قال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي السيد حسين إبراهيم طه، إن الحق في الصحة حظي بالأولوية بشكل متزايد في سيناريوهات ما بعد جائحة كوفيد-19.
وأكد أنه في هذا السياق، “فإننا بحاجة إلى التعلم من الخبرات المريرة وتجنب تكرار الأخطاء التي تشمل عدم التأهب، والتفاوتات النظامية، والمظالم، والتمييز، وهي عوامل أثرت بشكل غير متناسب على الفئات المستضعفة من المجتمع، بما في ذلك النساء والفتيات، والأشخاص ذوي الإعاقة، وكبار السن والمهاجرين، واللاجئين”.
جاء ذلك خلال الدورة العادية الـ24 للهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان والتي تناقش “الحق في الصحة: المنظور الإسلامي ومنظور حقوق الإنسان”.

أزمة إنسانية وطبية في غزة

وبين طه، أن الأزمة الإنسانية والطبية وشيكة في قطاع غزة وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك بسبب الإبادة الجماعية وجرائم الحرب المستمرة التي ترتكبها إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، في هذه الأراضي.
وقال: “وصل الحال بهذه الحقيقة البغيضة إلى أن أكثر من 43000 فلسطينياً فقدوا أرواحهم، بينما خلفت فظائع الإبادة الجماعية أكثر من 100000 جريحاً، معظمهم من النساء والأطفال، منذ العدوان العسكري في أكتوبر 2023 ، وفي غضون ذلك، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي استهداف مراكز الإيواء والمدارس والبنية التحتية المدنية في قطاع غزة دون عقاب، وقصف المستشفيات، ما تسبب في وفاة الآلاف من المرضى وانهيار النظام الصحي وخروجه بالكامل عن الخدمة”.
وتابع: “أدت موجات النزوح لأكثر من 1.9 مليون فلسطيني إلى خلق شعب في حاجة ماسة إلى الضروريات الأساسية والسلامة والاستقرار، مع وصول محدود إلى الخدمات الأساسية، مثل الغذاء، والرعاية الصحية، والمياه النظيفة، والمأوى”.
وأوضح أن على العالم والمجتمع الدولي لحقوق الإنسان التحرك بشكل عاجل لوقف الحرب، وبذل الجهود الضرورية لتجنب استمرار الأزمة الإنسانية.

تطوير الرعاية الصحية

وأضاف الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، أن عملية تطوير وتوفير الرعاية الصحية تحظى بالأولوية في إطار مجالات العمل المشترك التي حددتها منظمة التعاون الإسلامي في برنامج عملها حتى عام 2025 وبرنامج عملهاالاستراتيجي في مجال الصحة 2014-2023، بوصفها جزءا لا يتجزأ من جهود التنمية البشرية الشاملة والتقدم الاجتماعي والاقتصادي وتخفيف حدة الفقر في الدول الأعضاء.
وقال: “حتى الآن، عقدت الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي سبع دورات للمؤتمر الإسلامي لوزراء الصحة التي تركزت كلها على معالجة القضايا والتحديات ذات الصلة بمجال الصحة العامة في الدول الأعضاء”.
وأشار إلى أنه في العقد الماضي، أبدت العديد من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي اهتماما خاصا بقضية الصحة وتطوير نظم صحية حديثة ومستدامة من خلال تخصيص المزيد من الموارد لقطاع الصحة، بشكل أكثر من أي وقت مضى ونتيجة لذلك، شهدت هذه الدول تحسناً كبيراً في تغطية الرعاية الصحية، فيما ظل الوضع أقل إيجابية في الدول الأعضاء الأقل نمواً، والتي لا تزال متأخرة في تغطية الرعاية الصحية الأولية.
وتتجلى هذه الحقيقة بشكل خاص في جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث تعاني أنظمة الرعاية الصحية من الهشاشة لقلة الموارد المالية، وضعف البنية الأساسية، ونقص الأيدي العاملة، والتقدم البطيء في تنفيذ الإصلاحات الخاصة بقطاع الصحة، مما يؤدي إلى انخفاض كبير في القدرة على الوصول إلى الخدمات الصحية.

  منظمة التعاون الإسلامي: 4 توصيات للدول الأعضاء تضمن الحق في الصحة

تحسن ملموس في الرعاية الصحية

وكشف طه، أنه على الرغم من التحسن الملموس في أنظمة وتغطية الرعاية الصحية، فإن التقدم المحرز من قبل الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في الحد من وفيات الأمهات والأطفال لا يزال بطيئا.
وقال: “في هذا السياق، تشير الأدلة إلى أن معظم هذه الوفيات يمكن تجنبها، حتى من خلال استخدام تدابير بسيطة وفعالة من حيث التكلفة، مثل إجراء الفحوصات العامة السابقة للولادة، ووجود القابلات الماهرات أثناء الولادة، والتحصين، ما يستدعي إعادة النظر في ممارساتنا الحالية، واعتماد نهج أكثر عملية وقائمة على الأدلة، وبالأخص ما أثبتت فعاليتها في أماكن أخرى”.
واعتبر الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، الرعاية الصحية حقا مكفولا للجميع، وليس امتيازا على الإطلاق، بل بالعكس، تشكل حلقة وصل أساسية تمكن من الوصول إلى جميع حقوق الإنسان الأخرى، وهو حق يتعهد به بعضنا للبعض – ما يعني أن بإمكان كل شخص، أينما كان، أن يعيش بكرامة، دون عائق يذكر، وذلك من أجل الوصول إلى الرفاهية، مع الدعم المناسب لقيادة حياة مليئة ومُرضية.

خلال الدورة العادية الـ24 للهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان

استثمار في الصحة

وحدد طه ٤ توصيات الدول الأعضاء، تتمثل في:
أولا، الالتزام بتوفير خدمات الرعاية الصحية الجيدة وإتاحتهابأسعار معقولة للجميع، مع التركيز على المجتمعات الضعيفة والمهمشة من خلال التغطية الصحية الشاملة التي تدعم ضمان عدم تخلف أي شخص عن الركب؛
ثانيا، ثمة حاجة ملحة إلى الاستثمار في أنظمة صحية قادرة على الصمود تضم متخصصين في الرعاية الصحية مدربين تدريبا جيدا ومزودين بالموارد الكافية، بحيث يشمل ذلك تعزيز القدرة على التأهب لحالات الطوارئ، ومعالجة النقص في القوى العاملة في المجال الصحي، وتوسيع نطاق الوصول إلى الإمدادات الطبية والتكنولوجية الأساسية؛
ثالثا، ينبغي للتدابير التشريعية والإدارية أن تركز على السياسات التي تساعد على تعزيز المساواة في مجال الصحة وعدم التمييز والوصول إلى الرعاية الصحية بأسعار معقولة؛
وأخيرا، تعزيز الشراكات بين الحكومات والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني لتبادل أفضل الممارسات وتعبئة الموارد. ويشمل ذلك إنشاء أطر واضحة للمساءلة لرصد التقدم والحفاظ على الالتزام بالحق في الصحة في جميع الدول.

شاركها.