لم تسلم أي فئة من فئات المجتمع السوداني من الآثار المدمرة للحرب المستمرة في البلاد منذ أكثر من عامين، وخاصةً الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يعانون من تدهور الأوضاع النفسية والتعليمية. وتواجه مراكز الرعاية المتخصصة تحديات كبيرة في تقديم الدعم اللازم لهؤلاء الأطفال في ظل النزوح ونقص الموارد. هذه الحرب أثرت بشكل مباشر على قدرتهم على الوصول إلى الخدمات الضرورية، مما يزيد من حاجتهم الماسة للمساعدة.
تتركز المخاوف الرئيسية على تراجع النمو اللغوي والسلوكي لدى هؤلاء الأطفال، بالإضافة إلى صعوبة التعامل مع الضوضاء والصدمات الناتجة عن القتال. وقد اضطرت العديد من المراكز إلى إيقاف خدماتها مؤقتًا، مما أدى إلى انقطاع الرعاية المتخصصة وتفاقم المشكلات الموجودة. ووفقاً لتقارير حديثة، تشهد الخرطوم والولايات المجاورة زيادة في عدد الأطفال الذين يحتاجون إلى دعم نفسي وتعليمي متخصص.
تأثير الحرب على الرعاية للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة
أكدت المشرفات في أحد مراكز الرعاية المتخصصة أن العاملين يبذلون جهودًا استثنائية للتخفيف من آثار الحرب على الأطفال. وتشمل هذه الجهود توفير بيئة آمنة وداعمة، وتقديم العلاج النفسي والتعليمي، ومساعدة الأطفال على استعادة الشعور بالاستقرار. ومع ذلك، فإن هذه الجهود تواجه صعوبات جمة بسبب نقص الموارد والكوادر المؤهلة.
تحديات تواجه المراكز
أشارت العاملات في المركز إلى أن حالة الطفل تتدهور كلما طالت مدة انقطاعه عن البرنامج العلاجي. وأوضحن أن الحرب أدت إلى مشاكل في التواصل اللغوي والنمط السلوكي لدى الأطفال، خاصةً أولئك الذين يعانون من اضطرابات طيف التوحد. فالأطفال المصابون بالتوحد، على وجه الخصوص، يجدون صعوبة في التعامل مع الأصوات العالية التي تصاحب القصف والاشتباكات المسلحة.
بالإضافة إلى ذلك، ذكرت الأخصائية النفسية في المركز أن هناك تراجعًا ملحوظًا في مستوى الأطفال بسبب التوقف الطويل عن حضور المركز. وأضافت أنهم عادوا لتقديم الخدمات رغم الصعوبات الكبيرة، بما في ذلك نقص الكوادر المدربة والمتخصصة في التعامل مع هذه الحالات.
نقص الموارد والحلول البديلة
لاحظ الطاقم الطبي نقصًا حادًا في الوسائل التعليمية والمساعدة، والتي غالبًا ما يتم استيرادها من مصر. وللتغلب على هذا النقص، بدأت الأخصائية النفسية وفريقها في تصنيع أدوات بديلة بشكل يدوي، وهي خطوة تهدف إلى الاستمرار في تقديم الدعم اللازم للأطفال. وتشير التقديرات إلى أن عدد الأطفال الذين يحتاجون للرعاية في ازدياد مستمر.
وتفتقر المراكز المتخصصة إلى أي دعم مالي أو لوجستي من الجهات الحكومية أو المنظمات الإنسانية. فقد ناشدت الأخصائية الجهات المختصة توفير الدعم اللازم، مؤكدةً أن المركز قد لا يتمكن من الاستمرار في تقديم خدماته دون مساعدة خارجية. ويشمل الدعم المطلوب توفير الوسائل التعليمية والمساعدة، وزيادة عدد الكوادر المؤهلة، وتوفير بيئة آمنة ومناسبة للأطفال.
الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة هم من بين أكثر الفئات ضعفاً في السودان. فالوضع الإنساني المتدهور والحرب المستمرة تزيد من معاناتهم وتعرقل حصولهم على الرعاية اللازمة. وتتطلب هذه الأزمة استجابة عاجلة ومنسقة من جميع الأطراف المعنية، لضمان حماية حقوق هؤلاء الأطفال وتلبية احتياجاتهم.
ويتزايد القلق بشأن الوضع المتدهور للمصابين بالتوحد وغيرهم من ذوي الإعاقة. ويدعو خبراء إلى ضرورة إعطاء الأولوية لهذه الفئة في البرامج الإنسانية والإغاثية. كما يشيرون إلى أهمية توفير الدعم النفسي والاجتماعي للأسر التي تعاني من ظروف صعبة بسبب الحرب.
من المتوقع أن تستمر الحاجة إلى المزيد من العاملين المتخصصين والموارد التعليمية مع زيادة أعداد النازحين والعائدين إلى الخرطوم. ويراقب المراقبون عن كثب تطورات الوضع الإنساني في السودان، وما إذا كانت ستتلقى هذه الفئة من الأطفال الدعم الكافي الذي تحتاجه.
وفي سياق متصل، يجري حالياً تقييم شامل للاحتياجات الإنسانية في السودان من قبل الأمم المتحدة والمنظمات الشريكة. ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن نتائج هذا التقييم في غضون الأسابيع القليلة المقبلة، مما سيساعد على تحديد أولويات المساعدات وتوجيه الجهود الإنسانية بشكل أكثر فعالية. وتعتبر هذه الخطوة حاسمة لضمان وصول المساعدات إلى الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.






