أطلق المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، بالتعاون مع الهيئة الملكية لمحافظة العلا، مؤخرًا 37 كائنًا فطريًا في محمية الحِجر. تأتي هذه الخطوة ضمن جهود مكثفة لإعادة تأهيل النظم البيئية وتعزيز التنوع الأحيائي في المملكة العربية السعودية، وتحديدًا في هذه المحمية ذات الأهمية العالمية. يهدف البرنامج إلى استعادة التوازن البيئي للمنطقة، ودعم السياحة البيئية المستدامة.

وقعت عمليات الإطلاق في محمية الحِجر بمحافظة العلا، وهي منطقة طبيعية فريدة من نوعها تشتهر بتضاريسها الصحراوية وتراثها الأثري الغني. المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، وهو الجهة الحكومية المسؤولة عن حماية وإدارة الحياة الفطرية في المملكة، نفذ هذه المبادرة بالتعاون الوثيق مع الهيئة الملكية لمحافظة العلا، التي تعمل على تطوير المنطقة كوجهة سياحية عالمية مع الحفاظ على إرثها الطبيعي والثقافي.

برامج إكثار وإعادة توطين الكائنات الفطرية: تعزيز التنوع الأحيائي في محمية الحِجر

تعتبر هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية أوسع تتبناها المملكة لزيادة أعداد الكائنات الفطرية المهددة بالانقراض أو التي انخفضت أعدادها بشكل كبير. تعتمد هذه الاستراتيجية على برامج الإكثار في الأسر، والتي تهدف إلى زيادة أعداد الحيوانات والنباتات في بيئة محمية، ثم إعادة توطينها في موائلها الطبيعية. تتضمن هذه البرامج رصدًا دقيقًا للكائنات بعد إطلاقها لتقييم مدى نجاحها وتحديد أي تحديات تواجهها.

أنواع الكائنات التي تم إطلاقها

لم يتم الكشف عن الأنواع المحددة من الكائنات الفطرية التي تم إطلاقها بشكل كامل، ولكن المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية أكد أنها تشمل حيوانات ونباتات محلية ذات أهمية بيئية كبيرة. تشير التقارير إلى أن الأنواع المختارة تمثل جزءًا أساسيًا من السلسلة الغذائية في المحمية، وأن إعادة توطينها ستساهم في تحسين صحة النظام البيئي بشكل عام. من المتوقع أن تشمل هذه الأنواع حيوانات مفترسة، وعواشب، وأنواع نباتية تساعد في تثبيت التربة وتوفير الغذاء للحيوانات الأخرى.

بالإضافة إلى ذلك، تهدف هذه المبادرات إلى تعزيز جهود الحفاظ على البيئة في المملكة. تعتبر محمية الحِجر جزءًا من شبكة المحميات الطبيعية في المملكة، والتي تهدف إلى حماية التنوع البيولوجي الفريد الذي تتمتع به البلاد. تعتبر هذه المحميات بمثابة ملاذات آمنة للكائنات الفطرية، وتساهم في الحفاظ على التوازن البيئي في المناطق المحيطة.

تأتي هذه الجهود في سياق رؤية المملكة 2030، التي تولي اهتمامًا كبيرًا بالتنمية المستدامة وحماية البيئة. تسعى المملكة إلى تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على الموارد الطبيعية، وذلك من خلال تبني سياسات ومبادرات تهدف إلى حماية البيئة وتعزيز السياحة البيئية. تعتبر السياحة البيئية من أهم القطاعات الواعدة في المملكة، حيث يمكن أن تساهم في تنويع مصادر الدخل وخلق فرص عمل جديدة.

ومع ذلك، تواجه برامج إعادة التوطين تحديات كبيرة، بما في ذلك التغيرات المناخية، وفقدان الموائل، والصيد الجائر. يتطلب التغلب على هذه التحديات بذل جهود متواصلة من قبل جميع الجهات المعنية، بما في ذلك الحكومة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني. كما يتطلب ذلك توفير الموارد المالية والبشرية اللازمة لتنفيذ هذه البرامج بشكل فعال.

تعتبر محمية الحِجر مثالًا يحتذى به في مجال حماية البيئة والسياحة البيئية. تتميز المحمية بتنوعها البيولوجي الفريد وتراثها الثقافي الغني، مما يجعلها وجهة سياحية جذابة للزوار من جميع أنحاء العالم. تساهم هذه المبادرات في تعزيز مكانة المملكة كمركز عالمي للحفاظ على البيئة والسياحة البيئية.

في المقابل، يركز المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية على تطوير وتنفيذ برامج بحثية تهدف إلى فهم أفضل لتوزيع الكائنات الفطرية وسلوكها واحتياجاتها. تساعد هذه البحوث في اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن إدارة الحياة الفطرية وحمايتها. كما يعمل المركز على تدريب الكوادر الوطنية المتخصصة في مجال الحياة الفطرية، وذلك لضمان استدامة جهود الحماية والإدارة.

من الجدير بالذكر أن الهيئة الملكية لمحافظة العلا تعمل على تطوير البنية التحتية في المحمية، بما في ذلك إنشاء مراكز للزوار، وتوفير خدمات الإيواء والنقل، وتطوير المسارات السياحية. تهدف هذه الجهود إلى تسهيل وصول الزوار إلى المحمية، وتوفير تجربة سياحية ممتعة ومفيدة. كما تساهم في دعم المجتمعات المحلية من خلال خلق فرص عمل جديدة.

في المستقبل القريب، من المتوقع أن يستمر المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية والهيئة الملكية لمحافظة العلا في تنفيذ برامج إكثار وإعادة توطين الكائنات الفطرية في محمية الحِجر. سيتم التركيز على الأنواع الأكثر عرضة للخطر، وسيتم تطوير استراتيجيات جديدة لمواجهة التحديات التي تواجه جهود الحماية. من المقرر إجراء تقييم شامل لنتائج برنامج الإطلاق الحالي بحلول نهاية العام القادم، لتحديد الخطوات التالية.

شاركها.