تصدّر كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون قائمة أقل عدداً من الدول التي شاركت في العرض العسكري الذي نظّمه الرئيس شي جين بينغ، في مشهد جديد يُظهر تكتلاً يتشكل حول الصين.

مال الحضور من رؤساء الدول والحكومات في العرض الذي أقيم اليوم الأربعاء في بكين نحو الطابع السلطوي أكثر مما كان عليه الوضع في عام 2015، عندما نظّمت الصين أول عرض عسكري لها لإحياء ذكرى استسلام اليابان في الحرب العالمية الثانية. وكانت هناك نحو اثنتا عشرة دولة، من بينها إيران وكوبا، تُدعى لأول مرة ضمن قائمة ضيوف شي العام الجاري.

كان يقف إلى جانب شي على بوابة “تيان آن من” في بكين كل من بوتين وكيم، وهي المرة الأولى منذ ذروة الحرب الباردة قبل أكثر من نصف قرن التي يقف فيها قادة الدول الثلاث معاً خلال عرض عسكري.

قوى اقتصادية آسيوية حاضرة في بكين

وانضم إليهم قادة بعض أكبر اقتصادات جنوب شرق آسيا مثل إندونيسيا وماليزيا، إلى جانب دول من الاتحاد السوفيتي السابق مثل تركمانستان وأذربيجان وأرمينيا.

إقرأ أيضاً: الصين تكشف عن الثالوث النووي وصواريخ قادرة على الوصول لقواعد أميركية بحضور بوتين وكيم

رسخ ظهور شي وهو يقف بجانب بوتين وكيم ورئيس إيران مسعود بزشكيان الصورة التي وصفها بعض المحللين بـ”محور الاضطراب”، وهو تحالف غير رسمي يُنظر إليه على أنه يشكل تحدياً للنظام العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة.

ولم يكن حلفاء الصين في زمن الحرب مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة حاضرين في المناسبة. وعلى عكس ما كان عليه الحال قبل عقد من الزمن، غابت هذه المرة دول مثل بولندا وجمهورية التشيك، وحلّت محلها صربيا وسلوفاكيا، وهما دولتان أوروبيتان أكثر تعاطفاً مع روسيا.

مشاركة رمزية من كوريا الجنوبية ومصر والبرازيل

أرسلت دول أخرى، من بينها كوريا الجنوبية ومصر والبرازيل، مسؤولين كباراً أو مبعوثين.

منذ توليه السلطة في عام 2012، عمل شي جين بينغ بشكل منهجي على بناء تكتلات خارج نطاق النفوذ الأمريكي. وفي الوقت نفسه، تجذب القدرات الاقتصادية والعسكرية المتزايدة لبكين مجموعة من الدول المجاورة في آسيا

ماليزيا، التي كانت قد أرسلت مبعوثاً فحسب إلى العرض العسكري في عام 2015، شارك رئيس وزرائها أنور إبراهيم هذا العام شخصياً. أما رئيس إندونيسيا برابوو سوبيانتو، فقد سافر إلى بكين خلال الليل، متراجعاً عن قراره السابق بإلغاء الرحلة عقب احتجاجات دامية في بلاده.

شملت قائمة المدعوين زواراً متكررين للصين مثل رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، الذي كانت هذه زيارته السادسة عشرة للصين، وفقًا لما ذكرته قناة “سي جي تي إن” الحكومية.

انخفاض عدد القادة المشاركين مقارنة بعام 2015

وبحسب قائمة قدمتها وزارة الخارجية الصينية، حضر قادة من 26 دولة، أي أقل بأربعة قادة مقارنةً بعدد الحضور قبل عشر سنوات.

منذ الصباح الباكر، بدأ كبار الشخصيات بالنزول من سياراتهم الرئاسية بالقرب من بوابة “دوانمن” في الجانب الشمالي من ميدان “تيان آن من” في بكين، وساروا على امتداد سجادة حمراء يصطف على جانبيها الجنود الواقفون للحراسة.

قد يهمك: الرئيس الصيني في احتفالات “يوم النصر”: العالم الآن بين خيارين إما الحرب أو السلام

في نهاية الممر، استقبلهم شي جين بينغ وزوجته، قبل أن يصعدوا إلى المنصة المخصصة للمشاهدة أعلى بوابة “السلام السماوي”.

وصل بعضهم -مثل بوتين وكيم- بمفردهم؛ بينما رافق آخرون مثل رئيس وزراء ماليزيا أنور زوجاتهم؛ أما رئيس إيران فقد اصطحب ابنته. وارتدى الحضور مزيجاً من الملابس الوطنية والتقليدية والزي الغربي، فيما ارتدى البعض، مثل رئيس منغوليا خوريلسوخ أوخنا، نظارات شمسية اتقاءً لأشعة الشمس الصباحية الضبابية.

الظهور الدبلوماسي الأول لكيم جونغ أون

شكّل العرض العسكري الظهور الأول لكيم على الساحة الدبلوماسية العالمية؛ فهو أول زعيم كوري شمالي يحضر مثل هذا الحدث منذ نحو نصف قرن، وتحديداً منذ أن حضر جده جنازة زعيم يوغوسلافيا السابق جوزيف بروز تيتو في عام 1980.

قال مساعد وزير الخارجية هونغ لي في مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي إن حضور عدد كبير من قادة الدول والحكومات من جميع القارات الخمس يُظهر “اعتراف المجتمع الدولي العام بمساهمة الصين التاريخية وأهميتها للعالم”.

لكن، وعلى عكس عام 2015 حين انضم إلى شي جين بينغ كل من رئيسي جنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية آنذاك، فإن القادة الستة “الديمقراطيين” الذين حضروا هذا العام ينتمون إلى “ديمقراطيات معيبة”، وهي فئة ضمن مؤشر الديمقراطية الصادر عن وحدة المعلومات بمجلة “ذا إيكونوميست”،  وفقاً لنيل توماس، الباحث في السياسة الصينية بمركز تحليلات الصين في معهد السياسات التابع لجمعية آسيا.

شاركها.