أشعلت مجموعة من اللاعبين الناشطين منصة يوتيوب ومجتمعات الألعاب الأخرى بحملة توعية حول حقوق المهاجرين، مستخدمين لعبة Grand Theft Auto 5 الشهيرة كمنصة لتمثيل سيناريوهات واقعية تتعلق بمداهمات دائرة تنيح الأجانب والهجرة (ICE). هذه المبادرة، التي يقودها فريق “New Save Collective”، تهدف إلى تثقيف اللاعبين وتقديم معلومات قيمة حول كيفية التعامل مع سلطات الهجرة في الحياة الواقعية، مسلطين الضوء على أهمية الوعي بحقوق الإنسان في عالم الألعاب الرقمية. تعتبر هذه الخطوة تحولا ملحوظا في استخدام مساحات الألعاب لأغراض اجتماعية وسياسية.

مداهمات افتراضية لزيادة الوعي حول ICE

في فعالية خاصة أقيمت في 20 نوفمبر، قام اللاعبون بتمثيل أدوار مختلفة تحاكي عمليات دهم تقوم بها ICE. شهدت البثوث المباشرة، مثل بث “SteveTheGamer55” الذي يتابعه 4.6 مليون مشترك، لحظات توتر حيث قام اللاعبون بتمثيل دور وكلاء ICE يقفون أمام شخصية يحملون جنسية أجنبية ويطلبون إثبات هويته. تمثلت الفكرة في محاكاة الضغط النفسي والاجتماعي الذي قد يشعر به الأفراد أثناء التعامل مع هذه المواقف.

توسيع نطاق التوعية إلى Fortnite

لا يقتصر نشاط المجموعة على GTA 5، حيث أعلنوا عن فعالية أخرى قادمة في لعبة Fortnite الشهيرة. وستتضمن هذه الفعالية، المقرر إقامتها في 21 نوفمبر، حملة بحث داخل اللعبة تهدف إلى تقديم معلومات حول حقوق المهاجرين بطريقة أقل رسمية وأكثر تفاعلية. تعتمد المجموعة على التعاون مع منظمات الدفاع عن حقوق المهاجرين ومؤثري وسائل التواصل الاجتماعي لنشر رسالتهم على نطاق واسع.

تأتي هذه المبادرة في وقت تشهد فيه مساحات الألعاب عبر الإنترنت تحولا في استخدامها. لطالما كانت هذه المساحات جذابة للتيارات اليمينية لاستخدامها كمنصة لنشر الأيديولوجيات المحافظة أو المتطرفة، وفقًا لتقارير إعلامية متعددة. وتشير بعض المصادر إلى أن الجيش الأمريكي يتطلع أيضًا لاستخدام الألعاب كأداة لتجنيد الشباب.

ولم تقتصر محاولات استغلال الألعاب على التجنيد والترويج للأيديولوجيات فقط، بل امتدت إلى محاكاة الحملات الإعلامية الرسمية. في أكتوبر الماضي، نشرت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية صورة مستوحاة من حملات التسويق للعبة Halo، مستخدمة شعار “إنهاء هذا القتال” مع صورة لوكلاء ICE وهم يقومون باعتقالات. كما استخدمت الوزارة شعار لعبة Pokémon الشهيرة “يجب أن نجمعهم جميعًا” في مقطع فيديو يظهر عمليات دهم واعتقال.

وبرر متحدث باسم وزارة الأمن الداخلي هذه الخطوات بالقول إن الوزارة تسعى للوصول إلى الجمهور من خلال المحتوى الذي يفهمه ويرتبط به، سواء كان ذلك Halo أو Pokémon أو غيرها من الألعاب. ومع ذلك، يختلف نهج “New Save Collective” بشكل كبير عن هذه الاستراتيجيات. فبينما ركزت بعض الحركات السابقة، مثل “Gamergate”، على التحرش والكراهية والاستبعاد، تسعى المجموعة الجديدة إلى بناء مجتمع يتميز باللطف والأصالة والعمل الإيجابي.

يقول أحد منظمي المجموعة، الذي يفضل استخدام الاسم “PitaBreadFace” عبر الإنترنت خوفًا على سلامته، إن معظم أعضاء المجموعة هم مهاجرون بأنفسهم أو أبناء مهاجرين أو لاجئين. وأوضح أنهم يسعون لخلق شعور بالانتماء، وتحفيز الناس على العمل من أجل هدف مشترك في ظل المناخ السياسي الحالي. هذه الفعالية ليست مجرد لعبة، بل هي منصة لتعليم الناس حقوقهم.

يثير هذا التوجه أسئلة حول دور الألعاب في التوعية الاجتماعية والسياسية. فمن ناحية، يمكن للألعاب أن تكون وسيلة قوية للتعبير عن الآراء وتقديم المعلومات بطريقة جذابة ومبتكرة. ومن ناحية أخرى، هناك مخاطر من استغلال الألعاب لأغراض دعائية أو لنشر معلومات مضللة.

بالإضافة إلى ذلك، يسلط هذا الأمر الضوء على أهمية التفكير النقدي لدى اللاعبين، والقدرة على التمييز بين الواقع والخيال، وبين المعلومات الصحيحة والمضللة. الوعي بـ حقوق المهاجرين أصبح محور اهتمام متزايد، وتستفيد هذه المجموعات من قدرة الألعاب على الوصول إلى جمهور واسع.

من المتوقع أن تواصل “New Save Collective” جهودها التوعوية في المستقبل، ربما من خلال توسيع نطاق الفعاليات لتشمل ألعابًا أخرى، أو من خلال تطوير أدوات تعليمية تفاعلية. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح مدى تأثير هذه المبادرة على الوعي العام بحقوق المهاجرين، أو على سلوك سلطات الهجرة. من المهم مراقبة التفاعل والانتشار لهذه الحملات، وردود فعل الجهات المعنية، لمعرفة ما إذا كانت ستؤدي إلى تغيير إيجابي ملموس.

يبقى التحدي الأكبر أمام المجموعة هو الحفاظ على حياديتها ومصداقيتها، وتجنب الوقوع في فخ الدعاية أو التحيز. كما يتعين عليها التعامل بحذر مع المخاطر الأمنية المحتملة، خاصة وأن بعض أعضائها يفضلون عدم الكشف عن هويتهم الحقيقية. يشكل موضوع الألعاب والتوعية السياسية نقلة نوعية في كيفية استخدام المساحات الرقمية للتأثير الاجتماعي.

شاركها.