ارتفع الذهب إلى مستوى قياسي جديد، مدعوماً بمخاوف تتعلق بجودة الائتمان في الاقتصاد، وبالرهانات على أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سيواصل سياسة التيسير النقدي، إضافةً إلى تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين.

صعد المعدن الثمين بأكثر من 7% منذ بداية الأسبوع، مسجلاً ذروة تجاوزت 4,300 دولار للأونصة يوم الخميس، مواصلاً موجة صعود حادة بدأت في أغسطس. وامتدت حمى الشراء إلى معادن ثمينة أخرى، إذ قفزت الفضة إلى مستوى قياسي تجاوز 54 دولاراً للأونصة.

اهتزت الأسواق الأوسع نطاقاً بعد أن كشف مصرفان إقليميان عن مشاكل في قروض تتعلق بادعاءات احتيال، مما أثار القلق من ظهور مزيد من الثغرات في الجدارة الائتمانية للمقترضين. وقد عزز ذلك الإقبال على الملاذات الآمنة مثل الذهب والفضة.

كما يراهن المتعاملون على خفض كبير واحد على الأقل في أسعار الفائدة الأميركية قبل نهاية العام، بينما أشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول هذا الأسبوع إلى أن البنك المركزي ماضٍ في طريقه نحو خفض جديد بمقدار ربع نقطة مئوية خلال هذا الشهر.

إغلاق الحكومة الأميركية وتأثيره على الأسواق

أدّى استمرار إغلاق الحكومة الأميركية إلى تأخير صدور بيانات اقتصادية رئيسية، لكن من المتوقع أن يؤدي أي حل للأزمة إلى إطلاق سيل من المعلومات حول تطورات الاقتصاد، قد تكشف عن مؤشرات ضعف تدعم مزيداً من التخفيضات في أسعار الفائدة، وهي خطوة تصب في مصلحة الذهب لأنه أصل لا يدرّ فائدة.

كما تلقى المعدن دعماً من تصاعد المخاوف بشأن عودة التوترات التجارية، خصوصاً بين الصين والولايات المتحدة.

قفز الذهب بأكثر من 60% منذ بداية العام، مدفوعاً بعمليات شراء من البنوك المركزية، وتدفّقات إلى صناديق المؤشرات المتداولة، وارتفاع الطلب على أصول الملاذ الآمن في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية والتجارية، وتزايد مستويات الدين والعجز المالي، والتهديدات التي تواجه استقلالية الاحتياطي الفيدرالي.

وقال مايكل ويدمر، رئيس أبحاث المعادن في “بنك أوف أميركا كورب”، في مقابلة مع تلفزيون “بلومبرغ”: “بالنسبة لي، لم يتغير شيء، فمنذ أن كان السعر عند 2000 دولار للأونصة ونحن متفائلون، وكل ما أوصلنا إلى هنا لا يزال إيجابياً”. لكنه أضاف: “تدفّقات صناديق المؤشرات المتداولة الشهر الماضي ارتفعت بنسبة 880% على أساس سنوي، وهذا مصدر قلق في نهاية المطاف، لأنه غير مستدام”.

نقص السيولة يشعل سوق الفضة

في المقابل، تعاني سوق الفضة من نقص حاد في السيولة في لندن، ما أدى إلى سباق عالمي للحصول على المعدن، ودفع الأسعار الفورية لتتجاوز العقود الآجلة في نيويورك.

وخلال الأسبوع الماضي، جرى سحب أكثر من 15 مليون أونصة من مستودعات مرتبطة ببورصة “كومكس” للعقود الآجلة في نيويورك. ومن المرجّح أن تتجه معظمها إلى لندن للمساعدة في تخفيف الضيق في السوق، رغم أن تدفّقات صناديق المؤشرات القوية التي بلغت نحو 11 مليون أونصة خلال الفترة نفسها أدت إلى مزيد من استنزاف المخزونات هناك.

ووفقاً لنور العلي من “ماكرو ماركتس آند سكووك” في “بلومبرغ”، بدأت تدفّقات الاستثمار في صناديق المؤشرات التي ساعدت على دفع الفضة إلى مستويات قياسية بالتباطؤ. وقالت إن هذا التراجع لا يعني خروج المستثمرين، لكنه يشير إلى أن موجة التراكم التي غذّت صعود الفضة تفقد زخمها، في حين يستمر الذهب في جذب رؤوس أموال أكثر استقراراً.

بحلول الساعة 4:27 مساءً بتوقيت نيويورك، ارتفع الذهب الفوري بنسبة 2.6% ليصل إلى 4,316.17 دولار للأونصة. كما صعدت أسعار الفضة والبلاتين والبلاديوم، فيما تراجع مؤشر “بلومبرغ” للدولار بنسبة 0.3% لليوم الثالث على التوالي.

شاركها.