من يدفع ثمن الرسوم الجمركية التي يفرضها الرئيس دونالد ترمب؟ حتى الآن، العبء يقع على عاتق الشركات والمستهلكين الأميركيين.

كانت شركة صناعة السيارات “جنرال موتورز” (General Motors) أحدث شركة أميركية تكشف عن كيفية ارتفاع التكاليف بسبب الرسوم الجمركية، إذ أعلنت يوم الثلاثاء أن الرسوم خصمت من أرباحها ما يزيد عن مليار دولار، بعدما اختارت استيعاب تأثير هذه الرسوم بدلاً من تحميلها للمستهلكين. وهذا يفسر عدم ارتفاع أسعار السيارات في بيانات التضخم الأسبوع الماضي، على عكس سلع مستوردة أخرى مثل الألعاب والأجهزة المنزلية التي شهدت ارتفاعاً قوياً، ما يدل على تمرير التكلفة إلى المستهلك مباشرة.

في الوقت ذاته، أظهرت بيانات يونيو ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار الواردات باستثناء الوقود، ما يشير إلى أن الشركات الأجنبية لم تخفض أسعارها للشركات الأميركية لتعويض الرسوم، متحدية بذلك ما يقوله الرئيس الأميركي بأن دول أخرى هي من يدفع تلك الرسوم. وقد كرر ترمب هذا الادعاء يوم الثلاثاء عقب لقائه مع نظيره الفلبيني، حيث نشر على وسائل التواصل الاجتماعي أن الفلبين “ستدفع رسوماً جمركية بنسبة 19%”.

عائدات الرسوم الجمركية تأتي من الداخل الأميركي

على الرغم من أن الرسوم الجمركية تساهم في زيادة ملحوظة لإيرادات الحكومة الأميركية، إلا أن البيانات تُظهر أن هذه العوائد تُجمع في معظمها من مصادر محلية داخل الولايات المتحدة.

في هذا الإطار، قال جورج سارافيلوس، الرئيس العالمي لاستراتيجية الصرف الأجنبي لدى “دويتشه بنك” (Deutsche Bank AG)، في مذكرة يوم الثلاثاء، إن “الأدلة الكلية تُبين بوضوح أن الأميركيين هم من يتحملون في الغالب تكلفة الرسوم الجمركية”. وأضاف: “من المرجح أن تشهد أسعار المستهلك في الولايات المتحدة ضغوطاً إضافية خلال الفترة المقبلة”.

اقرأ أيضاً: ترمب يهدد أكثر من 150 دولة برسوم جمركية تصل إلى 15%

يتفق العديد من الاقتصاديين مع هذا الطرح، لا سيما أن القراءات المعتدلة نسبياً لمؤشر أسعار المستهلك هذا العام تعكس تردد الشركات في تمرير كلفة الرسوم الجمركية إلى العملاء. وقد تجلى ذلك أيضاً في أداء مؤشر أسعار المنتجين، الذي سجل تباطؤاً ملحوظاً في وتيرة ارتفاع هوامش أرباح تجار الجملة والتجزئة خلال الأشهر الأخيرة.

شركات تتحمل عبء الرسوم وسط مقاومة الموردين

قالت سارة هاوس ونيكول سيرفي، الخبيرتان الاقتصاديتان لدى “ويلز فارغو آند كو” (Wells Fargo & Co)، في مذكرة الأسبوع الماضي، إن “الشركات المحلية تتحمل تكلفة الرسوم الجمركية المرتفعة، وشرعت في تمريرها إلى المستهلكين، وسط غياب التراجع في أسعار الواردات”. وأضافتا أن “الارتفاع الأحدث في أسعار الواردات يشير إلى أن الموردين الأجانب يرفضون عموماً خفض أسعارهم”.

مع ذلك، تُظهر بعض المؤشرات أن عدد من الموردين الأجانب يحاولون امتصاص جزء من الأعباء للحفاظ على تدفق السلع إلى السوق الأميركية. فقد تراجعت أسعار الصادرات في اليابان لثلاثة أشهر متتالية، بينما خفضت شركات صناعة السيارات اليابانية أسعار صادراتها إلى الولايات المتحدة خلال يونيو، في أكبر تراجع يُسجل منذ بدء جمع البيانات في عام 2016.

غير أن “ويلز فارغو” أشارت إلى أن تراجع قيمة الدولار الأميركي دفع العديد من الشركات الأجنبية إلى رفع أسعار فواتيرها لتعويض الفارق.

وفي السياق ذاته، اعتبر سارافيلوس من “دويتشه بنك” أن استمرار الضغط على الشركات الأميركية لتحمل كلفة الرسوم الجمركية يمثل عبئاً إضافياً على الدولار الأميركي، الذي يعاني بالفعل من أسوأ بداية عام له منذ سبعينيات القرن الماضي.

أرباح الشركات تحت ضغط الرسوم الجمركية

تشكك الجهات التي تُعد توقعات في أن الشركات الأميركية ستضحي بأرباحها لفترة أطول. فقد رفعت شركة “3 إم” (3M) توقعاتها للأرباح الأسبوع الماضي، مشيرة إلى أن تعديلات في خطوط الإنتاج واستراتيجيات التسعير ستُساعد في التخفيف من وطأة الرسوم الجمركية.

في المقابل، تستعد شركة “نايكي” (Nike) لتنفيذ زيادات سعرية “مدروسة” في محاولة لتخفيف أثر تلك الرسوم، إذ تُقدر الشركة أن التكاليف الإضافية الناتجة عن تلك الرسوم قد تصل إلى نحو مليار دولار.

اقرأ أيضاً: صندوق النقد يحذر من اختلالات في الاقتصاد العالمي تتجاهلها رسوم ترمب

من جهته، قال أندرو هولينهورست، كبير الاقتصاديين الأميركيين لدى “سيتي غروب” (Citigroup) في مذكرة يوم الثلاثاء: “إذا لم يتحمل المستهلكون والشركات الأجنبية كلفة الرسوم الجمركية، فإن الشركات المحلية هي من يدفع الثمن، وهذا ما ينبغي أن ينعكس في النهاية في تقارير أرباح الشركات”.

وأضاف: “سنتابع هذا الربع عن كثب، إلا أن الشركات قد تركز على حالة عدم اليقين، وقد تتوقع (ربما بشكل مبرر) أن تتغير معادلة تحمل الأعباء خلال الأشهر القادمة”.

شاركها.