كشفت صحيفة معاريف في تقرير للمراسلة السياسية آنا براسكي، أن خطة رون ديرمر، المستشار المقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بدأت تجد طريقها إلى التنفيذ العملي، بعد أن تقدم الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعرض لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يتوافق مباشرة مع المقترحات التي وضعها ديرمر منذ أسابيع.

وبذلك، يظهر أن المبادرة الأميركية جاءت استجابة فعلية لتلك الرؤية الإسرائيلية التي تقضي بتحويل مسار المفاوضات من مواجهة مباشرة مع حماس إلى رعاية أميركية كاملة.

وكان ترامب قال في وقت مبكر الاثنين، إن الإسرائيليين قبلوا شروط مقترحه بشأن اتفاق محتمل لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة، وحان الآن دور حركة حماس للموافقة.

وبحسب هيئة البث الرسمية والقناة الـ12 الإسرائيليتين، يتضمن المقترح الأميركي الجديد إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين في غزة في اليوم الأول من تنفيذ الصفقة، مقابل الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين ذوي الأحكام العالية، إلى جانب آلاف المعتقلين الآخرين، ووقف عملية “عربات جدعون2” التي أطلقها جيش الاحتلال الإسرائيلي مطلع سبتمبر/أيلول الجاري لاحتلال مدينة غزة بالكامل، على أن يتم فتح مسار تفاوضي جديد بإدارة ترامب شخصيا للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب بشكل كامل.

جيش الاحتلال يدمر الأبراج السكنية في مدينة غزة إمعانا في استهداف المدنيين لتهجيرهم من المدينة (أسوشيتد برس)

خطة إسرائيلية بغلاف أميركي

وتقول براسكي إن خطة ديرمر، التي وصفتها بأنها “أطروحة باردة وبسيطة”، على فكرة رئيسية مفادها أن “الاتفاق الحقيقي لن يكون مع حماس، وإنما مع الولايات المتحدة”.

ووفق هذا التصور، فإن تبني واشنطن للمبادئ الإسرائيلية كجزء من “خطة أميركية” يمنح تل أبيب فوزا مسبقا، سواء تم التوصل إلى اتفاق أم لا.

وكان مجلس الوزراء الإسرائيلي حدد 5 بنود أساسية تمثل الإطار الذي تعمل عليه الخطة، وهي: نزع سلاح حماس، إعادة جميع الأسرى، نزع السلاح الكامل من قطاع غزة، السيطرة الأمنية الإسرائيلية على القطاع بما في ذلك محيطه، وإقامة حكومة مدنية بديلة ليست حماس ولا السلطة الفلسطينية.

وأوضحت المراسلة السياسية أن “مجرد أن يتبنى الأميركيون هذا الإطار، يمكن لإسرائيل أن تقول نعم فورا”.

وبحسبها، فإن الرهان الأساسي يتمثل في موقف حماس. فمن شبه المؤكد أن الحركة ستقول “لا” أو نعم ولكن. وفي تلك الحالة، تنتقل مسؤولية استمرار الحرب من إسرائيل إلى حماس نفسها، بينما تستعيد تل أبيب جزءا كبيرا من الشرعية الدولية التي تراجعت خلال الأشهر الماضية. أما في السيناريو الاستثنائي، الذي استبعدت براسكي حصوله، فقد توافق حماس على الشروط الأميركية، وهو ما يعني “انتصارا غير مسبوق لإسرائيل”.

ويذكر التقرير بأن نتنياهو، في منتصف أغسطس/آب الماضي وقبل عملية “عربات جدعون 1″، كان مترددا في تبني أطروحة ديرمر، ولم يقرر وقتها ما إذا كان سيسير نحو صفقة كاملة تنهي الحرب، أو يقبل بصفقة جزئية. لكن المستجدات أخرجت خيار الصفقة الجزئية من جدول الأعمال، بينما ظلت خطة ديرمر معلقة دون حسم.

ووفق ما أوردته معاريف، فإن التحول الأبرز حدث الليلة الماضية، عندما تقدم ترامب بعرض لصفقة شاملة مع حماس. ورغم أن تل أبيب سارعت للتأكيد على أنها “لا تعرف التفاصيل” ولم تتعرض “للصورة النهائية”، فإن هذا النفي يعزز، بحسب براسكي، فرضية أن “ما يجري هو تطبيق لخطة ديرمر، فكلما ابتعدت الخطة عن الانطباع بأنها إسرائيلية وبدت كخطة أميركية صرفة، زادت فرص نجاحها، على الأقل في توفير غطاء دولي لإسرائيل” على حد وصفها.

وضع حماس في الزاوية الحرجة

وتضع المراسلة السياسية للصحيفة سيناريوهين رئيسيين:

السيناريو المتفائل، وفيه توافق حماس على شروط تفكيك بنيتها العسكرية وإعادة الأسرى ونزع السلاح الكامل والقبول بالسيطرة الأمنية الإسرائيلية، وإقامة حكومة مدنية بديلة، وهذا السيناريو يمنح إسرائيل “إنجازاً لا يمكن تصوره”. السيناريو الواقعي، إذ تقول إسرائيل “نعم”، بينما ترفض حماس أو تناور، فيتحول العبء السياسي إلى الحركة، وتكسب إسرائيل دعما دوليا لاستمرار القتال.

SOUTHERN ISRAEL, ISRAEL - SEPTEMBER 7: Smoke rise over the Gaza Strip as seen from a position on the Israeli side of the border on September 7, 2025 in Southern Israel, Israel. The Israel Defence Force are in control of over 40% of Gaza City after mounting a new offensive, leveling buildings in the neighborhood. Prime Minister Netanyahu announced Israel's intention to seize all of the strip after peace talks with Hamas broke down in July. (Photo by Amir Levy/Getty Images)
إسرائيل ترفض أي محاولات للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار ما لم تقبل حماس بشروطها الخمسة (غيتي)

وتضيف براسكي أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي يحاول أن يظهر وكأنه “لا علاقة له بالخطة”، لكن هذه النقطة بالذات تعكس طبيعة الفكرة: كان الهدف منذ البداية أن تُقدَّم كخطة أميركية وليست إسرائيلية. وترى أن الإنكار الرسمي من تل أبيب يعزز فرص الخطة، لأن حماس ستجد نفسها مطالبة بتفسير رفضها لمبادرة مصدرها واشنطن وليست إسرائيل.

وبالنسبة لإسرائيل، فإن هذه الإستراتيجية تمنحها القدرة على الموافقة من دون أن تبدو صاحبة المبادرة، وفي الوقت نفسه تعيد إليها الشرعية الدولية وتترك حماس في موقع المعرقل.

وتختتم براسكي: “في النهاية، كل شيء يلتقي في خيارين: إنهاء الحرب بشروط إسرائيلية أو الشرعية الدولية لاستمرار القتال. هذه هي الطريقة التي يتم بها قياس نجاح خطة ديرمر، والتي تبدو الآن أقرب إلى التنفيذ من أي وقت مضى”.

شاركها.