أوضح الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الذكر بالقلب مقبول في الشريعة الإسلامية في جميع صوره كما نص العلماء، لكنه أشار إلى أن بعض الأذكار، لا يُكتفى فيها بمجرد الذكر القلبي، بل يُشترط تحريك اللسان، خاصة تلك التي تعتمد على التعبد المحض، كقراءة الفاتحة، وتكبيرة الإحرام، وسائر أذكار الصلاة، إذ لا تتحقق صحتها إلا بنطقها.

وبيّن ممدوح أن الذكر ينقسم إلى نوعين، الأول باللسان، والثاني بالقلب، وأن الأفضل في الشرع هو الجمع بين الاثنين معًا، فذلك هو الذكر الكامل، حيث يتوافر فيه حضور القلب وتحرك اللسان.

 أما الذكر بالقلب وحده، فهو بلا شك مثاب عليه، ولكن الدرجة الأكمل لا تتحقق إلا بالجمع بين القلب واللسان، كما أشار إلى ذلك الإمام النووي في كتبه.

وفي سياق آخر، ورد سؤال إلى دار الإفتاء حول مشروعية التسبيح أثناء الانشغال في العمل، دون حضور ذهني أو تدبر، فأجاب الشيخ أبو بكر الشافعي، من علماء الأزهر الشريف، بأن التسبيح وإن صدر عن اللسان فقط، دون استحضار المعاني، فإنه يظل سببًا في حصول الأجر، ولكن أجره يكون أقل ممن يذكر الله بقلبه ولسانه في آن واحد.

وأضاف أن مسألة قبول الذكر من عدمه ليست من الأمور التي يطلع عليها أحد، إذ إن القبول بيد الله وحده، إلا أن العلماء اتفقوا على أن ذكر اللسان – حتى مع الغفلة – أفضل بكثير من السكوت أو الانشغال بالكلام المذموم، كالغِيبة أو اللغو.

وأورد عدد من العلماء أقوالًا تعزز هذا المعنى، منهم الإمام الغزالي والحافظ ابن حجر، حيث أكدا أن الذكر إذا كان باللسان فقط فهو مجزٍ ومثاب عليه، إلا أن ثوابه لا يوازي ثواب الذكر الذي يصاحبه تدبر وخشوع قلبي. 

وأشار الشوكاني إلى أن الذكر مع التدبر أقرب إلى المناجاة، لكن غياب التدبر لا يمنع من حصول الأجر، إذ لم يرد في نصوص الشرع تقييد الثواب بالتفكر الكامل.

وبذلك يتضح أن الذكر، بكل أنواعه، هو عبادة عظيمة، سواء كان بالقلب أو اللسان أو بهما معًا، وكلما اجتمعت فيه عناصر الحضور والتدبر، كلما كان أكثر كمالًا وأعظم ثوابًا.

شاركها.