اختتمت فعاليات الندوة العالمية الثانية للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم في القاهرة، وسط حضور لافت لعلماء ومفتين من مختلف أنحاء العالم. وقد شهدت الندوة، التي ركزت على أهمية الفتوى في مواجهة قضايا العصر، نقاشات معمقة حول كيفية تطوير العمل الإفتائي ليواكب التحديات المعاصرة ويساهم في تعزيز السلام والاستقرار المجتمعي.
عُقدت الندوة على مدار يومين، 15 و16 ديسمبر الجاري، بمشاركة واسعة من المؤسسات الإفتائية الرائدة، بهدف تبادل الخبرات وتعزيز التعاون في مجال الفتوى. وقد حرص الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، على توديع الوفود المشاركة، مؤكدًا على أهمية هذه اللقاءات في توحيد الرؤى وتعزيز دور الإفتاء في خدمة الإنسانية.
الفتوى وقضايا الواقع الإنساني: نحو اجتهاد رشيد
شهدت الندوة مشاركة نخبة من المفتين البارزين، من بينهم الشيخ هشام بن محمود، مفتي الجمهورية التونسية، والدكتور أحمد الحسنات، مفتي المملكة الأردنية الهاشمية، والشيخ ياسر بن إبراهيم الجلاهمة، الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالبحرين. كما حضر الدكتور محمد بن عيضة شبيبة، وزير الأوقاف والإرشاد بالجمهورية اليمنية، والشيخ أحمد بن سعود السيابي، أمين عام مكتب الإفتاء بسلطنة عمان، بالإضافة إلى الشيخ حاجي ديني عبدالله، نائب مفتي بروناي، والشيخ موسى سعيدي، رئيس المجلس الإسلامي بزامبيا.
أعرب الدكتور نظير عياد عن شكره وتقديره لجميع الوفود المشاركة، مشيدًا بالمساهمات القيمة التي قدموها خلال الجلسات العلمية وورش العمل. وأكد أن هذه المشاركات ساهمت بشكل كبير في إثراء النقاشات وتوسيع آفاق البحث في القضايا المطروحة. وتناولت الندوة قضايا معاصرة مثل التطرّف الديني، والهجرة، والأمن الغذائي، والتغير المناخي، وكيفية التعامل معها من منظور إسلامي رشيد.
أهم محاور النقاش
ركزت المناقشات على ضرورة تطوير مناهج الإفتاء لتواكب التغيرات السريعة في العالم، مع التأكيد على أهمية الاستفادة من الأدوات التكنولوجية الحديثة في نشر الفتوى الصحيحة ومواجهة الفتوى المتطرفة. كما تم التأكيد على أهمية دور المؤسسات الإفتائية في تعزيز قيم التسامح والاعتدال والحوار بين الثقافات المختلفة.
بالإضافة إلى ذلك، ناقشت الندوة أهمية تدريب وتأهيل المفتين، وتزويدهم بالمهارات اللازمة للتعامل مع القضايا المعاصرة، وكيفية بناء الثقة بين المؤسسات الإفتائية وعامة الناس. وشدد المشاركون على ضرورة أن تكون الفتوى مبنية على أسس علمية ومنهجية واضحة، وأن تراعي الظروف الخاصة بكل مجتمع.
وتعد هذه الندوة استمرارًا لجهود الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم في تعزيز التعاون بين المؤسسات الإفتائية في مختلف أنحاء العالم، وتوحيد الرؤى في مواجهة التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية. وتأتي في سياق سعي الأمانة العامة إلى تطوير العمل الإفتائي ليساهم بشكل فعال في بناء مجتمعات مستقرة ومزدهرة.
وتشكل الفتوى ركيزة أساسية في حياة المسلمين، حيث تلعب دورًا هامًا في توجيههم وتحديد مساراتهم في مختلف جوانب الحياة. لذلك، فإن تطوير العمل الإفتائي وتحديث مناهجه يعتبر أمرًا ضروريًا لمواكبة التحديات المعاصرة والاستجابة لاحتياجات المجتمعات المتغيرة.
وفي ختام الندوة، تم الاتفاق على تشكيل لجان متخصصة لمتابعة تنفيذ التوصيات التي خرجت بها الندوة، وتقديم مقترحات عملية لتطوير العمل الإفتائي في مختلف الدول. كما تم التأكيد على أهمية استمرار الحوار والتعاون بين المؤسسات الإفتائية، وتبادل الخبرات والمعلومات، بهدف تحقيق الأهداف المشتركة وتعزيز دور الإفتاء في خدمة الإنسانية.
من المتوقع أن تعلن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم عن تفاصيل اللجان المتخصصة وتوصيات الندوة بشكل كامل خلال الأسبوع القادم. وستركز هذه اللجان على تطوير آليات إصدار الفتوى، وتعزيز دور المؤسسات الإفتائية في مواجهة التطرف، وتنمية الوعي الديني لدى الشباب.
وستظل هذه الندوة محطة هامة في مسيرة تطوير العمل الإفتائي، وستساهم في تعزيز دور المؤسسات الإفتائية في بناء مجتمعات مستقرة ومزدهرة. ويراقب المراقبون عن كثب نتائج عمل اللجان المتخصصة، وتأثيرها على تطوير العمل الإفتائي في مختلف أنحاء العالم. كما يترقبون الإعلان عن مبادرات جديدة من قبل الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، بهدف تحقيق الأهداف المشتركة وتعزيز دور الإفتاء في خدمة الإنسانية.






