أثار مشروع قانون مثير للجدل يقترح عقوبة الإعدام ضد الإرهابيين الفلسطينيين، والذي يحظى بدعم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، نقاشًا عامًا وسياسيًا حادًا في إسرائيل. يهدف القانون المقترح إلى فرض عقوبة صارمة على مرتكبي أعمال إرهابية ضد مواطنين إسرائيليين، لكنه يواجه معارضة شديدة من قبل بعض الأطراف السياسية والدينية. ويعتبر هذا القانون تطوراً هاماً في السياسة الإسرائيلية تجاه مكافحة **الإرهاب**.

في حين امتنع نتنياهو في البداية عن الإعلان العلني عن دعمه للمشروع، ربما بسبب مخاوف من تأثيره على المفاوضات بشأن الرهائن المحتجزين في غزة، أكدت متحدثته الرسمية لاحقًا تأييده. صرحت شوش بدريسيان، المتحدثة باسم مكتب رئيس الوزراء للإعلام الأجنبي، بأن “رئيس الوزراء يدعم بالطبع عقوبة الإعدام كعقاب بعد محاكمة عادلة في نظامنا القضائي. أي شخص يؤذي دولة إسرائيل ومواطنيها سيواجه عواقب.”

جدل حول عقوبة الإعدام للإرهابيين في إسرائيل

أكد عضو الكنيست عن الائتلاف، ومُعدّ مشروع القانون، ليمور سون هار-ميليخ، أن القانون يهدف إلى معالجة ظاهرة الهجمات الإرهابية ضد المواطنين الإسرائيليين. وأوضحت أن القانون، في مبادئه الأساسية، سيطبق على مرتكبي أعمال إرهابية ضد مواطني دولة إسرائيل. يأتي هذا الدفع بالقانون من حزب “عتزما يهوديت” الذي طالما دعا إلى سياسات أكثر صرامة ضد الإرهابيين.

وتشير وثيقة تتضمن المبادئ الأساسية للقانون إلى أن الحكم “سيُفرض بأغلبية بسيطة دون أي تقدير، ودون إمكانية تعديل نوع الحكم، ودون إمكانية تخفيف الحكم من خلال تقديم صفقة أو العفو (مع مراعاة القانون القائم)”.

ولضمان عدم التأخير في التنفيذ، تنص الوثيقة على أن الإعدام “سيتم تنفيذه في غضون 90 يومًا” وأن مصلحة السجون ستقوم بتنفيذه “عن طريق حقن مادة سامة”.

الهدف من القانون: الردع ومنع عمليات الخطف

تؤكد الوثيقة على الأثر الرادع للقانون، مشيرة إلى أن إسرائيل تعرضت بشكل متكرر لهجمات إرهابية تهدف إلى اختطاف الإسرائيليين مقابل إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين. يذكر أن صفقة عام 2011 أدت إلى إطلاق سراح 1027 سجينًا فلسطينيًا مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت، الذي تم اختطافه عام 2005. ومن بين المفرج عنهم في تلك الصفقة يحيى السنوار، رئيس حركة حماس الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه مهندس مجزرة 7 أكتوبر.

صرح إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي الإسرائيلي ورئيس حزب “عتزما يهوديت”، أن قانون الإعدام للإرهابيين ضروري للغاية. وأضاف: “من لا يحترم حياتنا، لا يستحق أن يعيش”. وأكد بن غفير أنه سيواصل العمل على هذا القانون بكل قوته، ولن يتوقف حتى يتم إقراره.

في المقابل، يرى الدكتور أمير فوكس، الباحث البارز في معهد الديمقراطية الإسرائيلي، أن الدراسات تشير إلى أن عقوبة الإعدام لا تردع القتلة العاديين بشكل كبير، وقد يكون تأثيرها على الإرهابيين، الذين يخاطرون بالفعل بحياتهم، أضعف. كما أشار إلى أن القانون لا يمنح المحكمة أو النيابة أي سلطة تقديرية، مما يجعل عقوبة الإعدام إلزامية في بعض الحالات.

وأضاف فوكس: “هذا القانون متطرف وغير دستوري في رأيي. كما أنه لن يطبق على الإرهابيين اليهود، وهو ما يمثل تمييزًا”.

من جانبه، صرح يتسحاك واسرلوف، وزير شؤون النقب والجليل والصمود الوطني، أن قانون الإعدام للإرهابيين يهدف إلى وضع حد لعمليات اختطاف الإسرائيليين. وأوضح: “الطريقة الوحيدة لضمان عدم وجود المزيد من عمليات اختطاف الإسرائيليين هي عدم وجود المزيد من الإرهابيين لإطلاق سراحهم مقابلهم.”

وقد استخدمت عقوبة الإعدام مرتين فقط في تاريخ إسرائيل، أبرزهما إعدام أدولف أيخمان، أحد كبار معماري الهولوكوست، عام 1962.

يعارض عضو الكنيست عن “يهودية التوراة المتحدة”، يعقوب أشير، مشروع القانون، مستندًا إلى مبدأ “بيكوخ نفش” (إنقاذ الأرواح)، وهو مبدأ أساسي في الشريعة اليهودية يمنح الأولوية لحماية الحياة البشرية فوق جميع الوصايا الدينية تقريبًا. وأشار إلى أن الحاخام دوف لاندو وجههم بمعارضة القانون، محذرًا من أن مجرد طرح القضية، ناهيك عن سن القانون، قد يؤدي إلى موجة من الإرهاب ضد اليهود.

كما أعرب عن قلقه بشأن “إثارة غضب الأمم”، وهو اعتبار شرعي في الشريعة اليهودية يتطلب تقييم ما إذا كان أي إجراء سيحمي اليهود أو يعرضهم للخطر.

وأصدرت كتلة “حدش-تاعال” في الكنيست، بقيادة الدكتور أحمد طيبي، بيانًا رسميًا يدين مشروع القانون باعتباره تمييزيًا ومثيرًا للفتنة. وأكد البيان أن “عقوبة الإعدام لن تردع، بل على العكس، قد تؤدي إلى زيادة الهجمات. نحن نسعى إلى تعزيز عملية سياسية تنهي الصراع”.

وأضاف البيان: “جميع قيم وحقوق الإنسان تعارض عقوبة الإعدام من منظور إنساني. نعلم من عملنا البرلماني والسياسي أن مشروع القانون هذا ليس سوى عمل انتقام يعمق الكراهية ويزيد من أجواء التحريض والتطرف بين الطرفين.”

لا يزال مشروع القانون بحاجة إلى قراءتين إضافيتين في الكنيست ليصبح قانونًا، وقد يخضع لتعديلات قبل ذلك. من المتوقع أن يكون هذا القانون موضوع نقاش حاد في الأسابيع المقبلة، مع استمرار المعارضة في التعبير عن مخاوفها بشأن الآثار المترتبة عليه على حقوق الإنسان والعملية السياسية. ويجب مراقبة التطورات المتعلقة بهذا القانون عن كثب، خاصة فيما يتعلق بإمكانية تعديله أو رفضه.

شاركها.