تسعى مصر إلى تقنين أوضاع الصيدليات السحابية عبر إجراء تعديلات تشريعية مرتقبة بهدف تنظيم بيع الأدوية عبر تلك المنصات الرقمية، وسط توقعات باستحواذ القطاع الناشئ على نحو 5% من إجمالي مبيعات سوق الدواء السنوية، بحسب 4 مسؤولين تحدثوا مع “الشرق”.
الصيدلية السحابية، هي خدمة متكاملة للأدوية عبر منصة إلكترونية متقدمة، تتضمن توفير خيارات الدفع والتوصيل إلى المنازل.
يُتوقع نمو مبيعات سوق الأدوية “غير شاملة صيدليات المستشفيات الحكومية” في البلاد بنسبة 40% ليصل إلى 300 مليار جنيه بنهاية 2025، بحسب ما قاله علي عوف رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية لـ”الشرق” سابقا. وقفز إجمالي المبيعات 67% بالنصف الأول إلى 150 مليار جنيه. تنتج الشركات المحلية حالياً نحو 93% من الاحتياجات الدوائية للبلاد.
تعديلات على قانون الصيدلة
تستهدف وزارة الصحة والسكان المصرية إدخال تعديلات على قانون مزاولة مهنة الصيدلة، المعمول به منذ عام 1995، من شأنها تُقنين أوضاع الصيدليات الإلكترونية، وتنظيم تسويق وبيع وترويج المنتجات الطبية والأدوية عبر الإنترنت، بحسب تصريحات المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة والسكان، حسام عبدالغفار، لـ”الشرق”.
في عام 2023 وبداية 2024، واجهت مصر نقصاً حاداً في العديد من الأصناف الدوائية نتيجة أزمة النقد الأجنبي وقيود الاستيراد، وعدم زيادة أسعار الأدوية بالنسب المطلوبة، لكن في أكتوبر الماضي أعلنت الحكومة حل أزمة نواقص الأدوية بالكامل، بعد رفع أسعار عدد من الأصناف بنسب تراوحت بين 35 و40%.
قفزت أسعار بعض أدوية الأمراض المزمنة في مصر بنحو 300% خلال النصف الأول من 2025 وذلك بعد وصول العبوة إلى 100 ألف جنيه أحياناً، بسبب ندرة المعروض منها مع اقتصار توزيعها على عدد محدود من الصيدليات دون الأخرى، وهو ما أدى لخلق سوق سوداء بالسوق المحلية، بحسب عدد من المسؤولين تحدثوا مع “الشرق” سابقاً.
طالع أيضاً: شركات أدوية مصرية تضخ 4 مليارات جنيه لإضافة 20 خط إنتاج هذا العام
مجلس النواب المصري ينظر التعديلات في 2026
يُرجح أن تسلم وزارة الصحة مسودة تعديلات القانون إلى مجلس النواب في الدورة المقبلة، التي تبدأ 2026، بحسب رئيس لجنة الصحة في مجلس النواب المصري، أشرف حاتم لـ”الشرق”.
عملت الحكومة المصرية على توفير السيولة الدولارية لشركات الأدوية لاستيراد الخامات خلال آخر 12 شهراً، بجانب تسهيل عملية التصنيع للشركات وتوفير التمويل المصرفي اللازم لدعم رأس المال العامل، إلا أن عشوائية توزيع الأدوية حالت دون شعور بعض المواطنين بحل أزمة اختفاء الأدوية، وهو ما يستدعي تعزيز الجهود الرقابية على عملية توزيع الأدوية، وفق رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية علي عوف.
عوف توقع إطلاق معظم سلاسل الصيدليات الكبرى تطبيقات إلكترونية لتجارة الأدوية، مستفيدة من السماح بترخيص تطبيقات تداول الأدوية، بجانب ترخيص التطبيقات الخاصة، مما قد يسهم بحصول هذا القطاع على نحو 5% من حصة المبيعات السنوية للأدوية.
اقرأ أيضاً: 100 شركة تطالب بزيادة أسعار الدواء في مصر بنسب تصل إلى 30%
منصات متعددة لبيع الأدوية دون ترخيص رسمي
قال عوف لـ”الشرق”، إنه لا توجد بيانات رسمية لمبيعات تطبيقات تجارة الأدوية، نظراً لأنه لا يوجد لها ترخيص رسمي من قبل هيئة الدواء المصرية، موضحاً أن جميع التطبيقات الحالية تعمل بشكل غير رسمي.
توجد العديد من منصات تداول الأدوية في السوق المصرية، منها “دواء”، و”الدواء الذكي”، و”شفاء”، و”عين الدواء”، و”ميدياتلي”، لكنها غير حاصلة على موافقات أو تراخيص من هيئة الدواء المصرية، بحسب عوف.
مطالبة بقواعد صارمة لعمل منصات بيع الأدوية في مصر
من جانبه، شدد محمود عبد المقصود، رئيس شعبة الصيدليات في اتحاد الغرف التجارية المصري، في تصريحات لـ”الشرق”، على ضرورة وضع ضوابط رقابية صارمة على تداول الأدوية عبر المنصات الإلكترونية، والاعتماد فقط في صرف الأدوية الحرجة على الروشتات الرسمية للحفاظ على حياة المرضى.
يرى عبد المقصود، أن التطبيقات الإلكترونية الحالية في السوق المصرية تعد باباً خلفيات لتجارة الأدوية منتهية الصلاحية ومجهولة المصدر، مطالبا بإخضاعها لضوابط صارمة عند تقنين أوضاعها.
أصدرت الجهات القضائية في مصر عدة قرارات سابقة بإغلاق تطبيقات إلكترونية لتداول وبيع الأدوية، منها تطبيق “صحتك” في عام 2021.
انتهت إلى حد كبير أزمة نقص الأدوية الأساسية في البلاد، بحسب ما تؤكده التصريحات الحكومية، لكن الأزمة لا تزال مستمرة في عدد من أدوية الأمراض المزمنة. ورغم توافر بدائل محلية، يشكو مرضى من أن فعالية بعضها لا تُضاهي نظيرتها الأصلية، ما يدفع البعض للاعتماد على جلب احتياجاتهم العلاجية من الخارج، في ظل استمرار ارتفاع الأسعار وندرة التوزيع داخل مصر.