أعلن مسؤول حكومي خلال ملتقى ميزانية السعودية 2026 عن طموحات المملكة العربية السعودية لزيادة عدد المصانع بشكل كبير، بهدف تعزيز القطاع الصناعي وتنويع مصادر الدخل. وتسعى المملكة إلى الوصول إلى 36 ألف مصنع بحلول عام 2035، مما سيساهم في تحقيق ناتج محلي يبلغ 1,400 مليار ريال. يأتي هذا الإعلان في سياق رؤية 2030 التي تركز على تطوير الصناعة الوطنية.

كشف المسؤول، في تصريحات أدلى بها خلال الملتقى الذي عقد مؤخرًا، عن التطور الكبير الذي شهده القطاع الصناعي السعودي على مر العقود. فقد شهدت المملكة قفزة نوعية في عدد المنشآت الصناعية، من حوالي 500 مصنع في السبعينيات إلى أكثر من 10,700 مصنع في عام 2020، وفقًا لقناة الإخبارية.

نحو تعزيز الصاعدة الصناعية: أهداف رؤية 2030 للمصانع

تعتبر زيادة عدد المصانع جزءًا أساسيًا من استراتيجية المملكة لتنويع الاقتصاد بعيدًا عن الاعتماد على النفط، وهو الهدف الرئيسي لرؤية 2030. تسعى الحكومة إلى خلق فرص عمل جديدة وزيادة الصادرات غير النفطية من خلال دعم وتطوير القطاع الصناعي. وتشمل هذه الاستراتيجية جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتوفير بيئة أعمال محفزة للشركات المحلية.

القفزة في أعداد المصانع: نظرة تاريخية

شهدت المملكة العربية السعودية تحولاً كبيرًا في هيكلها الاقتصادي خلال العقود الأخيرة. في السبعينيات، كان القطاع الصناعي محدودًا للغاية ويعتمد بشكل كبير على الصناعات المتعلقة بالنفط. ولكن مع الاستثمار المتزايد في البنية التحتية والتعليم، شهد القطاع الصناعي نموًا مطردًا. هذا التطور التدريجي، كما ورد في الملتقى، أدى إلى زيادة ملحوظة في عدد المصانع بحلول عام 2020.

يدعم هذا النمو قطاعات واعدة مثل الصناعات التحويلية، والبتروكيماويات، والتعدين، والطاقة المتجددة. وتُركز الجهود الحكومية على تطوير هذه القطاعات من خلال تقديم حوافز ضريبية وتسهيلات ائتمانية وخدمات استشارية للشركات. بالإضافة إلى ذلك، هناك تركيز متزايد على تطوير المهارات اللازمة للعمالة السعودية لتلبية احتياجات القطاع الصناعي المتنامي.

وبحسب البيانات الصادرة عن وزارة الصناعة والثروة المعدنية، فإن القطاع الصناعي يساهم حاليًا بنحو 14% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة. وترغب الحكومة في رفع هذه النسبة إلى أكثر من 25% بحلول عام 2035، مما يسلط الضوء على أهمية هذا القطاع في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

تحديات وفرص تنموية في القطاع الصناعي

على الرغم من التطور الكبير الذي شهده القطاع الصناعي السعودي، إلا أنه لا يزال يواجه بعض التحديات. تشمل هذه التحديات ارتفاع تكاليف الإنتاج، ونقص العمالة الماهرة في بعض المجالات، والبيروقراطية الإدارية. ومع ذلك، هناك أيضًا العديد من الفرص المتاحة لتطوير هذا القطاع، بما في ذلك الاستفادة من الموارد الطبيعية الوفيرة في المملكة، والوصول إلى الأسواق الإقليمية والعالمية، والاستثمار في التقنيات المتقدمة.

يشير خبراء الاقتصاد إلى أن تحقيق هدف الوصول إلى 36 ألف مصنع بحلول عام 2035 يتطلب استمرارًا في الجهود الحكومية لتطوير البنية التحتية، وتحسين بيئة الأعمال، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما يتطلب ذلك تطوير منظومة التعليم والتدريب لتوفير الكفاءات اللازمة للعمل في القطاع الصناعي. من الضروري أيضًا تبني سياسات تشجع على الابتكار والبحث والتطوير.

تعتبر الاستثمارات في مجال التحول الرقمي وتطبيق تقنيات الثورة الصناعية الرابعة من العوامل الرئيسية التي ستساهم في زيادة كفاءة وإنتاجية المصانع السعودية. ويمكن لهذه التقنيات أن تساعد الشركات على خفض التكاليف وتحسين جودة المنتجات وزيادة قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية. وتشمل هذه التقنيات الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والروبوتات، والطباعة ثلاثية الأبعاد.

بالإضافة إلى ذلك، تسعى الحكومة إلى تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص في مجال الصناعة. تهدف هذه الشراكات إلى توفير التمويل اللازم للمشاريع الصناعية وتقاسم المخاطر وتبادل الخبرات والمعرفة. وتعتقد الحكومة أن هذه الشراكات ستلعب دورًا حاسمًا في تحقيق أهداف رؤية 2030.

في سياق متصل، تشهد المملكة جهودًا لتبسيط الإجراءات والمتطلبات الخاصة بإنشاء وتشغيل المصانع. وتهدف هذه الجهود إلى تقليل البيروقراطية وتوفير الوقت والجهد على المستثمرين. وقد أطلقت الحكومة العديد من المبادرات في هذا المجال، بما في ذلك إنشاء منصة إلكترونية موحدة لتقديم الخدمات الصناعية. وتعد هذه المبادرات خطوة مهمة نحو تحسين بيئة الأعمال وجذب المزيد من الاستثمارات.

في الختام، يظل تحقيق هدف 36 ألف مصنع بحلول عام 2035 هدفًا طموحًا ولكنه قابل للتحقيق. يعتمد ذلك على استمرار الحكومة في جهودها لتطوير القطاع الصناعي، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتوفير بيئة أعمال محفزة، وتطوير المهارات اللازمة للعمالة السعودية. وستستمر المتابعة الدقيقة لتقدم هذا القطاع الحيوي، وتقييم أثر السياسات والبرامج المطبقة، وتعديلها حسب الحاجة لضمان تحقيق الأهداف المنشودة. من المتوقع أن يتم الإعلان عن تفاصيل إضافية حول خطط تطوير القطاع الصناعي في الأشهر القادمة.

شاركها.