تشتت الاقتصاد العالمي في عام 2024
شهد عام 2024 بعض التشتت غير المعتاد في العلاقة بين الاقتصاد والسياسة العالمية والجغرافيا والتي اتسعت بدلاً من أن تضيق على مدار العام.
وبالتطرق إلى عامل الجيوسياسية ففي عام 2024 نجحت روسيا في تأمين ميزة أكبر في حرب أوكرانيا مقارنة بالتوقعات التي أجمع عليها الجميع قبل عام.
وعلى نحو مماثل، تجاوزت المعاناة الإنسانية والدمار المادي الناجم عن الحرب في غزة توقعات أغلب المراقبين القاتمة وفي لبنان.
اقرأ أيضاً: كيف تؤثر عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض على الاقتصاد العالمي؟
والواقع أن الإفلات الواضح من العقاب الذي يتمتع به الأقوياء إلى جانب غياب الوسائل الفعّالة لمنع الأزمات الإنسانية المروعة أدى إلى تعميق الشعور لدى كثيرين بأن النظام العالمي مختل التوازن بشكل أساسي ويفتقر إلى أي حواجز قابلة للتنفيذ.
الاضطرابات العالمية والمحلية
أما بالنسبة للسياسات الداخلية، فقد كانت الاضطرابات هي النظام اليومي في العديد من البلدان فقد انهارت الحكومات في كل من فرنسا وألمانيا ــ أكبر اقتصادين في أوروبا ــ الأمر الذي ترك الاتحاد الأوروبي بلا قيادة سياسية.
وفيما بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الشهر الماضي تستعد الولايات المتحدة لانتقال سياسي من المرجح أن يجلب زيادة كبيرة في النفوذ السياسي لـ”نخبة مضادة” جديدة.
التطورات الاقتصادية الكلية
شهد العام الماضي أيضاً بعض التطورات الاقتصادية الكلية المثيرة للقلق فقد تفاقمت حالة الضيق التي تعيشها أوروبا في ظل تصارع بلدانها مع انخفاض النمو وعجز الموازنة الضخم.
اقرأ أيضاً: الاقتصاد العالمي مهدد بالانكماش في 2024 وتحذيرات للمستثمرين
كما فشلت الصين في الاستجابة بشكل موثوق للخطر الواضح المتمثل في “التحول إلى اليابان” في ظل التركيبة السكانية غير المواتية وتراكم الديون وتباطؤ سوق العقارات الأمر الذي يقوض النمو والكفاءة الاقتصادية وثقة المستهلك.
تفوق أمريكي مستمر في 2025
ونظرا لكمية رأس المال الأجنبي الذي تجتذبه الولايات المتحدة وحجم استثماراتها في محركات الإنتاجية والقدرة التنافسية والنمو في المستقبل فمن المرجح أن تستمر في التفوق على الاقتصادات الكبرى الأخرى في عام 2025.
ومن بين العواقب المترتبة على هذا النجاح أن بنك الاحتياطي الفيدرالي لم ينفذ التخفيضات المريحة في أسعار الفائدة التي كانت الأسواق تتوقعها قبل عام والتي بلغت 1.75 إلى 2 %.
من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه أيضا: ففي اجتماع السياسة في ديسمبر أشار بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى تخفيضات أقل في عام 2025، وإلى سعر فائدة نهائي أعلى (طويل الأجل).
ولكن الاضطرابات السياسية والجيوسياسية ــ والآفاق المحدودة لتحسنات كبيرة ــ تشكل خطرا على استمرار استثنائية الاقتصاد الأمريكي.
تعديلات كبيرة في السياسات النقدية العالمية
في غياب إعادة ضبط كبرى للسياسة النقدية فإن السيناريو الأساسي المتوقع للولايات المتحدة يتضمن معدل نمو أقل إلى حد ما حتى مع تفوق الاقتصاد على نظرائه وتضخم ثابت وهذا من شأنه أن يضع بنك الاحتياطي الفيدرالي أمام خيارين: إما قبول التضخم فوق المستهدف أو محاولة خفضه والمجازفة بدفع الاقتصاد إلى الركود.
وعلى الصعيد العالمي، سوف يستمر التفتت الاقتصادي مما يدفع بعض البلدان إلى تنويع احتياطياتها بعيداً عن الدولار واستكشاف بدائل لأنظمة الدفع الغربية.