تضمنت عملية بيع ناقلة نفط خاضعة لعقوبات أميركية، يجري تفكيكها حالياً في الهند، شروط سداد تمتد لفترة أطول من المعتاد وتدابير لإخفاء هوية المالك، وهي بنود غير مألوفة تعكس الضغوط المتزايدة على السفن القديمة في “أسطول الظلّ”، وسط التشدد في تطبيق العقوبات.

الناقلة “كونتراكت تو” (Contract II) التي بُنيت قبل نحو 30 عاماً، وكانت تُعرف سابقاً باسم “جاسمين” (Jasmine) حين أُدرجت على قوائم العقوبات عام 2019 بسبب تورطها في تجارة النفط الإيراني، رست في أواخر يونيو عند شاطئ ألانغ، مركز تفكيك السفن في غرب الهند الذي بات وجهة رئيسية لسفن “أسطول الظل”. وكانت أعداد متزايدة من السفن قد وصلت إلى المركز في الأشهر الماضية، وسط العقوبات التي تصعّب على ناقلات النفط القديمة الاستمرار في تجارة النفط غير الشرعية.

عقد البيع، المؤلف من ثماني صفحات واطّلعت عليه “بلومبرغ”، يقدم لمحة نادرة عن الشروط المالية المرتبطة بتفكيك سفينة خاضعة للعقوبات، ويكشف عن مهلة سداد تمتد إلى 180 يوماً، وهي فترة أطول بكثير من المعتاد في هذا القطاع على حد قول أشخاص مطلعين، حيث تُسدد الدفعات عادة خلال أيام أو أسابيع.

وبموجب العقد المؤرخ في 20 مايو، يحق للمشتري المدرج تحت اسم شركة “شانتاماني إنتربرايز” (Shantamani Enterprise LLP)، دفع المبلغ على مراحل خلال فترة تقارب ستة أشهر، من دون احتساب أي فوائد.

خيارات محدودة أمام سفن أسطول الظلّ القديمة

قال أندرو ويلسون، رئيس قسم الأبحاث في شركة “بي آر إس شيبروكرز” (BRS Shipbrokers)، “لا بائع يقبل الانتظار كل هذه المدة للحصول على مستحقاته بعد التسليم، وهو ما يشير إلى أن البائع كان في حاجة للتخلص من السفينة بسرعة.”

وأوضحت منظمة “بيمكو” (Bimco) الدولية الناشطة في قطاع الشحن، والمتخصصة في إعداد عقود نموذجية أن المشتري في العادة يسدد دفعة أولى، على أن يدفع المبلغ المتبقي خلال ثلاثة أيام عمل مصرفية من تاريخ الاتفاق على التسليم.

من جهتها، قالت شركة “شانتاماني” في رد عبر البريد الإلكتروني، إن السفينة “استوفت جميع المتطلبات” الجمركية والحكومية، مؤكدة أن عملياتها تخضع للقانون الهندي، وأن الصفقة أُبرمت “مباشرة مع البائعين”.

تواصل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي توسيع قوائم العقوبات لتشمل مزيداً من السفن التي تدعم صادرات النفط الروسية والإيرانية والفنزويلية. ففي العام الماضي، بلغ عدد الناقلات الخاضعة للعقوبات 191، بينما ارتفع العدد حالياً إلى 886 ناقلة، أي ما يمثل نحو 78% من “أسطول الظل”، بحسب بيانات “بي آر إس”.

ومع استبعادها من السوق النظامية، لم يعد أمام الناقلات القديمة الخاضعة للعقوبات سوى خيارين: منافسة السفن الأحدث ضمن الأسطول المحظور، أو التفكيك.

بيع بسعر مخفّض

يكشف عقد البيع أن شركة “ثاوزند مايلز شيب مانجمنت” (Thousand Miles Shipmanagement) هي الجهة البائعة، وهي شركة لديها عنوان مسجل في سيشل، ترتبط بكيانات أخرى خاضعة للعقوبات الأميركية، لكنها لا تملك أي وجود إلكتروني أو بيانات اتصال معروفة.

وفي حين يُنشئ بعض سماسرة سوق تفكيك السفن كيانات خاصة لإتمام عمليات التسليم النهائية، فإن استخدام شركات واجهة لحجب هوية المالك يُعد ممارسة شائعة في صفقات “أسطول الظل” أيضاً. وكان أشخاص عاملون في القطاع تواصلت معهم بلومبرغ أفادوا بأنهم لا يعرفون شيئاً عن شركة “ثاوزند مايلز”.

وبحسب أشخاص مطلعين في القطاع، فإن عقود البيع تتضمّن في العادة تفاصيل الحسابات المصرفية، لكن هذه العلومة غابت عن عقد سفينة “كونتراكت تو”، الذي حُدِّد فيه سعر البيع عند 14.04 مليون درهم إماراتي (نحو 3.82 مليون دولار).

وأضاف الأشخاص الذين طلبوا عدم نشر هوياتهم نظراً لحساسية الموضوع أن الدرهم الإماراتي ليس من العملات المتداولة عادة في هذا النوع من الصفقات، التي تُبرم غالباً بالدولار الأميركي. 

قال تشارلي براون، المستشار الأول في منظمة “متحدون ضد إيران نووية” (United Against Nuclear Iran)، إن شروط الدفع التي تمتد لفترة طويلة واستخدام شركة واجهة يهدفان إلى تصعيب تتبّع الصفقة وربطها بالجهة الأصلية، مع تقديم حوافز كافية لإقناع المشترين المحتملين بالمخاطرة. واعتبر براون، الذي يركز في عمله على مراقبة تنفيذ العقوبات البحرية، أن هذه الصفقة تندرج ضمن نمط متكرر في سوق السفن الخاضعة للعقوبات.

وكما هو معتاد في مثل هذه الحالات، بيعت الناقلة بسعر مخفّض مقارنة بالسوق، بناءً على سعر خردة الفولاذ في الهند وقت إعداد الوثيقة، وهو ما يُعد منطقياً للطرفين: فشركة “ثاوزند مايلز” على الأرجح تسعى للتخلص من ناقلة مدرجة على القائمة السوداء، فيما يسعى حوض التفكيك إلى الحفاظ على هوامش ربح جيدة وتعزيز قدرته التنافسية في سوق تعاني من التباطؤ.

وبحسب أشخاص مطلعين على القطاع، بدأت هذا الأسبوع أعمال تفكيك الناقلة “كونتراكت تو”. وعادة ما تبدأ عملية التفكيك بعد نحو شهر من رسو السفينة على الشاطئ، لإتاحة الوقت اللازم لتفريغ الوقود والحصول على التراخيص الرسمية للتفكيك.

شاركها.