أظهرت دراسة حديثة أن مدينة نيويورك هي الأكثر توتراً في العالم، متصدرةً قائمة المدن التي يعاني سكانها من مستويات عالية من الإجهاد. هذا التصنيف يأتي على الرغم من حصول المدينة على لقب ثاني أفضل مدينة في العالم مؤخراً من قبل Resonancy Consultancy، وذلك بفضل اقتصادها الثقافي ومشاريع البنية التحتية الضخمة. الدراسة، التي أجرتها شركة Remitly المالية، قيمت مدناً عالمية رئيسية بناءً على تكلفة المعيشة والجريمة والازدحام والتلوث والوصول إلى الرعاية الصحية.

وجاءت نيويورك في المرتبة الأولى بمعدل إجهاد بلغ 7.59 من أصل 10، متفوقةً على مدن عالمية أخرى. ويعزى هذا المعدل المرتفع بشكل كبير إلى التكلفة الباهظة للحياة في المدينة، والتي تمثل مصدراً رئيسياً للقلق لدى غالبية السكان. تعتبر مدينة نيويورك من بين أغلى المدن في العالم، مما يؤثر بشكل كبير على جودة حياة المقيمين.

ارتفاع مستويات التوتر في مدينة نيويورك

أشارت دراسة أجرتها جامعة كورنيل عام 2025 إلى أن ارتفاع تكاليف المعيشة هو أكبر مصدر قلق لمعظم سكان نيويورك. وتشمل هذه التكاليف الإيجارات والمواد الغذائية وفواتير الخدمات والتأمين. في نوفمبر الماضي، سجل متوسط إيجار المنازل في مانهاتن أرقاماً قياسية، حيث ارتفع بنسبة 7.6٪ على أساس سنوي ليصل إلى 4,625 دولاراً أمريكياً، وفقاً لشركة Miller Samuel Inc و Douglas Elliman.

وقد منحت Remitly مدينة نيويورك درجة 100 في نفقات المعيشة، وهي أعلى درجة ممكنة، مما يعكس الضغط المالي الهائل الذي يواجهه السكان. هذا الارتفاع في التكاليف يؤثر بشكل خاص على الأسر ذات الدخل المحدود والطبقة الوسطى، مما يزيد من مستويات التوتر والقلق لديهم.

تأثير العوامل الأخرى على التوتر

بالإضافة إلى تكلفة المعيشة، ساهمت عوامل أخرى في ارتفاع معدل التوتر في نيويورك. تشمل هذه العوامل الازدحام المروري والتلوث ومعدلات الجريمة. تعتبر المدينة من بين الأكثر ازدحاماً في العالم، مما يؤدي إلى إضاعة الوقت وزيادة الإحباط لدى السكان. كما أن مستويات التلوث يمكن أن تؤثر سلباً على الصحة البدنية والعقلية.

على النقيض من ذلك، احتلت أثينا باليونان المرتبة الثانية في القائمة، على الرغم من أنها تعتبر وجهة سياحية مريحة. يعزى هذا إلى تزايد مشاكل القدرة على تحمل التكاليف التي تواجه السكان المحليين. كما أن دبلن بأيرلندا، والتي غالباً ما يُنظر إليها على أنها مدينة مفعمة بالحيوية والاسترخاء، جاءت في المرتبة الثانية بمعدل إجهاد قدره 7.55.

واحتلت مدن مكسيكو سيتي ومانيلا ولندن المراكز من الثالث إلى الخامس على التوالي في قائمة المدن الأكثر توتراً. تشترك هذه المدن في تحديات مماثلة، مثل ارتفاع تكاليف المعيشة والازدحام المروري والتلوث.

أقل المدن توتراً في العالم

في المقابل، تم تصنيف مدينة آيندهوفن في هولندا على أنها الأقل توتراً في العالم، حيث سجلت درجة إجمالية قدرها 2.34. واحتلت مدينة أوترخت الهولندية المرتبة الثانية. يعزى هذا الأداء الجيد إلى تمتع المدينتين بوصول ممتاز إلى الرعاية الصحية ومستويات منخفضة من الجريمة والتلوث. جودة الحياة في المدن الهولندية تعتبر من بين الأفضل في العالم.

تُظهر هذه النتائج أن المدن التي تعطي الأولوية للرعاية الصحية والبيئة والسلامة العامة تميل إلى أن تكون أقل توتراً. كما أن القدرة على تحمل التكاليف تلعب دوراً حاسماً في تحديد مستوى الإجهاد الذي يعاني منه السكان. الرعاية الصحية الجيدة والبيئة النظيفة تعتبر عوامل أساسية في تحقيق الرفاهية.

تعتبر هذه الدراسة بمثابة تذكير بأهمية معالجة التحديات التي تواجه المدن الحديثة، مثل ارتفاع تكاليف المعيشة والازدحام والتلوث. يجب على الحكومات وصناع السياسات العمل على إيجاد حلول مستدامة لتحسين جودة الحياة وتقليل مستويات التوتر لدى السكان. الاستدامة الحضرية أصبحت ضرورة ملحة في عالم اليوم.

من المتوقع أن تواصل Remitly مراقبة مستويات التوتر في المدن العالمية في السنوات القادمة، مع التركيز على تأثير العوامل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. سيكون من المهم مراقبة التغيرات في تكاليف المعيشة ومعدلات الجريمة ومستويات التلوث لتقييم فعالية التدخلات الحكومية والسياسات الحضرية. ستقدم الدراسات المستقبلية رؤى قيمة حول كيفية بناء مدن أكثر صحة ومرونة.

شاركها.