يمر المستثمرون الباحثون عن صفقات رخيصة في سوق الائتمان بأصعب أوقاتهم منذ جيل كامل على الأقل.
أدى الارتفاع المستمر إلى تضخم تقييمات ديون الشركات عالية الجودة تقريباً على مستوى العالم. وفقاً لبيانات جمعتها “بلومبرغ” تعود إلى عام 2009، فإن الفارق بين عوائد السندات الفردية ومتوسط المؤشر هو الأدنى على الإطلاق.
تُعتبر علاوات المخاطر منخفضة للشركات من الدرجة الأولى والضعيفة على حد سواء. أما في السندات عالية المخاطر، فإن تباين فروق العوائد هو في أدنى مستوياته منذ الفترة التي سبقت جائحة كوفيد-19 مباشرةً.
مخاطر كبيرة مقابل عائد ضئيل
المستثمرون الذين يتطلعون إلى تعزيز عوائدهم في الوقت الحالي عليهم تحمل مخاطر أكبر بكثير مقابل عائد إضافي ضئيل. عندما سأل أحد العملاء أبريل لاروس من شركة “إنسايت إنفستمنت” عن طرق لتعزيز فروق العوائد دون تحمل خسائر كبيرة محتملة خلال الأسابيع الأخيرة، لم تكن لديها إجابة فورية.
قالت رئيسة قسم الاستثمار في مقابلة: “بالتأكيد ليس من السهل إيجاد طرق لزيادة العائد دون تحمل مخاطر جديدة. الأمر معقد للغاية. عندما تكون فروق العوائد ضيقة، يتقارب الأداء (بين السندات) بشكل كبير”.
يرجح أن يلعب نمو كلٍّ من صناديق مؤشرات الائتمان والصناديق ذات أجل الاستحقاق الثابت دوراً في هذا الصدد: إذ أصبح المستثمرون يشترون معظم المعروض بالسوق، مما يُسهم في تقليص فروق عوائد السندات. ويُصعّب غياب التباين في العوائد من العثور على صفقات رابحة.
انهمرت التدفقات الضخمة على صناديق سندات الشركات مؤخراً، حيث يسعى المستثمرون بقوة وراء الأوراق المالية التي تُقدّم عوائد أعلى من سندات الخزانة، حتى مع تضيّق فروق العائد نسبياً. كما قامت شركات التأمين بشراء ديون الشركات لتكوين منتجات تقاعدية لبيعها للعدد المتزايد من المتقاعدين الأميركيين.
في الوقت نفسه، بلغ متوسط علاوة المخاطر للسندات العالمية عالية الجودة 82 نقطة أساس يوم الخميس، وهو ما يُقارب أدنى مستوى له منذ ما قبل الأزمة المالية العالمية، وفقاً لبيانات جمعتها “بلومبرغ”. ولا يختلف الأمر كثيراً في سوق السندات عالية المخاطر، حيث تبتعد فروق العائد بنحو ربع نقطة مئوية عن أدنى مستوياتها التي سجلتها في فبراير منذ الأزمة المالية.
أسباب تدعو للحذر
هناك أسباب تدعو المستثمرين إلى الحذر من زيادة المخاطر لتعزيز العوائد. فقد تباطأ نمو الوظائف في الولايات المتحدة بشكل حاد خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وبدأت المخاوف بشأن تدهور النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة تطغى على التضخم الناجم عن الرسوم الجمركية، معتبرةً إياه الخطر الأكبر على السوق، وفقاً لأحدث استطلاعات مؤشر مديري المشتريات.
وقال أندرو تشورلتون، كبير مسؤولي الاستثمار في الدخل الثابت لدى “إم آند جي إنفستمنت”: “يبدو أن السوق تواجه تحديات”. مضيفاً أن هناك “قدراً كبيراً من التراخي في سوق الائتمان في الوقت الحالي”.
وفي حين لا تزال الشركة معرضة بشكل كبير لديون الشركات، زاد مديرو محافظها الاستثمارية من استثماراتهم في أصول أكثر دفاعية مثل النقد، والسندات الحكومية، والسندات المغطاة، والأوراق المالية المضمونة من فئة (AAA)، وفقاً لتشورلتون.
وأضاف أن هذه الفئات من المتوقع أن تحقق أداءً أفضل من “الاستمرار في الاستثمار العشوائي في سوق سندات الشركات مفترضين أن الأمور ستبقى على هذا الحال إلى الأبد”.
يُمثل العثور على سندات رخيصة وعالية العائد تحدياً أيضاً. وقد كان اختيار العائد المتميز دون اللجوء إلى الديون المتعثرة أو الديون ذات التصنيف الائتماني غير الجذاب التي لا يتم تداولها بشكل واسع مصدر قلق رئيسياً لأل كاترمول، مدير محفظة الدخل الثابت في “ميرابود أسيت منيجمنت”.
وقال كاترمول، في إشارة إلى نطاقات التصنيف الائتماني المختلفة في سوق السندات غير الجذابة: “لا أريد إضافة سندات (CCC) التي يتم تداولها مثل سندات فئة (B)”. مضيفاً “هذه هي المعضلة التي نواجهها حالياً”.