أكد الدكتور علي العمري، خبير في قطاع السياحة والاقتصاد، أن عام 2025 يمثل نقطة تحول حاسمة في مسيرة المملكة نحو تحقيق أهداف رؤية 2030 في مجال السياحة. وأضاف العمري أن هذا العام سيكون بمثابة مرحلة ترسيخ للتحول السياحي الذي تشهده المملكة، بعد سنوات من الاستثمار والتطوير في البنية التحتية والمنتجات السياحية المتنوعة. ويتوقع أن يشهد هذا العام زيادة ملحوظة في أعداد السياح، سواءً من داخل المملكة أو من الخارج، مما يعزز مكانة المملكة كوجهة سياحية عالمية رائدة.
جاء تصريح العمري خلال ندوة افتراضية نظمتها غرفة التجارة السعودية حول مستقبل السياحة في المملكة. وناقشت الندوة التحديات والفرص المتاحة لتعزيز القطاع السياحي، بالإضافة إلى استعراض أبرز المشاريع السياحية الجارية والمخطط لها. وتستهدف المملكة جذب 100 مليون سائح بحلول عام 2030، وفقًا لأهداف رؤية 2030.
ترسيخ التحول السياحي في المملكة: نظرة على عام 2025
يشير الدكتور العمري إلى أن الاستثمارات الضخمة التي شهدها القطاع السياحي في السنوات الأخيرة، والتي تجاوزت تريليونات الريالات، بدأت تؤتي ثمارها. وقد ساهمت هذه الاستثمارات في تطوير مجموعة واسعة من الوجهات السياحية الجديدة، مثل نيوم والبحر الأحمر وأماكن الترفيه المتنوعة في الرياض وجدة والدمام.
بالإضافة إلى ذلك، فقد شهدت المملكة تحسينات كبيرة في البنية التحتية، بما في ذلك المطارات والفنادق والطرق، مما جعلها أكثر جاذبية للسياح. وقد أدت هذه التطورات إلى زيادة الوعي بالعلامة التجارية السعودية كوجهة سياحية متميزة.
العوامل المحفزة للنمو السياحي
تتعدد العوامل التي تدعم توقعات النمو السياحي في عام 2025. من بين هذه العوامل، التنوع الجغرافي والثقافي للمملكة، الذي يوفر تجارب سياحية فريدة ومختلفة. كما أن الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تتمتع به المملكة يلعب دورًا هامًا في جذب الاستثمارات السياحية.
علاوة على ذلك، فإن التسهيلات التي تقدمها الحكومة السعودية للسياح، مثل تأشيرات السياحة الإلكترونية، قد ساهمت في زيادة أعداد الزوار. وتشمل هذه التسهيلات أيضًا تطوير الخدمات السياحية وتحسين جودة الضيافة.
تأثير المشاريع الكبرى على السياحة
تعتبر المشاريع الكبرى التي يجري تنفيذها في المملكة، مثل نيوم والبحر الأحمر، محركات رئيسية للنمو السياحي. يهدف مشروع نيوم إلى بناء مدينة مستقبلية تعتمد على أحدث التقنيات، بينما يركز مشروع البحر الأحمر على تطوير وجهة سياحية فاخرة ومستدامة على ساحل البحر الأحمر.
وتشير التقديرات إلى أن هذه المشاريع ستوفر آلاف الوظائف الجديدة وتساهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة. كما أنها ستجذب استثمارات أجنبية مباشرة وتعزز مكانة المملكة كمركز عالمي للسياحة والترفيه. وتعتبر هذه المشاريع جزءًا من خطة أوسع لتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط.
دور التراث والثقافة في جذب السياح
لا يقتصر التحول السياحي في المملكة على تطوير الوجهات الحديثة، بل يشمل أيضًا الحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي وتعزيزه. فالمملكة تمتلك العديد من المواقع الأثرية والتاريخية التي تجذب السياح المهتمين بالثقافة والتاريخ، مثل مدائن صالح والدرعية التاريخية.
وقد أطلقت وزارة الثقافة السعودية العديد من المبادرات لترميم هذه المواقع وتطويرها وتحويلها إلى وجهات سياحية جاذبة. بالإضافة إلى ذلك، فإن المملكة تشجع على تنظيم الفعاليات الثقافية والفنية التي تعكس التراث السعودي الغني والمتنوع. ويعتبر هذا الجانب من السياحة مهمًا بشكل خاص لجذب السياح الذين يبحثون عن تجارب ثقافية أصيلة.
تحديات تواجه التحول السياحي
على الرغم من التطورات الإيجابية التي يشهدها القطاع السياحي في المملكة، إلا أنه لا يزال هناك بعض التحديات التي يجب معالجتها. من بين هذه التحديات، الحاجة إلى تطوير الكفاءات الوطنية في مجال السياحة والضيافة. كما أن هناك حاجة إلى تحسين جودة الخدمات السياحية وتوفير تجارب سياحية متميزة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المملكة تواجه منافسة شديدة من الوجهات السياحية الأخرى في المنطقة والعالم. لذلك، يجب على المملكة أن تستمر في الابتكار والتطوير لكي تحافظ على مكانتها كوجهة سياحية رائدة. وتشمل التحديات أيضًا ضرورة تحقيق التوازن بين التنمية السياحية والحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية.
أشارت وزارة السياحة إلى أهمية الاستدامة في المشاريع السياحية الجديدة، مع التركيز على استخدام الطاقة المتجددة وتقليل النفايات والحفاظ على التنوع البيولوجي. وتعتبر هذه الجهود ضرورية لضمان أن يكون النمو السياحي في المملكة مسؤولًا بيئيًا واجتماعيًا. كما أن هناك تركيزًا متزايدًا على تطوير السياحة المجتمعية، التي تهدف إلى إشراك المجتمعات المحلية في الفوائد الاقتصادية والاجتماعية للسياحة.
في الختام، يظل عام 2025 بمثابة اختبار حقيقي لمدى نجاح المملكة في ترسيخ التحول السياحي وتحقيق أهداف رؤية 2030. ومن المتوقع أن تشهد المملكة المزيد من الاستثمارات والتطويرات في هذا المجال، مع التركيز على الجودة والاستدامة والابتكار. وستراقب الأوساط الاقتصادية والسياحية عن كثب أداء القطاع السياحي في عام 2025 لتقييم التقدم المحرز وتحديد المجالات التي تحتاج إلى مزيد من الاهتمام. وستعتمد النتائج النهائية على عوامل متعددة، بما في ذلك الأوضاع الاقتصادية العالمية والطلب على السفر والتطورات الجيوسياسية.






