تعطل كبير في نظام التبريد بمجمع بيانات شركة “سايروس وان” في أورورا، إلينوي، أدى إلى توقف معظم عمليات التداول في بورصة “سي إم إي” (CME) يوم الأربعاء، مما تسبب في اضطرابات واسعة النطاق في أسواق المال العالمية. هذا مركز البيانات الحيوي، الذي يعتمد عليه تجار الأسهم والعملات والسندات والسلع، يمثل نقطة مركزية للتداول عالي السرعة، ويدير يومياً حجم تداول يقدر بـ 25 كوادريليون دولار.
يقع المجمع، على بعد 45 دقيقة غرب وسط شيكاغو، وهو مركز العمليات الرقمية لشركة “سي إم إي غروب” – أكبر مشغل لبورصات العقود المستقبلية في العالم – منذ ما يقرب من عقدين. أدى هذا العطل إلى توقف منصات تداول العقود المستقبلية والخيارات التابعة للـ”سي إم إي”، مما أجبر المتداولين على التكيف مع الوضع المفاجئ. وتعمل “سايروس وان” على مدار الساعة لمعالجة المشكلة، لكنها لم تقدم تفاصيل حول سبب العطل أو المدة المتوقعة لإصلاحه.
الأهمية الاستراتيجية لمركز البيانات في أورورا
يُعد هذا المجمع بمثابة العمود الفقري لمنصة “غلوبكس” لتداول العقود المستقبلية والخيارات، وقد جذب شركات التداول التي تستخدم خوارزميات عالية التواتر، بالإضافة إلى كبرى شركات “وول ستريت”. تسابق هذه الشركات للحصول على مواقع قريبة من مركز البيانات لتقليل التأخير الزمني في تنفيذ الصفقات، وهو أمر بالغ الأهمية في التداول السريع.
في الماضي، اتخذت بعض الشركات خطوات جذرية لتحقيق هذه الغاية. على سبيل المثال، قامت شركة “دي آر دبليو هولدينغز” بتركيب هوائي على عمود كهرباء بالقرب من المركز، بينما اشترت شركة “جامب تريدينغ” عقارًا مجاورًا لتركيب معدات الاتصالات الخاصة بها. هذا يدل على مدى أهمية سرعة نقل البيانات في هذا السوق.
التبريد: حجر الزاوية في استمرارية العمليات
يعتمد تشغيل مراكز البيانات بشكل كبير على أنظمة التبريد الفعالة. يمكن أن يؤدي ارتفاع درجة الحرارة إلى أعطال في الأجهزة وتعطيل العمليات. في حالة مجمع أورورا، يبدو أن هناك خللاً كبيرًا في نظام التبريد تسبب في هذه المشكلة. وفقًا لخبراء في مجال البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، من غير المعتاد أن يتسبب عطل في التبريد في توقف شبه كامل لعمليات التداول.
من المهم الإشارة إلى أن “سايروس وان” استثمرت بشكل كبير في هذا المركز على مر السنين، وأضافت إليه قدرات تبريد إضافية لضمان موثوقية الخدمة. ومع ذلك، يبدو أن هذه الإجراءات لم تكن كافية لمنع هذا العطل. ومع الطفرة المستمرة في الذكاء الاصطناعي وزيادة الطلب على الطاقة الحسابية، أصبحت مراكز البيانات أكثر تعقيدًا وحساسية.
في عام 2016، باعت “سي إم إي” مجمع البيانات لشركة “سايروس وان” مع الاحتفاظ باستئجار المساحة لمدة 15 عاماً. كان هذا جزءًا من استراتيجية أوسع للشركة للتركيز على عمليات التداول الأساسية والابتعاد عن ملكية البنية التحتية. “سايروس وان” بدورها استحوذت عليها شركة “غلوبال إنفراستركشر بارتنرز” بدعم من “بلاك روك” في صفقة كبيرة عام 2021.
تداعيات العطل وأهمية البنية التحتية المالية
أظهر هذا الحادث مدى اعتماد الأسواق المالية العالمية على البنية التحتية المادية، وكيف يمكن أن يؤدي عطل واحد في مكان واحد إلى اضطرابات هائلة. في حين أن التكنولوجيا الرقمية قد ساهمت في زيادة كفاءة الأسواق، فإنها أيضًا جعلتها أكثر عرضة للمخاطر المرتبطة بالأعطال الفنية.
يرى خبراء أن هذا العطل قد يدفع الشركات العاملة في مجال البنية التحتية المالية إلى إعادة تقييم استراتيجياتها المتعلقة بالتبريد والنسخ الاحتياطي للطاقة، لضمان قدرتها على التعامل مع الظروف الطارئة. كما أنه قد يزيد الضغط على الجهات التنظيمية لتشديد الرقابة على هذه المرافق الهامة.
وخلال السنوات الأخيرة، ازداد الاهتمام بمراكز البيانات بسبب الطلب المتزايد عليها من قبل شركات التكنولوجيا وخدمات الذكاء الاصطناعي. ويزيد هذا الحادث من المخاوف بشأن قدرة البنية التحتية الحالية على تلبية هذه الاحتياجات المتزايدة.
من المتوقع أن تقدم “سايروس وان” و”سي إم إي” تحديثات حول التقدم المحرز في إصلاح نظام التبريد خلال الساعات القادمة. يجب على المتداولين والمشاركين في السوق مراقبة الوضع عن كثب، والاستعداد لاحتمال حدوث المزيد من الاضطرابات. تبقى القدرة على استعادة العمليات بشكل كامل وفي الوقت المناسب أمرًا حاسمًا لتقليل التأثير على الأسواق المالية العالمية، والتحقيق في أسباب العطل أمر ضروري لمنع تكراره في المستقبل.






