تشهد صادرات النفط الفنزويلية تحديات متزايدة مع استمرار الولايات المتحدة في فرض عقوبات تهدف إلى الإطاحة بالرئيس نيكولاس مادورو. وتظهر تقارير حديثة أن ناقلات نفط، تُعرف بـ”ناقلات الظل”، تقوم بتحميل شحنات نفطية قبالة سواحل فنزويلا، في محاولة لتجاوز هذه العقوبات، مما يعكس تعقيد المشهد الاقتصادي والسياسي في البلاد. ويأتي هذا النشاط في وقت تحاول فيه إدارة الرئيس ترمب تعطيل المصدر الرئيسي لإيرادات فنزويلا.

أظهرت بيانات الشحن وحركة السفن التي تتبعها بلومبرغ أن فنزويلا قامت بتحميل ما يقرب من 880 ألف برميل من النفط الخام يوميًا خلال الشهر الجاري حتى يوم الجمعة. يمثل هذا ارتفاعًا ملحوظًا مقارنة بمتوسط ​​يبلغ 586 ألف برميل يوميًا في نوفمبر، مما يشير إلى محاولات مستمرة لتصدير النفط على الرغم من الضغوط الأمريكية. وتجري عمليات التحميل في ميناء خوسيه الخاضع لسيطرة الحكومة الفنزويلية.

محاصرة نفط فنزويلا وتحديات العقوبات

تأتي هذه التطورات بعد أيام قليلة من مصادرة الولايات المتحدة لناقلة نفط كانت تنقل نفطًا فنزويليًا، في إطار حملة ضغط أوسع نطاقًا تستهدف مادورو. تهدف هذه الحملة إلى حرمان الحكومة الفنزويلية من إيرادات النفط، وهي شريان الحياة للاقتصاد المتعثر، ودفعه إلى التخلي عن السلطة. ومع ذلك، فإن هذه الإجراءات تثير تساؤلات حول فعاليتها وتأثيرها على السوق العالمية.

في الوقت نفسه، جددت الولايات المتحدة ترخيص شركة “شيفرون” الأميركية لمواصلة ضخ النفط في فنزويلا، وفقًا لمصادر مطلعة. يعكس هذا التجديد المفارقة في سياسة الولايات المتحدة، حيث تسعى إلى ممارسة الضغط على مادورو مع السماح لشركات أمريكية محددة بمواصلة العمل في البلاد. وتعمل “شيفرون” على تحميل حصتها من النفط الفنزويلي ونقله إلى الولايات المتحدة، وغالبًا ما تضخ النفط بالشراكة مع شركة “بتروليوس دي فنزويلا” (PDVSA)، ولكنها لا تستطيع تعويض الشركة الفنزويلية نقدًا.

دور ناقلات الظل في تجاوز العقوبات

تلعب “ناقلات الظل” دورًا حاسمًا في مساعدة فنزويلا على إيجاد طرق لتصدير نفطها، حيث تخفي هذه الناقلات مصدر النفط في محاولة لتجنب العقوبات. تواجه شركة “بتروليوس دي فنزويلا” خيارات محدودة لتفريغ النفط وتوليد الإيرادات، مما يجعل هذه الناقلات ضرورية للحفاظ على تدفق الصادرات. وتشير التقديرات إلى أن هذه الناقلات قد تكون مسؤولة عن جزء كبير من صادرات النفط الفنزويلية.

تُخفي ناقلات الظل هويتها الحقيقية غالبًا عن طريق إخفاء أسماءها، مما يجعل من الصعب تحديد ما إذا كانت مدرجة في قائمة العقوبات الأمريكية. وقد أكدت صور الأقمار الصناعية وجود ناقلتين، “كراغ” و”غالاكسي 3″، في ميناء خوسيه، وهما تقوم بتحميل ما يقرب من 4 ملايين برميل من خام “ميراي 16” الفنزويلي، وهو الخام الرئيسي للتصدير، والمتجه إلى آسيا.

تأثير الأزمة على أسواق النفط العالمية

على الرغم من أن فقدان محتمل للنفط الفنزويلي قد يؤدي نظريًا إلى اضطراب الأسواق العالمية، إلا أن التأثير الفعلي كان محدودًا حتى الآن. يعود ذلك إلى وفرة النفط العالمية الناتجة عن زيادة الإنتاج في الولايات المتحدة وغيانا ودول أخرى. وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى وجود فائض قياسي في المعروض يبلغ 3.8 مليون برميل يوميًا.

ومع ذلك، تشير التقديرات إلى أن الإجراءات الأمريكية قد تعطل حوالي 30% من صادرات النفط الفنزويلية، أي ما يعادل 300 ألف برميل يوميًا. هذا الانخفاض في المعروض قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، خاصة إذا استمرت التوترات الجيوسياسية في مناطق أخرى من العالم. وتعتبر الأزمة الفنزويلية مثالاً على كيفية تأثير العوامل السياسية على أسواق الطاقة.

أدانت الحكومة الفنزويلية مصادرة الناقلة “سكيبر” ووصفها بأنها “قرصنة”، وتعهدت بحماية مواردها الطبيعية. وتعتبر هذه الخطوة تصعيدًا في التوترات بين البلدين، وقد تؤدي إلى مزيد من الإجراءات الانتقامية من قبل فنزويلا. وتراقب الأسواق العالمية عن كثب التطورات في فنزويلا، وتقييم تأثيرها المحتمل على أسعار النفط والإمدادات العالمية.

من المتوقع أن تستمر الولايات المتحدة في ممارسة الضغط على فنزويلا من خلال العقوبات والإجراءات الأخرى. ومع ذلك، فإن مستقبل صادرات النفط الفنزويلية لا يزال غير مؤكد، وسيعتمد على مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك التطورات السياسية في فنزويلا، والطلب العالمي على النفط، وقدرة فنزويلا على إيجاد طرق لتجاوز العقوبات. وسيكون من المهم مراقبة حركة ناقلات النفط، وتصريحات المسؤولين الأمريكيين والفنزويليين، وأي تغييرات في سياسة الطاقة في كلا البلدين.

شاركها.