تتوقع مصافي التكرير والتجار أن تقوم شركة أرامكو السعودية بخفض أسعار البيع الرسمية لخام برنت لشهر يناير، وذلك للمرة الثانية على التوالي، مع التركيز بشكل خاص على خفض سعر خامها العربي الخفيف الموجه إلى الأسواق الآسيوية. وتشير التقديرات الأولية إلى تخفيض محتمل بقيمة 30 سنتًا للبرميل مقارنة بشهر ديسمبر، مما يعكس استمرار الضغوط على أسعار النفط العالمية.
يأتي هذا التوقع في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، وزيادة المعروض من النفط، وتأثير ذلك على الطلب. وتعد أسعار أرامكو الرسمية مؤشرًا رئيسيًا لصناعة النفط، حيث تستخدم كمرجع لتسعير النفط الخام القادم من منطقة الشرق الأوسط إلى آسيا، أكبر مستهلكي النفط السعودي.
تأثير زيادة المعروض على أسعار النفط الخام
ساهمت عدة عوامل في الضغط على أسعار النفط هذا العام، أبرزها زيادة الإنتاج من بعض الدول، وتراجع التوقعات بشأن النمو الاقتصادي في الصين، ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم. بالإضافة إلى ذلك، لم تستجب الأسواق بشكل كبير للمخاوف الجيوسياسية المتزايدة في الشرق الأوسط، مما يشير إلى أن المخاطر المرتبطة بالصراع لم تؤثر بعد على الإمدادات الفعلية.
في شهر ديسمبر، حددت أرامكو سعر بيع الخام العربي الخفيف بعلاوة قدرها دولار واحد للبرميل فوق مؤشر أسعار عُمان/دبي. هذا السعر يمثل انخفاضًا قدره 1.20 دولار للبرميل مقارنة بالشهر السابق، وهو أقل من التوقعات الأولية التي أشارت إلى تخفيض أكبر بقيمة 1.25 دولار.
قرار أوبك+ وتأثيره المحتمل
من المتوقع أن يواصل تحالف “أوبك+” سياساته الحالية المتمثلة في تجميد زيادات إنتاج النفط حتى مطلع عام 2026، وذلك بهدف دعم استقرار الأسعار وتقليل خطر تراكم المخزونات العالمية. يهدف هذا القرار إلى موازنة العرض والطلب في السوق العالمية، ويأتي في وقت تشهد فيه بعض الدول زيادة في إنتاجها خارج نطاق أوبك.
وتظهر بيانات التداول أن عقود مزيج برنت الآجلة تتداول حاليًا بالقرب من 63 دولارًا للبرميل في لندن. ومع ذلك، هناك حالة من عدم اليقين في السوق، حيث يراقب المستثمرون تطورات الصراع في أوكرانيا والمفاوضات الدبلوماسية الجارية.
تؤثر أيضًا مبادرات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للتوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيا على توقعات السوق، حيث أن نجاح هذه المبادرات قد يؤدي إلى عودة بعض الإمدادات الروسية إلى السوق العالمية، مما يزيد من المعروض ويضغط على الأسعار.
تعد زيادة إنتاج النفط من الولايات المتحدة أيضًا عاملًا مؤثرًا على الأسعار. فقد شهدت الولايات المتحدة زيادة كبيرة في إنتاجها من النفط الصخري، مما ساهم في تعزيز المعروض العالمي.
مراقبة أسعار النفط وتأثيرها على الاقتصاد
تُعد أسعار النفط من بين أهم المؤشرات الاقتصادية التي يجب مراقبتها، حيث أن التغيرات في أسعار النفط يمكن أن يكون لها تأثير كبير على النمو الاقتصادي والتضخم. فارتفاع أسعار النفط يمكن أن يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج والنقل، وبالتالي ارتفاع الأسعار وزيادة التضخم. في المقابل، انخفاض أسعار النفط يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في الدول المنتجة للنفط.
إن تحديد سعر خام برنت المناسب يعتبر تحديًا كبيرًا لأرامكو وأوبك+، حيث يجب عليهم الموازنة بين مصالحهم الخاصة ومصالح الاقتصاد العالمي.
من أهم العوامل التي يجب مراقبتها في الفترة المقبلة تطورات الأوضاع الجيوسياسية في الشرق الأوسط، ومفاوضات أوبك+ بشأن مستويات الإنتاج، والنمو الاقتصادي العالمي، بالإضافة إلى تطورات إنتاج النفط في الولايات المتحدة وروسيا.
من المقرر أن تعلن أرامكو السعودية رسميًا عن أسعار البيع الرسمية لشهر يناير في وقت لاحق من هذا الأسبوع، وبالتحديد خلال الأيام الخمسة الأولى من الشهر. ستكون هذه الأسعار بمثابة مؤشر رئيسي على توقعات الشركة بشأن التوازن بين العرض والطلب في السوق العالمية، وقد تؤثر على قرارات التداول للمستثمرين والمشاركين في السوق.






