قالت وكالة رويترز إن السيارات الفاخرة والطائرات المروحية الخاصة والمبالغ النقدية المنتشرة عبر منصتي تيك توك وإكس، بما تظهره من بذخ المشرعين الكينيين، أدت إلى إشعال الغضب المتصاعد بين الشباب المتصل بالإنترنت، خاصة بعد إعلان موضوع الزيادات الضريبية المقترحة.

وأوضحت الوكالة أن الاحتجاجات المستمرة في كينيا منذ أسابيع على الإجراءات الضريبية وتباهي المشرعين بممتلكاتهم، لفتت الانتباه أكثر إلى الرواتب الكبيرة والامتيازات التي يحصل عليها أعضاء البرلمان في بلد 3 أرباع سكانه من الشباب في ظروف تطبعها ندرة العمل بأجور جيدة.

وتصاعد الغضب في 25 يونيو/حزيران الماضي، حتى اقتحم المتظاهرون البرلمان وأضرموا فيه النار، ورشقوا سيارات السياسيين الهاربين بالحجارة، ومنذ ذلك الحين تعرضت مساكن وشركات العديد من أعضاء البرلمان الموالين للحكومة للهجوم.

بذخ بغيض

والآن يتم استخدام تيك توك وإكس كأدوات للاحتجاج، يناقش عبرها النشطاء استخدام نزع الثقة للإطاحة بمن يفترض أنهم يمثلونهم، وأنشأ الشباب الغاضب برنامج دردشة آلي يعمل بالذكاء الاصطناعي ويبث تقارير إعلامية عن مزاعم الفساد عند إدخال اسم أي سياسي.

وكان عضو البرلمان عن الحزب الحاكم ظهير جاندا قد نشر مقاطع فيديو لنفسه على تيك توك خلال الفترة التي سبقت الاحتجاجات، يظهر فيها إعجابه بسيارته الجميلة، مما أثار تعليقات غاضبة عبر الإنترنت، ومنذ ذلك الحين والمتظاهرون يحاولون اقتحام منزله.

وقالت الفنانة والناشطة راشيل ستيفاني أكيني، في إشارة إلى منشورات السياسيين على وسائل التواصل الاجتماعي “لماذا تظهرون لنا أسلوب حياتكم الفخم وأنتم لا تقومون بعملكم كقادة؟”، وأضافت “هل تقول لنا إنك تستطيع استخدام أموالنا كما تريد، وماذا عنا نحن؟”.

وفي علامة على ضغط الاحتجاجات المستمر، قال الرئيس ويليام روتو (57 عاما) إنه بعد الاستماع إلى الكينيين والتفكير، أقال حكومته بأكملها باستثناء وزير الخارجية، مذكرا بأن بعض المسؤولين أظهروا “بذخا بغيضا”، وأعلن عن إجراءات تقشفية تشمل تخفيضات في ميزانية مكاتبه، وأمر بمراجعة زيادات رواتب النواب والمسؤولين الآخرين التي كانت مقررة في يوليو/تموز الجاري.

وقال ديدموس باراسا -عضو البرلمان عن الحزب الحاكم- إن المحتجين لديهم مخاوف مشروعة بشأن ما وصفه “بعدم الحساسية” في تعامل الحكومة مع التنمية الاقتصادية، ونفى حصول النواب على رواتب مبالغ فيها، موضحا أن ثروته الشخصية كانت نتيجة أنشطة تجارية مشروعة، وأضاف “نعم، لدي طائرة مروحية اشتريتها. أنا مصدر إلهام للكثير من الشباب في هذا البلد”، رغم أنه ليس معروفا في عالم الأعمال.

ووصف توم مبويا، الخبير في السياسة والفساد في كينيا، الاحتجاجات بأنها “صحوة الجيل زد (Z)”، وقال إن المسؤولين وأعضاء البرلمان تم تصوير بعضهم وهم يوزعون مبالغ نقدية على الناس في دوائرهم الانتخابية.

وأوضح “لقد أصبحوا أكثر جرأة في أنماط حياتهم الباذخة والفاخرة في وقت يتم فيه فرض ضرائب مجحفة على الكينيين”.

إجراءات نزع الثقة

وقالت وكالة رويترز إن هناك ضغطا متزايدا لإقالة المشرعين الآن بدلا من الانتظار حتى الانتخابات في عام 2027، وقد نُشرت المبادئ التوجيهية على الإنترنت حول كيفية القيام بذلك، فيما سيكون أول استخدام لسلطات سحب الثقة التي تم تقديمها في عام 2010، وتتضمن جمع توقيعات ما لا يقل عن 30% من الناخبين المسجلين في الدائرة الانتخابية.

وقال ندونجي جيثوكو، الناشط في مجال حقوق الإنسان المشارك في العملية، إن الناخبين في دائرة كابيتي القريبة من نيروبي جمعوا 5 آلاف توقيع من أصل 10 آلاف يحتاجونها لاستدعاء نائبهم، ندونجي جيثوكو، وأضاف “آمل أن تتمكن كابيتي من إلهام بقية البلاد لاتخاذ الإجراءات اللازمة. نحن نستعيد هذا البلد”.

وقال السيناتور ريتشارد أونيونكا الذي كان نائبا لمدة 15 عاما إن النواب الذين يتعرضون للضغوط إذا أفلتوا من الإطاحة سيفقدون شرعيتهم في نظر الكينيين، وأضاف “أعتقد أنهم تعرضوا لأضرار بالغة”.

ويكسب أعضاء البرلمان الكينيون نحو 33 ضعف متوسط الأجر الوطني، أي نحو 5650 دولارا شهريا، في بلد يبلغ فيه الدخل السنوي للفرد نحو ألفي دولار، مما يجعلهم من بين الأعلى أجرا في العالم مقارنة بمتوسط الدخل.

وإضافة إلى القروض الميسّرة وبدلات السفر، يحصل كل عضو من أعضاء البرلمان الكيني البالغ عددهم 290 سنويا على أكثر من مليون دولار بموجب مخطط يسمى صناديق تنمية الدوائر الانتخابية الذي تم إنشاؤه لتعزيز التنمية المحلية.

وقال بوني خالوالي لزملائه من أعضاء مجلس الشيوخ في الثالث من يوليو/تموز إن “الناس غاضبون، ويكرهوننا كقيادة لأن طائرات مروحية تحلق في نهاية كل أسبوع، وتذهب إلى أماكن يتم فيها تبذير الملايين”.

شاركها.