زار قداسة البابا تواضروس الثاني، في طريقه إلى إيبارشية أبوتيج، ثلاث كنائس في قرى إيبارشية أسيوط زيارة استغرقت حوالي ساعتين ونصف ساعد في إنجازها خلال هذه الفترة الوجيزة صغر المسافات بين القرى الثلاثة.
زيارة تاريخية
استقبال الشعب لقداسته لا يمكن وصفه فمشاعر الفرحة طاغي وحفاوتهم وحماستهم لها مذاق خاص في التعبير عما تكنه نفوسهم نحو “باباهم”.
زار قداسة البابا في البداية كنيسة السيدة العذراء ورئيس الملائكة ميخائيل بقرية درنكة، وهناك كان في انتظاره أكثر من ألف من أبنائها. دقائق معدودة قضاها معهم وكلمات قليلة حدثهم بها لمست قلوبهم، وتفاعلوا معها بعفوية وبساطة، غادرهم بصعوبة فلم يكونوا يريدون أن يتركهم.
وجاءت زيارة قداسته الثانية لكنيسة الشهيد مار مينا والقديس البابا كيرلس السادس بقرية ريفا، وهناك كانت تنتظره مفاجأة غير متوقعة جهزها حيث انتظروه على مدخل القرية بالأحصنة والطبول والمزمار البلدي كعادة أهل القرى في الصعيد.
بينما اصطفّ باقيهم على جانبي الطريق حاملين سعف النخل وأغصان الزيتون، وفرشوها بطول الطريق إلى الكنيسة في مشهد كتابي موحي يترجم مشاعرهم نحو “أبيهم”.
صلى قداسته صلاة الشكر واستمع لترنيمة ترحيبية قدمها كورال الكنيسة، ثم ألقى نيافة الأنبا يؤانس أسقف أسيوط، وسكرتير المجمع المقدس، كلمة ترحيب بقداسة البابا، أشار فيها إلى أن قرية دير ريفا خرج منها أكثر من بين أبنائها ١٥ كاهنًا يخدمون في أماكن مختلفة، وأن مثلث الرحمات نيافة الأنبا ميخائيل كان يحرص على زيارة دير ريفا حتى في أيام شيخوخته، مضيفًا أن هذه الزيارة هي المرة الأولى التي يزور فيها بابا الإسكندرية قرية دير ريفا، وهي بركة عظيمة وتاريخية للقرية وأبنائها.
وفي كلمته الأبوية، عبّر قداسة البابا تواضروس الثاني عن سعادته بزيارة شعب دير ريفا، قائلاً: “شعب دير ريفا شعب جميل وناس طيبين، وعشان كده القديسين بيحبوكم — القديسة العذراء مريم، والقديس مارمينا، والبابا كيرلس.
وبشكر الآباء اللي تعبوا في خدمتكم” ثم تحدث قداسته عن ثلاثة قوانين روحية في علاقتنا مع الله:
١- الله محب البشر: الله يحب كل إنسان، حتى الخطاة، لكنه يكره الخطية.
٢- الله صانع الخيرات: كل ما يفعله الله من أجلنا هو للخير، لذلك نقول في صلواتنا دائمًا: “فلنشكر صانع الخيرات”.
٣- الله ضابط الكل: لا يحدث في الكون أمر إلا بسماح من الله وتدبيره الصالح.
الزيارة الثالثة كانت لكنيسة القديس البابا أثناسيوس الرسولي الأثرية بدير الزاوية، واصطف الشعب على جانبي الطريق، كعادتهم في كل الأماكن التي زارها قداسة البابا، وأزاح قداسته الستار عن اللوحة الرخامية التي تؤرخ لهذه الزيارة التاريخية للقرية، ثم دخل الكنيسة حيث صلى صلاة الشكر، تلتها فقرة ترانيم قدمها كورال الكنيسة بعنوان «الكنيسة القبطية القوية على مر الزمان وأساس الإيمان»، وذلك في إطار الاحتفال بمرور ١٧ قرنًا على انعقاد مجمع نيقية وبطل المجمع القديس البابا أثناسيوس الرسولي.
ورحب نيافة الأنبا يؤانس بقداسة البابا قائلاً: “نرحب بقداستكم في هذا الدير المبارك، وأنا أعلم مدى محبتكم الخاصة للقديس البابا أثناسيوس الرسولي. وقد تمت مؤخرًا أعمال ترميم الكنيسة الأثرية بما يليق بتاريخها ومكانتها.”
وفي كلمة للقس غبريال حنا كاهن الكنيسة قال: “هذا لقاء البطاركة، البطريرك العشرون يلتقي بالبطريرك المائة والثامن عشر.”
وأضاف: هذا الدير الذي جاءه البابا أثناسيوس في القرن الرابع أثناء نفيه الرابع، بعد أن دشن مذبح دير الشهيد مارمينا المعلق بأنبوب. وتتزامن زيارة قداستكم مع احتفالنا بمرور ١٧ قرنًا على مجمع نيقية، الذي دافع فيه البابا أثناسيوس عن الإيمان المستقيم.”
واستكمل: يعتبر هذا الدير أقدم دير في العالم باسم القديس البابا أثناسيوس الرسولي، ويُعرف أيضًا باسم دير الرسل، لأن تعاليم رهبانه كانت تحتفظ بنفس استقامة تعليم الرسل. وتنخفض أرضية الكنيسة عن سطح الأرض بنحو ثلاثة أمتار، وتعلوها ثلاث عشرة قبة ترمز للسيد المسيح والرسل الأطهار، أما هيكلها فمتفرّد بتصميمه الخماسي، وبه مقصورات تزينها تيجان حجرية منقوش عليها زهرة اللوتس.”
وقدم أحد الشباب، يدعى چورچ، هدية لقداسة البابا عبارة عن أيقونتين تمثلان مشهدين من حياة القديس البابا أثناسيوس الرسولي:
الأولى تُجسّد تتلمذه على يد القديس الأنبا أنطونيوس الكبير والبابا ألكسندروس.
والثانية تُصوّر دفاعه عن الإيمان المستقيم في مجمع نيقية.
وفي ختام الزيارة، ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني كلمة قصيرة قال فيها:
“أنا فرحان جدًا بزيارتي لهذه الكنيسة المباركة. كلمة أثناسيوس تعني الخالد، وكل حجر في هذه الكنيسة مملوء بالصلوات. فرحان جدًا بالكنيسة وفرحان جدًا إني أكون معاكم.”







