أدانت جبهة الخلاص الوطني في تونس الأحكام القضائية الأخيرة الصادرة ضد معارضين بارزين، واصفًا إياها بـ”الجائرة” والمبنية على “تهم ملفقة”. يأتي هذا التصعيد في خضمّ توتر سياسي متزايد في البلاد، حيث يواجه المعارضون اتهامات تتعلق بـالتآمر على أمن الدولة، وهو ما يثير قلقًا واسعًا على الصعيدين المحلي والدولي.

أفاد رئيس جبهة الخلاص، أحمد نجيب الشابي، في تصريحات لقناة الجزيرة، بأنه محاصر في منزله من قبل قوات الأمن، معربًا عن خوفه من الاعتقال والسجن لمدة 12 عامًا. وأكد الشابي رفضه المشاركة في محاكمته، معتبرًا أن القضاء التونسي أصبح أداة في يد السلطة التنفيذية.

أحكام بالسجن تصل إلى 45 عامًا بتهمة التآمر على أمن الدولة

أصدرت محكمة استئناف تونس الأسبوع الماضي أحكامًا بالسجن متفاوتة، تصل إلى 45 عامًا، بحق قيادات معارضة ورجال أعمال ومحامين. وقد خفضت المحكمة حكم الشابي من 18 إلى 12 عامًا، بينما رفعت عقوبة كل من جوهر بن مبارك وعصام الشابي وغازي الشواشي إلى 20 عامًا.

تأتي هذه الأحكام على خلفية قضية “التآمر على أمن الدولة” التي بدأت في فبراير 2023، وشملت توقيف مجموعة من المعارضين والنشطاء. وتتهم السلطات التونسية هذه المجموعة بالتخطيط لزعزعة الاستقرار والإطاحة بالرئيس قيس سعيد.

اتهامات بالانحياز السياسي

يعتقد الشابي أن القضاء التونسي فقد استقلاليته وأصبح خاضعًا لضغوط السلطة. وأضاف أنه لم يعد يرى في هذه المحاكمات سوى “انتقامًا سياسيًا” من المعارضين. وقد أثار هذا الاتهام جدلاً واسعًا حول نزاهة القضاء التونسي واستقلاليته.

في المقابل، تؤكد الحكومة التونسية أن هذه الأحكام صدرت بناءً على أدلة قاطعة تثبت تورط المتهمين في أنشطة تهدد أمن البلاد. وتشير إلى أن القضاء التونسي يمارس عمله بشكل مستقل ونزيه، وفقًا للقانون.

إلا أن مراقبين حقوقيين يعربون عن قلقهم إزاء تزايد الاعتقالات السياسية وتدهور الأوضاع الحقوقية في تونس. ويشيرون إلى أن هذه الأحكام تمثل ضربة قوية للديمقراطية والحريات العامة في البلاد. وقد أدانت منظمات دولية مثل منظمة العفو الدولية هذه الأحكام وطالبت بإطلاق سراح المعارضين.

الاحتجاجات الاجتماعية والتوترات الاقتصادية (كلمة مفتاحية ثانوية) تزيد من تعقيد المشهد السياسي في تونس. تشهد محافظة قابس جنوب شرقي البلاد منذ أسابيع احتجاجات واسعة النطاق بسبب الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية.

يرى الشابي أن الحكومة التونسية تعاني من “اضطرابات في إدارة الملف الداخلي” و”علاقات متوترة مع الاتحاد الأوروبي”. ويعتقد أن هذه المشاكل الداخلية والخارجية ستؤدي إلى مزيد من التدهور في الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد.

الوضع الاقتصادي (كلمة مفتاحية ثانوية) في تونس يواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك ارتفاع معدلات البطالة وتدهور الدينار التونسي. وتحاول الحكومة التونسية الحصول على دعم مالي من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لمواجهة هذه التحديات، لكن المفاوضات لا تزال متعثرة.

على الرغم من هذه التحديات، أعرب الشابي عن تفاؤله بمستقبل تونس. وأشار إلى أن المشاركة الواسعة في المظاهرات الأخيرة تعكس “روحًا جديدة ومعنويات مرتفعة” لدى الشعب التونسي. ويرى أن هذا الحراك الاجتماعي يمكن أن يؤدي إلى تغيير إيجابي في البلاد.

وفي سياق متصل، ألقت الشرطة التونسية القبض على المحامي العياشي الهمامي، لتنفيذ حكم نهائي بالسجن لمدة 5 سنوات، وذلك على خلفية اتهامات مماثلة تتعلق بـالتآمر على أمن الدولة.

من المتوقع أن يستمر التوتر السياسي في تونس في الأيام والأسابيع القادمة، خاصة مع استعداد الاتحاد العام للشغل لإعلان إضرابات قطاعية وجهوية. ويراقب المراقبون عن كثب تطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، وما إذا كانت ستؤدي إلى مزيد من التصعيد أو إلى حلول سياسية.

شاركها.