كشف مختصون في مجال الطب عن المخاطر الكبيرة التي يشكلها مرض هشاشة العظام، والذي يُعتبر من الأمراض الصامتة التي تتفاقم دون ظهور أعراض واضحة حتى تصل إلى مراحل متقدمة، ما يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة، من أبرزها الكسور المفاجئة التي تؤثر على جودة حياة المصابين.
وأوضح المختصون في حديثهم لـ”اليوم”، بمناسبة اليوم العالمي لهشاشة العظام، أن هذا المرض يصيب نسبة كبيرة من الأشخاص حول العالم، وخاصة كبار السن والنساء بعد سن اليأس، مما يستدعي اتخاذ إجراءات وقائية وتعزيز الوعي المجتمعي حول أساليب الوقاية والتشخيص المبكر لهذا المرض.

مرض صامت وتهديد مستمر

في حديثه عن مرض هشاشة العظام، أوضح د. سعد عبدالعزيز الطاهر، استشاري جراحة العظام والمفاصل الصناعية والإصابات الرياضية، أن هشاشة العظام هي حالة تتسبب في ضعف الكثافة العظمية ما يجعل العظام أكثر هشاشة وعرضة للكسور المفاجئة.

د. سعد الطاهر

وأشار إلى أن هذا المرض يُعد مرضاً صامتاً في كثير من الأحيان، حيث يتطور على مدى سنوات دون ظهور أي أعراض واضحة. وغالباً ما يتم اكتشاف المرض في مراحله المتأخرة عند حدوث كسور مفاجئة، خاصة في مناطق الورك والمعصم والعمود الفقري.
وأوضح د. الطاهر، أن الدراسات الحديثة أثبتت أن هشاشة العظام هي السبب الرئيسي لأكثر من مليوني كسر في العظام حول العالم سنوياً، وهو رقم يشهد تزايداً مستمراً، ما يعزز الحاجة إلى تكثيف الجهود للتوعية بالوقاية من هذا المرض.
وبين أن معظم المصابين بهشاشة العظام لا يعانون من أي أعراض في المراحل المبكرة، ولذلك يطلق عليه البعض “المرض الصامت”. ومع ذلك، هناك بعض الأعراض التي قد تظهر مع تقدم المرض، مثل زيادة انحناء العمود الفقري وقصر القامة بمرور الوقت، وآلام أسفل الظهر، والكسور المفاجئة في العظام نتيجة لضعفها.

مختصون: هشاشة العظام مرض صامت يهدد الملايين ويتطلب الوقاية المبكرة

وأكد أن هناك عدة عوامل تزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام، أبرزها تقدم العمر، خاصةً لدى النساء بعد سن اليأس، حيث يتسبب انقطاع الطمث في تقليل إنتاج هرمون الإستروجين الذي يلعب دوراً مهماً في الحفاظ على صحة العظام. كما أن العوامل الوراثية، وانخفاض وزن الجسم، وبعض الأدوية المستخدمة لعلاج أمراض مثل سرطان الثدي والبروستات، وأمراض الغدد الصماء والهضمية، كلها تساهم في زيادة خطر الإصابة بهذا المرض.
وأوضح أن الوقاية من هشاشة العظام تتطلب اتباع نمط حياة صحي منذ الصغر، بما في ذلك ممارسة الرياضة بانتظام، واتباع نظام غذائي غني بالكالسيوم وفيتامين د، والابتعاد عن التدخين والمشروبات الكحولية. كما شدد على ضرورة إجراء الفحوصات الدورية للكشف المبكر عن هشاشة العظام، مثل اختبارات كثافة المعادن في العظام، وتحاليل الكالسيوم وفيتامين د في الدم.

مخاطر مضاعفة

وتحدث د. محمد عمروسي سريح، استشاري طب المسنين والشيخوخة، عن العلاقة الوطيدة بين هشاشة العظام وضعف العضلات، مشيراً إلى أن العديد من الدراسات العلمية أثبتت أن هشاشة العظام كثيراً ما تكون مصحوبة بضعف في العضلات، وأن كل منهما يساهم في حدوث الآخر.
وأوضح أن هشاشة العظام وضعف العضلات يشكلان معاً خطراً كبيراً على صحة كبار السن، حيث يتسببان في زيادة احتمالية السقوط والكسور، مما يزيد من التحديات الصحية التي يواجهها هؤلاء المرضى.

مختصون: هشاشة العظام مرض صامت يهدد الملايين ويتطلب الوقاية المبكرة

وأشار د. سريح إلى أن الوقاية من هذه الحالات تتطلب اتخاذ إجراءات وقائية منذ الصغر، مؤكداً على أهمية اتباع نمط حياة صحي يشمل ممارسة الرياضة بانتظام وتناول طعام متوازن يحتوي على جميع العناصر الغذائية الضرورية للحفاظ على صحة العظام والعضلات، مثل الكالسيوم وفيتامين د. كما نوه بأهمية التعرض المناسب لأشعة الشمس، التي تساعد الجسم على إنتاج فيتامين د، وهو عنصر أساسي في تقوية العظام.
وأضاف أن الحفاظ على النشاط الحركي لكبار السن يعتبر أمراً حيوياً للوقاية من هشاشة العظام وضعف العضلات. وأشار إلى أن الحركة تلعب دوراً رئيسياً في تحسين جودة الحياة لدى كبار السن، وتقلل من احتمالات السقوط والإصابات. ودعا إلى توعية المجتمع بأهمية دعم كبار السن وتشجيعهم على ممارسة النشاط البدني بانتظام، لتجنب الوقوع في دائرة هشاشة العظام والضعف العضلي التي تؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة.
وأكد د. سريح على أن الوقاية من هشاشة العظام تتطلب جهدًا مشتركًا من الجميع، سواء على المستوى الفردي أو المجتمعي، من خلال تعزيز الوعي الصحي ونشر الثقافة الصحية حول أهمية المحافظة على صحة العظام والعضلات، بما يسهم في تقليل معدلات الإصابة بهذا المرض وتخفيف آثاره السلبية على المجتمع.

شاركها.