حذرت “إدارة الأراضي العامة” في تكساس، التي تشرف على 13 مليون فدان من أراضي الولاية، من أن مياه الصرف السامة الناتجة عن تنقيب النفط الصخري، تهدد بتلويث آبار النفط في أكثر أحواض الخام إنتاجاً في أميركا الشمالية.

قالت الإدارة، التي تأسست عام 1836 وتدر مليارات الدولارات للمدارس العامة من خلال تأجير الأراضي لشركات النفط، إن خطط شركة “بايلوت ووتر سولوشنز” (Pilot Water Solutions) لإضافة 3 آبار للتخلص من مياه الصرف في حوض برميان قرب نيو مكسيكو، ستلحق ضرراً باحتياطياتها النفطية القريبة.

تعارض شركة “كونوكو فيليبس” (ConocoPhillips)، إحدى أكبر المنتجين في الحوض، المقترح أيضاً. وأوضحت الشركة أنه حتى مارس من العام الماضي، لم تنتج سوى 37% من النفط المتوقع، بينما أنتجت ما يقرب من ضعف كمية المياه في المنطقة المجاورة لآبار التخلص من مياه الصرف المقترحة من قبل “بايلوت”.

المشكلة باتت أكثر إلحاحاً

يعكس اعتراض “إدارة الأراضي العامة” و”كونوكو فيليبس” مدى تفاقم مشكلة مياه الصرف، إذ يُنتَج ما يصل إلى 5 براميل من المياه مقابل كل برميل من نفط برميان، ما يخلق معضلة كبرى للتخلص منها.

لأعوام، دقّ البيئيون والمزارعون ناقوس الخطر بشأن الزلازل والينابيع التي تسببها عمليات ضخ هذه المياه في باطن الأرض. لكن مع وصول إنتاج نفط برميان إلى مستويات قياسية جديدة، أصبحت الأزمة أكثر حدة.

اقرأ أيضاً: وسط تباطؤ الحفر.. أميركا تخفض توقعات نمو إنتاجها النفطي في 2025

كتبت مفوضة الإدارة دون باكنغهام، في رسالة بتاريخ 2 يونيو إلى الجهة المنظمة لقطاع النفط في تكساس: “يجب ألا يتم التخلص من النفايات بطريقة أو في موقع يهدد موارد النفط والغاز”، مضيفة أن مياه الصرف، التي قد تأتي من خارج تكساس، والمحقونة في آبار “بايلوت” يمكن أن “تؤثر سلباً على إيرادات النفط والغاز المخصصة دستورياً لأطفال المدارس في هذه الولاية”.

شركات أخرى تواجه نفس الخطر

تُعد “كونوكو فيليبس” أكبر منتج يثير القلق بشأن مياه الصرف حتى الآن، لكنها ليست الأولى. حذرت شركة “كوتيرا إنرجي” (Coterra Energy) المستثمرين الأسبوع الماضي من عدم توقع أي إنتاج نفطي هذا العام من الآبار التي تلوثت بسبب تسرب مياه الصرف.

في وقت سابق، رفعت شركة “ستيتلاين أوبيريتنغ” (Stateline Operating) في نيو مكسيكو دعوى قضائية ضد “ديفون إنرجي” (Devon Energy) و”أريس ووتر سولوشنز” (Aris Water Solutions)، متهمة الشركتين بتسرب مياه سامة من آبار التخلص الخاصة بهما إلى مناطق إنتاجها، ما جعل احتياطياتها عديمة القيمة.

“المشغلون باتوا يعترضون أكثر مما كانوا يفعلون في الماضي”، بحسب المحامي ديريك كوك، من “دي دي سي لو” (DDC Law) في ميدلاند تكساس، والذي لا يشارك في قضية “كونوكو فيليبس” ضد “بايلوت”.

أضاف: “يمكنهم أن يروا المخاطر والمشاكل الحقيقية التي قد يسببها التخلص من المياه لمصدر استثمارهم الأساسي، وهو ملكية المعادن”.

المواجهة القانونية مستمرة

تقول “كونوكو فيليبس” إن المياه من آبار “بايلوت” المقترحة “ستؤدي إلى ترك كمية كبيرة من احتياطيات النفط والغاز القابلة للاستخراج في باطن الأرض إلى الأبد”، وذلك وفقاً لملف قُدم في مايو إلى “هيئة سكك حديد تكساس”، وهي الجهة المنظمة لصناعة النفط.

أما “بايلوت”، وهي شركة خاصة، فقالت في ردها على “كونوكو فيليبس” إن طلبها للحصول على آبار جديدة يلبي أو يتجاوز جميع المتطلبات القانونية، مضيفة أن طلبها يتضمن تدابير أكثر صرامة من لوائح الهيئة الخاصة بآبار التخلص من المياه “في ضوء المخاوف الإقليمية بشأن الضغط”.

طالع أيضاً: وكالة الطاقة تتوقع تراجعاً كبيراً باستثمارات النفط الصخري الأميركي هذا العام

أضافت “بايلوت” في ملف مايو أن حجج “كونوكو فيليبس” “مليئة بلغة المراوغة التي تظهر افتقارها للثقة في فرضيتها”. 

وما تزال الاعتراضات قيد النظر لدى قسم جلسات الاستماع في الهيئة، الذي حذر مؤخراً من أن مياه الصرف الناتجة عن التكسير الهيدروليكي تتسبب في زيادة “واسعة النطاق” في الضغط تحت الأرض، ما قد يضر باحتياطيات النفط والمياه العذبة.

رفض ممثلو شركة “كونوكو فيليبس” و”هيئة سكك حديد تكساس” و”إدارة الأراضي العامة في تكساس” التعليق.

أبعاد تنافسية

رأى باتريك باتون، نائب رئيس المنتجات في شركة الاستشارات المائية “بي 3 إنسايت”، أن الاعتراض على آبار التخلص من المياه كان يُستخدم منذ فترة طويلة من قبل شركات المياه الأخرى لكسب النفوذ أو إبطاء المنافسين. وأشار إلى أن الهيئة بدأت قبل نحو 5 سنوات في قصر حق الاعتراض على المتأثرين مباشرة فقط.

أدى أحد هذه الاعتراضات مؤخراً إلى تخلي شركة “سولاريس ووتر ميدستريم” (Solaris Water Midstream) التابعة لـ”أريس” عن خطط لإنشاء عدة آبار للتخلص من المياه في وسط حوض برميان.

هذه المنطقة، الواقعة شرق النطاق الذي يتركز فيه خلاف “كونوكو فيليبس” و”إدارة الأراضي العامة”، شهدت حتى الآن عمليات حقن مياه صرف أقل من مناطق أخرى، لكنها عانت من آثارها في صورة تسربات سطحية.

وكانت شركة “كونتانغو ريسورسز” (Contango Resources)، التابعة لـ”كريسنت إنرجي” (Crescent Energy)، جادلت في ملف قُدم في نوفمبر بأن 4 من آبار التخلص من المياه المقترحة من “سولاريس” قد تتسبب في تسرب مياه ملوثة إلى منطقة إنتاجها، و”إحداث تدهور واسع” في موارد النفط والغاز القريبة منها.

المشكلة تتفاقم بين المنتجين

لكن “سولاريس”، التي وافقت شركتها الأم “أريس” مؤخراً على الاستحواذ عليها من قبل “ويسترن ميدستريم بارتنرز” (Western Midstream Partners) مقابل 1.5 مليار دولار، أعلنت الأسبوع الماضي أنها لن تمضي قدماً في حفر الآبار الأربع. ولم ترد “سولاريس” على طلبات التعليق، بينما رفض متحدث باسم “كريسنت” التعليق.

ومع تفاقم مشاكل مياه الصرف في حوض برميان، يسعى المشغلون جاهدين للحصول على المعلومات.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة “كوتيرا”، توم جوردن، خلال مؤتمر “جيه بي مورغان” في نيويورك في يونيو، إنه بعد حديث الشركة عن المشكلة في مكالمة أرباح الربع الأول في مايو، اكتشفت أن الأمر لا يقتصر عليها.

أضاف: “بمجرد انتهاء مكالمتنا، رن هاتفنا من مشغلين آخرين لديهم نفس المشكلة ويريدون الحديث عنها”.

شاركها.