من المتوقع أن يشهد الاقتصاد المصري تحسنًا ملحوظًا في الأداء خلال العام المقبل، مدفوعًا بتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، ودعم صندوق النقد الدولي، واستقرار نسبي في سعر الصرف. تشير التوقعات إلى نمو اقتصادي بنسبة تتراوح بين 4.4% و 4.7% في عامي 2025 و 2026 على التوالي، مع استمرار جهود الحكومة لتعزيز تنافسية الصادرات غير النفطية.
صرح الدكتور باسكال ديفو، كبير الاقتصاديين في “BNP Paribas MENA”، بأن مصر تشهد حاليًا زيادة في صافي الأصول الأجنبية بلغت 10 مليارات دولار، وهو أعلى مستوى لها منذ عقد من الزمن. وأضاف في مقابلة مع “الشرق” أن هذا التحسن يعزز الاستقرار الاقتصادي ويساهم في زيادة السيولة الدولارية.
تحسن أداء الاقتصاد المصري وتوقعات النمو
شهد سعر صرف الجنيه المصري تحسنًا ملحوظًا على مدار الأشهر الخمسة الماضية، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من عام. يعزى هذا التحسن إلى تدفقات قوية للنقد الأجنبي، خاصة مع بدء موسم السياحة والعطلات الصيفية، بالإضافة إلى الدعم الحكومي لقطاع الصادرات.
في سياق متصل، قام البنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة بمقدار إجمالي 625 نقطة أساس منذ بداية العام الحالي، في أول دورة لتيسير السياسة النقدية منذ أربع سنوات ونصف. تبلغ أسعار الإيداع والإقراض لليلة واحدة حاليًا 21% و22% على الترتيب، بينما يبلغ سعر العملية الرئيسية 21.5%.
السيطرة على الدين العام وتعزيز السيولة
أكد الدكتور ديفو أنه لا توجد ضغوط قوية متوقعة على مصر فيما يتعلق بسداد الديون أو الحفاظ على مستويات السيولة. وأشار إلى أن البلاد ستحصل على دعم كبير من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي ودول الخليج، مما سيساهم في تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي.
تشير أحدث استطلاعات الرأي التي أجرتها بلومبرغ إلى توقعات بنمو الاقتصاد المصري بنسبة 4.4% في عام 2025، مع تسارع وتيرة النمو إلى 4.7% في عام 2026. تعكس هذه التوقعات تحسنًا في تقييم المحللين لمسار التعافي الاقتصادي، على الرغم من استمرار بعض الضغوط التضخمية.
تتفق هذه التقديرات مع تقييمات صندوق النقد الدولي، الذي وصف أداء الاقتصاد المصري في النصف الأول من العام بأنه “أفضل من المتوقع”. ونتيجة لذلك، رفع الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد في السنة المالية 2025-2026 إلى 4.5%.
توقعات باستمرار خفض أسعار الفائدة
يرى الدكتور محمد أنيس، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، أن مصر من المرجح أن تستمر في سياسة التيسير النقدي وخفض أسعار الفائدة خلال العام المقبل. ويعزو هذا التوقع إلى انخفاض أسعار النفط واستقرار سعر الدولار، بالإضافة إلى التحسن الملحوظ في مستويات التضخم في البلاد.
أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تباطؤًا في وتيرة التضخم في المدن المصرية خلال شهر نوفمبر، بعد تسارعها في الشهر السابق. وبلغ معدل التضخم السنوي 12.3% في نوفمبر مقارنة بـ 12.5% في أكتوبر، بينما بلغ معدل التضخم الشهري 0.3% مقارنة بـ 1.8% في الشهر السابق.
بالإضافة إلى ذلك، تشير تقديرات خمسة بنوك استثمارية ومؤسسات بحثية إلى توقعات بتحسن تدريجي في المؤشرات الاقتصادية الكلية لمصر خلال عام 2026. يعتمد هذا التحسن على انخفاض معدلات التضخم، ودخول السياسة النقدية في مرحلة تيسير واضحة، واستقرار سوق الصرف، مما يفتح المجال أمام خفض أسعار الفائدة ودعم النمو الاقتصادي. وتشير هذه التوقعات إلى أن الاستثمار في مصر قد يشهد زيادة في الفترة القادمة.
أشار الدكتور أنيس إلى أن خفض أسعار الفائدة لا يؤثر سلبًا بشكل كبير على البورصة المصرية، نظرًا لأن نوعية رأس المال في السوق تختلف عن الودائع البنكية. ومع ذلك، دعا الحكومة المصرية إلى تعميق سوق الأسهم وزيادة سيولة التداول لتعزيز جاذبية البورصة للمستثمرين.
في الختام، تشير المؤشرات الحالية إلى أن الاقتصاد المصري يسير على طريق التعافي، مع توقعات بتحسن مستمر في الأداء خلال العام المقبل. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض المخاطر والتحديات التي يجب مراقبتها، مثل التطورات العالمية وأسعار النفط. من المتوقع أن يقوم البنك المركزي المصري بتقييم الوضع الاقتصادي بشكل دوري واتخاذ الإجراءات المناسبة للحفاظ على الاستقرار وتعزيز النمو.





