خفض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار ربع نقطة مئوية يوم الأربعاء، في خطوة كانت متوقعة على نطاق واسع من قبل الأسواق المالية. يأتي هذا القرار في ظل سعي البنك المركزي لتحقيق التوازن بين كبح التضخم و دعم سوق العمل، مع استمرار المخاوف بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي. هذا التحرك يمثل فرصة للمستثمرين و لكنه يحمل أيضاً بعض المخاطر المحتملة.

تأثير قرار خفض أسعار الفائدة على الاقتصاد الأمريكي

أظهر اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية (FOMC) تصويتاً بنسبة 9 إلى 3، وهو ما يعكس انقساماً بين أعضاء اللجنة حول الحاجة إلى مزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة. يرى البعض أن إجراءات إضافية ضرورية لتعزيز سوق العمل، بينما يحذر آخرون من أن المزيد من التيسير النقدي قد يؤدي إلى تفاقم الضغوط التضخمية. و صرح رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بأن جميع أعضاء اللجنة يتفقون على أن التضخم لا يزال مرتفعاً للغاية و أن سوق العمل قد تباطأ.

أظهر أحدث قراءة لمقياس التضخم المفضل لدى صانعي السياسات ارتفاعاً إلى 2.8%، وهو ما لا يزال فوق هدف البنك المركزي البالغ 2%. يتوقع الاحتياطي الفيدرالي أن يتباطأ هذا الرقم إلى حوالي 2.4% بحلول نهاية عام 2026، مع بقاء معدل البطالة عند 4.4%.

ردود فعل الأسواق

استقبلت الأسواق المالية قرار الخفض الإضافي بترحيب حذر. شهدت الاستثمارات الحساسة لأسعار الفائدة ارتفاعاً ملحوظاً، حيث ارتفع مؤشر راسل 2000 للشركات الصغيرة بنسبة 1.3%، و ارتفع صندوق الاستثمار المتداول State Street SPDR S&P Homebuilders ETF بنسبة 3%. تشير تحليلات UBS إلى أن الأسهم تميل إلى الأداء الجيد عندما يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة خلال فترات لا تشهد ركوداً اقتصادياً، بمتوسط عائد سنوي قدره 15%.

ومع ذلك، يعتقد بعض المحللين أن التفاؤل مبالغ فيه. حذر كريس زاكاريلي، كبير مسؤولي الاستثمار في Northlight Asset Management، من أن المستثمرين قد يعيدون تقييم توقعاتهم بشأن أسعار الفائدة بمجرد إدراكهم أن المسار نحو خفضها قد يكون أطول أو قد لا يتحقق على الإطلاق.

من يخلف جيروم باول؟

أعلن الرئيس السابق دونالد ترامب يوم الثلاثاء أنه سيبدأ في مقابلة المرشحين المحتملين لخلافة جيروم باول كرئيس للاحتياطي الفيدرالي. من المتوقع أن يجري محادثات مع حاكم الاحتياطي الفيدرالي كيفن وارش، و المرشح الأوفر حظاً، مدير المجلس الاقتصادي الوطني كيفن هاسيت، هذا الأسبوع. و ذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز أن المرشحين المحتملين الآخرين يشملون حكام الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر و ميشيل باومان، و ريك ريدر من شركة BlackRock.

تعتبر هذه التغييرات المحتملة في قيادة الاحتياطي الفيدرالي ذات أهمية خاصة في ظل حالة عدم اليقين التي تحيط بالسياسة النقدية. قد يؤدي اختيار رئيس جديد إلى تغييرات كبيرة في نهج البنك المركزي تجاه التضخم و النمو الاقتصادي.

من المتوقع أن يستمر الاحتياطي الفيدرالي في مراقبة البيانات الاقتصادية عن كثب، و خاصةً تقارير التضخم و سوق العمل، لتحديد مسار السياسة النقدية في المستقبل. سيراقب المستثمرون أيضاً عن كثب تصريحات المسؤولين الفيدراليين بحثاً عن أي إشارات حول التوقعات المستقبلية لأسعار الفائدة. و يبقى التحدي الأكبر أمام البنك المركزي هو تحقيق التوازن الدقيق بين كبح التضخم و دعم النمو الاقتصادي، في بيئة عالمية مليئة بالشكوك.

شاركها.