصل إلى حدّ يُفسد عليك متعة الرحلة، وخصوصا إذا هطلت الأمطار، وكثيرا ما تفعل حتى خارج نطاق الأشهر الخمسة التي يهطل فيها المطر بغزارة من يونيو/حزيران إلى أكتوبر/تشرين الأول.

الطريق من المطار إلى المدينة يستغرق نصف ساعة، يمكنك أن تشاهد خلالها جانبا من الخضرة التي تكسو مناطق واسعة في البلاد، قبل أن تبدأ أبراج بانكوك وبنايتها العالية تتراءى لك كلما اقتربت منها رويدا رويدا.

تمتلئ بانكوك عاصمة تايلند بالمباني ذات المعمار الجذاب (الجزيرة)

معابد وتماثيل

عندما تخطو أولى خطواتك داخل المدينة تشعر سريعا وكأنك في عالم ساحر غريب، يجمع بين المعمار القديم الذي يظهر خصوصا في المعابد التقليدية، والمعمار الحديث سواء في الأبراج وناطحات السحاب أو في مراكز التسوّق العديدة.

وفي بلد يُدين غالبية سكانه بالبوذية، لا بد أن فضولك سيدفعك إلى زيارة بعض المعابد التي تنتشر في عدة أماكن بالعاصمة، علما بأنك لن تحتاج إلى تلك الزيارة كي ترى تماثيل بوذا حيث تنتشر في كل مكان وبمختلف الأحجام.

وعندما تزور القصر الملكي الكبير الذي يُعَد من أبرز معالم العاصمة، ستجد داخله الكثير من المباني ذات المعمار الأخّاذ، كما سترى أيضا الكثير من التماثيل المرتبطة بالديانة البوذية، والتي تبدو مصنوعة من الذهب أو على الأقل مغطاة به.

ومع سطوع الشمس سيخطف اللون الذهبي وانعكاساته ناظريك، مقدما لوحة من المتعة والإبهار بجمال المعمار وروعة التصميم.

داخل القصر ستجد تمثال بوذا الذهبي الضخم الذي يتجاوز طوله 40 مترا، وعلى مقربة من القصر ستجد معبد بوذا الزمردي وكذلك معبد الفجر، وكلها ليست مجرد تماثيل وأبنية بالنسبة للبوذيين بل هي أقرب إلى مراكز روحية نابضة بالحياة، حيث يمكن مشاهدة الرهبان والسكان وهم يؤدون طقوسهم التعبدية.

وأنت في وسط المدينة، يجب أن تستغل الفرصة للذهاب إلى معبد الجبل الذهبي الذي يبعد نحو 10 دقائق فقط سيرا على الأقدام من القصر الملكي، وستستمتع بتجربة الصعود إلى ذلك المعبد المقام فوق تلة صناعية، مرورا بمزيج رائع من الأشجار ونافورات المياه والأجراس.

 

تماثيل بوذا في كل مكان - بانكوك عاصمة تايلند/ تصوير أنس زكي - الجزيرة نت
تماثيل بوذا في كل مكان (الجزيرة)

أسواق نابضة بالحياة

ولأن التسوّق جزء أصيل من أغراض السياحة ومتعتها، فإن بانكوك تُمثّل لك فرصة كبيرة في هذا الشأن، شرط أن تكون على دراية بما تُريد شراءه وبمكان الشراء.

فالعاصمة التايلندية مثلها مثل بقية العواصم العالمية والمدن الكبرى، ستجد فيها مراكز تسوق فخمة ذات أسعار باهظة غالبا، كما ستجد أيضا مراكز وأسواقا للتسوق بأسعار مناسبة.

فبعد أن تستمتع بالنزهة وربما شراء بعض المنتجات الأصلية في مراكز تسوق مثل سيام وسنترال وورلد، يمكنك التوجّه إلى مركز إم بي كيه، حيث البضائع المقلّدة رخيصة الثمن.

وفي مجال التسوّق أيضا لا تفوتك تجربة أسواق شعبية ضخمة مثل تشاتوشاك، والسوق الصيني، فضلا عن عدة أسواق ليلية يعمل بعضها حتى الصباح.

أحد الأسواق الليلية في بانكوك عاصمة تايلند/ تصوير أنس زكي - الجزيرة نت
أحد الأسواق الليلية في بانكوك (الجزيرة)

السياحة العلاجية

في السنوات الأخيرة زادت شهرة العاصمة التايلندية بانكوك في مجال السياحة العلاجية، فبعد أن كان البعض يحرص على استغلال الزيارة لشراء أعشاب وأدوية تقليدية، اتسع المجال أيضا للتداوي الحديث عبر سلسلة من المستشفيات الضخمة التي تتمتع بإمكانيات كبيرة، وباتت تجذب الكثير من المرضى من أنحاء العالم، خصوصا من منطقة الخليج العربي.

تجربة الطعام

وإذا كُنتَ عزيزي القارئ من محبي تجربة الأكلات غير المعتادة في بلادك، فستجد بغيتك في تايلند عبر أطعمة تفوح رائحتها من بُعد وتغلب عليها التوابل، أما إذا كُنت من الفئة التي لا تحب التغيير فستجد ما تريد أيضا، ويكفي أن تسكن في فندق بالمنطقة التي تشتهر باسم شارع العرب، لتجد نفسك وسط محلات ومطاعم تقدم لك ما اعتدتَ عليه من طعام وبمذاقاته المختلفة، وفي مقدمتها اليمني والخليجي والمصري والشامي.

أما إن كُنتَ من محبي الفاكهة، فأنت سعيد الحظ بزيارة تايلند، ويمكنك أن تجد من أصناف المانجو ما لم تجد لها مثيلا في حلاوة المذاق، فضلا عن فواكه أخرى مثل البابايا والأناناس والجوافة.

أما الدوريان، تلك الفاكهة الشهيرة في آسيا، والتي تتميز برائحة نفاذة لن تروق لك غالبا إذا كنت قادما من بلد عربي، أما طعمها فقد يعجبك وقد لا يعجبك، ونترك الأمر لتجربتك الخاصة.

الدوريان من أشهر الفواكه في تايلند / تصوير أنس زكي - الجزيرة
الدوريان من أشهر الفواكه في تايلند (الجزيرة)

المواصلات

بما أنك تزور مدينة يسكنها 11 مليون نسمة، غير الزائرين والسائحين، فعليك أن تتوقع أن تكون على موعد مع مدينة مزدحمة، خصوصا في أوقات الذروة التي تتعدد في النهار والليل كذلك.

لكن الخبر السار هو أن المدينة تواجه ذلك بخليط من وسائل المواصلات، فهناك التاكسي المعتاد، ووسائل أكثر سرعة، منها التوكتوك (دراجة نارية بثلاث عجلات)، وهناك أيضا الدراجات النارية.

وهنا ننصحك عزيزي القارئ باستخدام تطبيق مثل “بولت” الذي يمكنك أن تحجز من خلاله سيارة الأجرة أو حتى الدراجة النارية، فتأتيك خلال لحظات وبسعر أفضل مما ستدفع إذا استوقفت التاكسي بالطريقة المعتادة.

الزحام في شوارع بانكوك عاصمة تايلند / تصوير أنس زكي - الجزيرة نت
جانب من الزحام في شوارع بانكوك (الجزيرة)

شعب طيب

إذا سألت أي سائح عن محاور اهتمامه عندما يزور بلدا ما، فسيخبرك حتما عن المزارات والأسواق والطعام، لكنه سيخبرك أيضا عن البشر ودرجة حفاوتهم، وهو أمر تقول تجربتنا إن تايلند تنجح فيه بامتياز، فالناس تغلب عليهم الطيبة والبشاشة، ومستعدون غالبا لتقديم العون في حدود معرفتهم وإمكانياتهم.

كما تتمتع بانكوك أيضا بدرجة متميزة من الأمن واحترام قواعد المرور، في ظل مفارقة لافتة تتمثل في أنك نادرا ما ستجد خلال تجوالك عناصر شرطة أو رجال مرور.

عزيزي القارئ، سأختم لك بما قد يغريك في التفكير بالسياحة في تايلند، وأخبرك أنها دخلت في عام 2024 قائمة الدول العشر الأكثر اجتذابا للسائحين في العالم، وهي القائمة التي تتصدرها فرنسا، وذلك وفقا لمنظمة الصحة العالمية.

وكي تدرك حجم التطور في الإقبال السياحي على تايلند، نقول لك إنها احتلت المركز الـ11 عام 2023 والمركز الـ22 في العام السابق، في حين كانت خارج قائمة الـ60 الأوائل عام 2021.

أما فيما يخص بانكوك، فالمنتدى السياحي العالمي قدم لنا مفاجأة من العيار الثقيل، وهي أن هذه المدينة الساحرة هي الأولى على العالم في عام 2024 من حيث الإقبال السياحي، بعد أن استقبلت أكثر من 32 مليون سائح، لتتقدم بذلك على إسطنبول التركية ولندن البريطانية، قبل أن تأتي في المراكز من الرابع إلى العاشر كل من هونغ كونغ ومكة المكرمة وأنطاليا ودبي ومكاو وباريس وكوالالمبور.

شاركها.