أعلن مسؤول رفيع المستوى في هيئة الأفلام السعودية عن ثلاثة أهداف رئيسية لمبادرة “أفلام للجميع”، والتي تهدف إلى توسيع نطاق الوصول إلى الأفلام السعودية وتعزيز صناعة السينما المحلية. تأتي هذه المبادرة في إطار رؤية المملكة 2030، التي تولي قطاع الثقافة والاقتصاد الإبداعي اهتماماً كبيراً. ومن المتوقع أن تُحدث هذه الخطوة تغييرات ملحوظة في تجربة مشاهدة الأفلام وتوزيعها داخل المملكة.

المبادرة، التي أطلقت مؤخراً، تستهدف بشكل أساسي زيادة عدد دور العرض السينمائي في مختلف مناطق المملكة، وتقديم دعم مالي ولوجستي لصناع الأفلام السعوديين، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية اللازمة لإنتاج وتوزيع الأفلام بجودة عالية. تعتبر هذه الخطوة امتداداً للجهود الحكومية المستمرة في دعم التنوع الثقافي وتعزيز مكانة المملكة كمركز إقليمي للإنتاج السينمائي.

أهداف مبادرة “أفلام للجميع” الرئيسية

وفقاً للمسؤول في هيئة الأفلام، فإن الهدف الأول للمبادرة هو زيادة عدد دور العرض السينمائي في جميع أنحاء المملكة. يهدف هذا التوسع إلى توفير فرص مشاهدة أوسع للجمهور، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى دور العرض. وتشير التقديرات إلى أن المملكة تسعى إلى امتلاك أكثر من 2000 شاشة عرض سينمائي بحلول عام 2030، مقارنة بعدد محدود جداً قبل سنوات قليلة.

توزيع جغرافي لدور العرض

لا يقتصر التوسع على المدن الرئيسية مثل الرياض وجدة والدمام، بل يشمل أيضاً المدن والمحافظات الأصغر. تهدف هيئة الأفلام إلى ضمان وصول الأفلام إلى جميع شرائح المجتمع، بغض النظر عن موقعهم الجغرافي. ويعتبر هذا التوزيع المتكافئ جزءاً أساسياً من تحقيق العدالة الثقافية.

الهدف الثاني لمبادرة “أفلام للجميع” هو دعم وتمكين صناع الأفلام السعوديين. يتضمن هذا الدعم تقديم منح مالية، وتوفير التدريب والتأهيل المهني، وتسهيل الوصول إلى التمويل والإنتاج والتوزيع. تأتي هذه الخطوة إدراكاً لأهمية بناء جيل جديد من المخرجين والمنتجين والكتاب السعوديين القادرين على تقديم محتوى سينمائي متميز.

بالإضافة إلى الدعم المالي، تعمل هيئة الأفلام على تطوير منظومة قانونية وتنظيمية تسهل عملية إنتاج الأفلام في المملكة. يشمل ذلك تبسيط إجراءات الحصول على التصاريح والتراخيص، وتوفير حوافز ضريبية للشركات العاملة في قطاع السينما. هذه الإجراءات تهدف إلى جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية إلى صناعة الأفلام السعودية.

أما الهدف الثالث، فهو تطوير البنية التحتية لإنتاج وتوزيع الأفلام. يتضمن ذلك الاستثمار في استوديوهات التصوير والمختبرات والمعدات الحديثة، بالإضافة إلى بناء شبكة توزيع فعالة تضمن وصول الأفلام إلى دور العرض في جميع أنحاء المملكة. كما تشمل هذه البنية التحتية تطوير منصات رقمية لعرض الأفلام السعودية عبر الإنترنت، مما يتيح للجمهور الوصول إلى المحتوى السينمائي في أي وقت ومن أي مكان.

تأتي هذه المبادرة في سياق التغيرات الاجتماعية والثقافية التي تشهدها المملكة العربية السعودية. فبعد عقود من الحظر، سمحت الحكومة بعرض الأفلام في دور العرض عام 2017، مما أدى إلى ازدهار صناعة السينما المحلية. وقد شهدت السنوات الأخيرة إنتاج العديد من الأفلام السعودية التي لاقت نجاحاً كبيراً على المستويين المحلي والدولي. وتشمل هذه الأفلام أعمالاً في مختلف الأنواع، مثل الدراما والكوميديا والرعب والوثائقي.

يعتبر قطاع السينما جزءاً مهماً من الاقتصاد الإبداعي، الذي يساهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي. وتشير الدراسات إلى أن صناعة السينما في المملكة لديها القدرة على خلق الآلاف من فرص العمل، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز السياحة الثقافية. وتعتبر مبادرة “أفلام للجميع” خطوة مهمة نحو تحقيق هذه الأهداف. وتشير التقارير إلى أن الاستثمار في الأفلام السعودية يمثل فرصة واعدة للمستثمرين المحليين والأجانب.

في المقابل، يرى بعض المراقبين أن هناك تحديات تواجه صناعة السينما السعودية، مثل نقص الخبرات والكفاءات المتخصصة، وصعوبة الوصول إلى الأسواق الخارجية. ومع ذلك، فإن هيئة الأفلام تعمل على معالجة هذه التحديات من خلال توفير التدريب والتأهيل المهني، وتسهيل المشاركة في المهرجانات السينمائية الدولية، وتقديم الدعم التسويقي للأفلام السعودية.

من المتوقع أن تعلن هيئة الأفلام عن تفاصيل إضافية حول آليات تنفيذ مبادرة “أفلام للجميع” في الأشهر القادمة، بما في ذلك معايير اختيار المشاريع التي ستحصل على الدعم المالي، وجدول زمني لافتتاح دور العرض الجديدة. كما من المقرر أن يتم الإعلان عن خطط لتطوير البنية التحتية لإنتاج وتوزيع الأفلام. وسيكون من المهم متابعة هذه التطورات لتقييم مدى نجاح المبادرة في تحقيق أهدافها المعلنة.

في الختام، تمثل مبادرة “أفلام للجميع” خطوة طموحة نحو تطوير صناعة السينما السعودية وتعزيز دورها في الاقتصاد الإبداعي. ومع استمرار الدعم الحكومي والاهتمام المتزايد من القطاع الخاص، من المرجح أن تشهد المملكة في السنوات القادمة ازدهاراً غير مسبوق في مجال الإنتاج السينمائي. يبقى التحدي الأكبر هو ضمان استدامة هذه الصناعة وقدرتها على المنافسة في الأسواق العالمية.

شاركها.