عُقد في الرياض اليوم الاثنين، ملتقى الأعمال السعودي التونسي، بهدف رئيسي تعزيز الاستثمار السعودي التونسي وتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي بين البلدين. يأتي هذا الملتقى على هامش الدورة الثانية عشرة للجنة السعودية التونسية المشتركة، بمشاركة رفيعة المستوى من كلا الجانبين، وعلى رأسهم وزراء الصناعة والاقتصاد.
حضر الملتقى وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر بن إبراهيم الخريف، ووزير الاقتصاد والتخطيط التونسي الدكتور سمير عبد الحفيظ، بالإضافة إلى عدد من كبار المسؤولين ورجال الأعمال من القطاعين العام والخاص في كلا البلدين. ويهدف هذا اللقاء إلى تحديد الفرص المتاحة وتذليل العقبات التي تواجه المستثمرين، مما يسهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية في كلا الدولتين.
تعزيز الشراكات الاستثمارية السعودية التونسية
يُعد هذا الملتقى تتويجًا لجهود مستمرة لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية التونسية. وتشهد هذه العلاقات تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، مدفوعة برؤية مشتركة نحو تحقيق التكامل الاقتصادي والازدهار المشترك. وتسعى كلا الدولتين إلى تنويع مصادر دخلهما وتقليل الاعتماد على النفط، مما يجعل التعاون في مجالات مثل السياحة والطاقة المتجددة والتكنولوجيا الرقمية أمرًا بالغ الأهمية.
أجندة الملتقى ومناقشات رئيسية
ركز الملتقى على مناقشة مجموعة واسعة من الموضوعات المتعلقة بالاستثمار والتجارة بين البلدين. وتضمنت هذه الموضوعات فرص الاستثمار في القطاعات الواعدة، مثل الطاقة، والبنية التحتية، والسياحة، والزراعة، والصناعات الغذائية. كما تم بحث آليات تسهيل حركة رؤوس الأموال والاستثمارات، وتبسيط الإجراءات الإدارية، وتوفير بيئة استثمارية جاذبة.
بالإضافة إلى ذلك، تطرقت المناقشات إلى أهمية تطوير التعاون في مجال المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ودعم ريادة الأعمال، وتبادل الخبرات والمعرفة. وأكد المشاركون على ضرورة تعزيز دور القطاع الخاص في دفع عجلة التنمية الاقتصادية، وتوفير الدعم اللازم للمستثمرين ورواد الأعمال.
الاستثمارات السعودية في تونس: نظرة عامة
تُعد المملكة العربية السعودية من بين أهم الدول المستثمرة في تونس. ووفقًا لبيانات وزارة الاقتصاد التونسية، بلغت قيمة الاستثمارات السعودية المباشرة في تونس أكثر من 1.2 مليار دولار أمريكي في نهاية عام 2023. وتركز هذه الاستثمارات بشكل رئيسي في قطاعات العقارات، والسياحة، والطاقة، والخدمات المالية.
ومع ذلك، يرى خبراء اقتصاديون أن هناك مجالًا واسعًا لزيادة حجم الاستثمارات السعودية في تونس، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها تونس حاليًا. وتشير التقارير إلى أن تونس تحتاج إلى استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة عدة مليارات من الدولارات لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام وخلق فرص عمل جديدة. وتعتبر الاستثمارات الأجنبية المباشرة محفزًا رئيسيًا للتنمية.
من جهته، أكد وزير الاقتصاد والتخطيط التونسي الدكتور سمير عبد الحفيظ على التزام الحكومة التونسية بتوفير كافة التسهيلات والحوافز للمستثمرين السعوديين، وتهيئة بيئة استثمارية مواتية لنجاح مشاريعهم. وأضاف أن تونس تسعى إلى أن تكون شريكًا استراتيجيًا للمملكة العربية السعودية في مختلف المجالات الاقتصادية.
توقعات مستقبلية وتحديات محتملة
يتوقع مراقبون أن يشهد التعاون الاقتصادي بين السعودية وتونس زخمًا أكبر في الفترة القادمة، في ظل التطورات الإيجابية التي تشهدها العلاقات الثنائية. وتشير التوقعات إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين قد يتجاوز 3 مليارات دولار أمريكي في السنوات القليلة المقبلة. كما من المتوقع أن تزيد الاستثمارات السعودية في تونس بشكل ملحوظ، خاصة في القطاعات الواعدة.
ومع ذلك، هناك بعض التحديات التي قد تعيق تحقيق هذه التوقعات. وتشمل هذه التحديات عدم الاستقرار السياسي في تونس، والبيروقراطية الإدارية، وصعوبة الحصول على التمويل، ونقص البنية التحتية. بالإضافة إلى ذلك، قد تؤثر التطورات الاقتصادية العالمية على حجم الاستثمارات والتبادل التجاري بين البلدين.
في سياق متصل، أكدت وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية على أهمية تفعيل اتفاقيات التعاون الثنائية الموقعة بين البلدين، وتسريع إجراءات تنفيذ المشاريع المشتركة. وشددت الوزارة على ضرورة تبادل المعلومات والخبرات بين القطاعين العام والخاص في كلا البلدين، وتعزيز التعاون في مجال التدريب وتطوير الكفاءات. كما أشارت إلى أهمية الاستفادة من الفرص التي تتيحها رؤية 2030 في المملكة العربية السعودية، والتي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتحقيق التنمية المستدامة.
من المتوقع أن تعقد اللجنة السعودية التونسية المشتركة اجتماعًا آخر في الربع الأخير من عام 2024 لمتابعة تنفيذ القرارات والتوصيات الصادرة عن الملتقى. وستركز هذه الاجتماعات على تقييم التقدم المحرز في مختلف المجالات، وتحديد الخطوات اللازمة لتذليل العقبات وتسريع وتيرة التعاون. وستظل التطورات السياسية والاقتصادية في كلا البلدين، بالإضافة إلى الأوضاع الإقليمية والعالمية، عوامل مؤثرة في مسار العلاقات الاقتصادية السعودية التونسية.






