قالت صحيفة هآرتس إن إغلاق السلطات الإسرائيلية مكتب الجزيرة برام الله في الضفة الغربية بأمر عسكري هو أيضا رسالة تحذير للصحفيين للإسرائيليين الذين سكتوا عن الأمر، ولم يدركوا أنهم بخرسهم هذا إنما يمهدون لسلوكيات مماثلة داخل إسرائيل.

وفي مقال بعنوان “إغلاق مكتب الجزيرة في رام الله رسالة تحذير للصحفيين الإسرائيليين”، كتبت شيرين فلاح صعب، أن ما حدث لأهم قناة عربية تتناول الشأن الفلسطيني قد يمهد لاعتداء أكبر على حرية الصحافة في إسرائيل نفسها، وليس مستبعدا أن يقف يوما داني كوشمارو ويونيت ليفي (مذيعا القناة الـ12) أمام مكتب محطتهما، يشاهدان وهما في حالة عجز، كيف يداهمها الجيش لإغلاقها.

واستعرضت الكاتبة اقتحام ومداهمة جنود إسرائيليون مقنعون مكتب الجزيرة في رام الله وأغلقوه لـ45 يوما بموجب أمر عسكري، لكن الخبر لم يحضَ إلا بتغطية هامشية في الصحافة الإسرائيلية بينما يفترض -وفق شيرين- أن يشعر كل صحفي إسرائيلي بل “وكل مواطن” ببالغ القلق لما حدث لأنه قد يتكرر في إسرائيل.

ولم تستغرق المداهمة إلا بضع دقائق، حيث طلبت القوة من مدير المكتب وليد العمري إخلاء المكان فورا، وظهر جندي في تسجيل مصور يقول له: “من أجل تفاصيل أكبر تستطيع التواصل مع القائد العسكري (ليهودا والسامرة) الضفة الغربية المحتلة.

وأوضحت الكاتبة أن التفاصيل الصغيرة في التسجيل ليست إلا جزءا من صورة أكبر تجسد علاقة ترهيب مارسها الجيش على شخص مدير المكتب وليد العمري الذي أدرك أن الأمر انتهى لكنه اختار تصوير المشهد قبل المغادرة، وأن إغلاق المكتب -رغم وقوعه في المنطقة “أ” التابعة للسلطة الفلسطينية- يجسد توظيف الحكومة الإسرائيلية الحربَ لضرب حرية التعبير.

“سن في دولاب”

ووصفت شيرين فلاح قوة المداهمة بمجرد “سن في دولاب مُحكَم”  لما سمتها حكومة الخراب التي تقضم كل يوم من حرية الصحافة، وذكّرت بالقانون الذي أجيز في مايو/أيار الماضي بموافقة أغلبية نواب الكنيست، والذي خول الحكومة وقف بث القنوات الأجنبية إذ قدّر رئيس الوزراء أنه يضر بالأمن القومي، وهو قانون كانت الجزيرة بين ضحاياه.

وطلبت شيرين فلاح من الصحفيين الإسرائيليين أن يتخيلوا المشهد لو داهمت قوة عسكرية مكاتب القناتين الثانية عشرة والثالثة عشرة، واضطرت يونيت ليفي إلى الوقف خارج مبنى محطتها لتتابع حزينة ما يحدث كما حدث لمراسلة الجزيرة جيفارا البديري، أو يجدَ داني كوشماروا نفسه وهو يظهر على الهواء لآخر مرة، وقالت إن هذا ليس ضربا من الخيال، بل قد يحدث فعلا في ظل حكومة يتقلد فيها الإعلام الوزير شلومو قرعي الذي يستهدف مهنة الإعلام.

وأعربت الكاتبة عن أسفها لتجاهل الصحفيين الإسرائيليين ما يحدث لزملائهم الفلسطينيين “فهم غير مرئيين بالنسبة لهم”، وهكذا لم يسارعوا إلى إثارة الموضوع على منصة “أكس”، ولم يعبر نواب المعارضة عن صدمتهم أو تعاطفهم مع العمري وصحفيين فلسطينيين آخرين، لأنهم لم يدركوا أن ما حدث على الجانب الآخر من الخط الأخضر قد يحدث أيضا في إسرائيل.

واختتمت شيرين مقالها، أن المخيف ليس فحسب إغلاق مكتب الجزيرة، وإنما السرعة التي تم بها، فعندما سأل العمري جنديا كم من الوقت سيستغرق الأمر، أجابه “بضع دقائق”، فالجيش -كما كتبت- “يغلق قناة إعلامية لأنه ببساطة يستطيع”، وذكّرت بأن السلطات الإسرائيلية تعتقل بالوتيرة السريعة نفسها  غسرائيليين يتظاهرون لإعادة الأسرى من غزة والمطالبة بإنهاء الحرب.

واقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مكتب الجزيرة برام الله وأمرت بإغلاقه 45 يوما بموجب أمر عسكري، ثم قامت بمصادرة كافة الأجهزة والوثائق في المكتب ومنعت العاملين فيه من استخدام سياراتهم وأوقفت بث القناة، وذلك بعد 4 أشهر من إغلاق مكتب القناة في القدس.

شاركها.