بعد يومين من مناظرتهما التي يصر كل طرف على أنه انتصر فيها، أعلن المرشح الجمهوري في الانتخابات الأميركية دونالد ترامب أنه لن يشارك في أي مناظرة أخرى مع منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، فيما رأت الأخيرة أنهما مدينان للناخبين بإجراء مناظرة ثانية.

ووفق استطلاع للرأي، أجرته وكالة رويترز وشركة إبسوس، والذي أظهر تقدم هاريس على ترامب بخمس نقاط مئوية، فإن 47% من الناخبين، الذين تم استطلاع آرائهم، أعربوا عن دعمهم لهاريس، فيما قال 42% إنهم سيصوتون لترامب.

كما أشار الاستطلاع، الذي نُشرت نتائجه اليوم، إلى أن 53% من الناخبين المسجلين قالوا إن هاريس هي من تفوقت خلال المناظرة التي أجريت الثلاثاء الماضي، مقابل 24% رأوا أن ترامب كان الطرف الأفضل فيها.

أكثر شراسة

ويعود كل من المرشحين إلى الولايات المتأرجحة لاستمالة الناخبين في هذه الولايات الحاسمة للفوز بالانتخابات الرئاسية، حيث نقلت شبكة أي بي سي عن حملة هاريس أنها ستبدأ حملة انتخابية وصفتها بالأكثر شراسة بعد المناظرة.

وقالت الحملة إنه من المقرر أن تتوجه هاريس خلال اليومين المقبلين إلى ولايتي نورث كارولاينا وبنسلفانيا، حيث ستحاول الاستفادة مما وصفته بانتصارها الحاسم على ترامب في المناظرة.

وفي هذا السياق، يلفت مراسل الجزيرة أحمد هزيم إلى أن الاستطلاعات قبل المناظرة في ولاية نورث كارولينا، كانت تظهر تقاربا شديدا للغاية بين المرشحين مع تفوق بـ3 أعشار بالمئة لهاريس، وهو الأمر الذي دفعها لجعلها محطتها الأولى بعد المناظرة.

ويرى هزيم أن هاريس تسعى لاستثمار ما يراه قطاع كبير من المراقبين تفوقا لها في تلك المناظرة، وتحاول أن تزيد المسافة بينها وبين ترامب في هذه الولاية، وتستغل التغطية الإعلامية الإيجابية لأدائها خلال تلك المناظرة، لتقطع على ترامب الكثير من الطرق لوصوله للبيت الأبيض.

في المقابل، يعقد ترامب، الذي يصر هو الآخر على أنه أبلى بلاء حسنا في المناظرة، مهرجانا انتخابيا في ولاية أريزونا الحدودية، ويُتوقع أن يسلط الضوء على ملف الهجرة ومخاطر تدفق اللاجئين إلى الولايات المتحدة بشكل غير قانوني.

وحول إعلانه عدم المشاركة في مناظرة ثانية مع هاريس، يشير مراسل الجزيرة مراد هاشم، إلى أن ترامب يرى أن القبول بإجراء هذه المناظرة بمثابة اعتراف وإقرار بالهزيمة منه، وشبّه الأمر بحال الملاكم الذي يُهزم فيدفعه ذلك للمطالبة بجولة أخرى.

اعتراف ضمني

وحسب هاشم، فإن تشكيك حملة ترامب بما تتداوله وسائل إعلام عن تفوق هاريس في المناظرة، حمل اعترافا ضمنيا بالخسارة في صورة التأكيد على أن استطلاعات الرأي تشير إلى فارق ضئيل لصالح هاريس، وليس كبيرا كما يراه البعض.

ويراهن ترامب على ولاية أريزونا التي تعتبر ولاية حاسمة لأيّ مترشح، وكان قد خسرها بفارق ضئيل أمام منافسه الديمقراطي جو بايدن قبل 4 سنوات.

بدوره، يشير مراسل الجزيرة محمد البقالي إلى أن ولاية ميشيغن ذات الحضور الإسلامي والعربي، والتي تعد إحدى الولايات المتأرجحة، تحظى باهتمام كبير من قبل المرشحين، خاصة هاريس.

ولفت إلى أن حركة “غير ملتزم”، التي جمعت حولها مئات الآلاف من الناخبين، تقول إنهم مستعدون للتصويت لهاريس، شريطة أن تلتزم بشكل حقيقي بوقف الحرب في قطاع غزة، حيث يرون أن إعلانها الالتزام بذلك لا يكفي طالما لم يترافق بأفعال مؤثرة، واتخاذ قرار وقف تصدير الأسلحة لإسرائيل.

وفي السياق، قال ألبرتو غونزاليس وزير العدل الأميركي السابق والمستشار السابق في إدارة جورج بوش، في مقال رأي بصحيفة بوليتيكو، إنه قرر دعم هاريس لأن ترامب قد يمثل أخطر تهديد لسيادة القانون، فيما تبدو هاريس، من خلال مناظرتها، الأنسب والأكثر قدرة والتزاما على توحيد الأميركيين.

وذكر غونزاليس أن العديد من كبار المسؤولين الذين عملوا مع ترامب في البيت الأبيض يرفضون دعمه في الانتخابات، بما في ذلك نائبه ورئيس الأركان ووزير الدفاع ومستشار الأمن القومي.

معضلة ترامب

وفي السياق، أرجع المحلل السياسي والإستراتيجي والمختص في الشؤون الحزبية إريك هام رفض ترامب إجراء مناظرة جديدة مع هاريس إلى خوفه من خسارة أصوات أكثر بالظهور أمام مجموعات من المشاهدين، مفضلا التركيز على حشد الأصوات، خاصة أصوات النساء.

ورأى في حديثه للجزيرة أن السباق يمر بمنعرجات وتغيرات كثيرة، وسيكون هناك الكثير من المؤثرات على نتائجه، لافتا إلى معضلة تواجه ترامب وحملته الانتخابية، وهي أنه كان مستعدا لمواجهة بايدن، فيما جاء ترشح هاريس ليربك حساباتهم، وهو الأمر الذي ظهر حين قالت له هاريس “أنت تناظرني أنا وليس بايدن”.

كذلك اعتبرت كبيرة الباحثين لشؤون الحكومة والأمن القومي في معهد كوينسي كيلي فلاهوس رفض ترامب مناظرة هاريس مرة أخرى بمثابة إقرار من حملته بأن أداءه لم يكن الأفضل، ومن ثم سيكون لظهوره في مناظرة أخرى مخاطر جمة تجعل فرصه على المحك.

لكنها في الوقت ذاته، ترى أن الفارق بين المرشحين لا يزال ضئيلا، وأنه من المبكر التكهن بنتائج هذا السابق، كما ترى أنه لا بد من انتظار المزيد من الاستطلاعات للوقف على أثر المناظرة التي جرت بين المرشحين.

ورأت فلاهوس أن الأدوار تغيرت، حيث إنه وبعد المناظرة التي جمعت ترامب ببايدن وكان أغلب التقديرات ترى تفوقه فيها، نادى أنصاره بتكرارها مرة أخرى، وهو الأمر الذي اختلف هذه المرة، حيث تدعو هاريس لإجراء مناظرة ثانية بعد ما ظهر من تفوقها في مناظرتها الأولى مع ترامب.

شاركها.