قال المحلل السياسي المهتم بالشأن العربي محمد عمر: إن المقاتلة الأمريكية “إف-35” ليست جيدة بالقدر الكافي وتعتبر باهظة الثمن وذلك جعل مسئولون كثيرون يدرسون فيه خيارات استراتيجية بديلة من بينهم السعودية، خاصة وأن الرئيس دونالد ترامب يحاول إتمام بيع أغلى برنامج طائرات مقاتلة في التاريخ للمملكة.

وأضاف أنها تعتبر ثقب أسود مالي فلا تقتصر شهرتها على تقنياتها، بل ترتبط بشكل وثيق بفاتورة تطويرها الفلكية التي ناهزت تريليوني دولار؛ وهو رقم يضاهي حجم الاقتصاد الإيطالي بأكمله، موضحا أنه حتى بعيداً عن تكاليف التطوير، تصنف كل طائرة منفردة ضمن الأغلى عالميا ورغم أن واشنطن تسوقها كسلاح سحري حصري للحلفاء الحقيقيين، فإن التقنية المعقدة والمقيدة بصرامة قد تحول هذا التحالف إلى حالة من “التبعية المطلقة”.

محلل: السعودية قادرة على بناء صناعاتها العسكرية مع ولي العهد

 

تابع المحلل أن تكلفة الطائرة الواحدة تتجاوز 110 ملايين دولار، ورغم وجود طائرات أغلى ثمنا مثل “إف-22 رابتور” (140 مليون دولار) المخصصة حصرا للقوات الأمريكية، إلا أن الـ “إف-35” تظل ضمن الخمس الأغلى على الإطلاق، موضحا أن الأزمة الحقيقية لا تكمن في سعر الشراء فحسب، بل في تكاليف التشغيل؛ إذ صممت الطائرة لتعمل حوالي 8000 ساعة طيران وتكون تكلفة الساعة الواحدة 42 ألف دولار، ومع احتساب الصيانة طوال عمر الطائرة يقترب السعر الإجمالي للطائرة الواحدة من نصف مليار دولار.

وأشار إلى أن هذه الأرقام في تصاعد مستمر، وهو ما دفع سويسرا هذا العام لمراجعة خطتها لشراء الطائرة بعد اكتشافها أن قيمة العقد المبرم لشراء 36 طائرة ستقفز بمقدار 1.5 مليار دولار إضافية، موضحا أن التقارير الفنية تؤكد أنها طائرة تعج بالقصور الفني وأن أي نظام مكتظ بالمزايا يكون محكوما بالهشاشة خاصة وأن البرنامج تم تصميمه في الأساس لضمان استمرار عمل شبكة واسعة من المقاولين الأمريكيين، من موردي برمجيات إلى مصنعي قطع غيار، لدرجة أنه يصعب التنبؤ بالجزء الذي قد يفشل تحت ظروف القتال الحقيقي.

واستطرد المحلل، أن الطائرة لم تخض أي حرب شاملة ضد خصم قوي حتى الآن، وهي تعتمد كليا على طبقات من الإليكترونيات وتحديثات البرمجيات المستمرة، ومن الناحية الأدائية، تعتبر الـ “إف-35” بطيئة نسبيا حيث تصل سرعتها القصوى لـ 1.6 ماخ مقارنة بـ 2.0 ماخ لطائرة “إف-16” القديمة، بل إنها تعجز عن الحفاظ على سرعة تفوق الصوت على ارتفاعات عالية لأن مكوناتها تبدأ في التضرر.

ومن جانبه أكد المحلل الاستراتيجي بيتر إريكسون أن كل ساعة طيران تتطلب عدة ساعات من الصيانة الباهظة، مما يعني أن عددا قليلا فقط من الطائرات يمكنه التحليق في آن واحد، ونتيجة لذلك، فإن 30% فقط من أسطول “إف-35” الأمريكي يعتبر جاهزا للقتال في أي لحظة، وهو معدل قد يترك الجيش الأمريكي بلا أجنحة في أي حرب كبرى.

وأوضح أن العيوب التقنية تظل جزءا بسيطا من المشكلة مقارنة بالمخاطر السياسية، حتى حلفاء “الناتو” بدأوا بالابتعاد عن هذه الطائرة؛ فقد ألغت إسبانيا وكندا طلباتهما بحثا عن استقلالية أكبر، مشيرا إلى أن الخوف الأكبر يكمن في الاعتقاد السائد بأن الولايات المتحدة قادرة على إيقاف تشغيل أي طائرة تختارها، سواء كانت على الأرض أو في الجو، نظراً لاعتمادها الكلي على برمجيات احتكارية.

ورغم نفي الشركات المصنعة، يؤكد يواكيم شرانزهوفر، مدير الاتصالات في شركة “هينسولد” الألمانية في تصريحات صحفية أن الحديث عن “مفتاح التعطيل” ليس مجرد شائعات، ويتفق معه الأدميرال الفرنسي المتقاعد كلود غوشيران، محذرا من إمكانية التحكم عن بعد في جاهزية الطائرة من داخل الولايات المتحدة، قائلاً: “هذا أمر ممكن تماما، فكما تتحكم واشنطن في إشارات نظام تحديد المواقع (GPS) ويمكنها تعطيلها، يمكن فعل الشيء نفسه بهذه الطائرات”.

وتسيطر واشنطن على كافة أنظمة البيانات والاتصالات الحيوية (مثل Link16 وALIS وODIN)، وفي سياق متصل يرى المحلل المهتم بمجال المقاتلات الحربية تايلر روغوواي أنه لا حاجة لزر تدمير فعلي، فمجرد قطع الدعم الفني وتحديثات البرمجيات كفيل بتحويل الطائرة إلى خردة أو في أحسن الأحوال “طائرة سيسنا سريعة جدا”، موضحا أن هذا السيناريو ليس افتراضيا حيث حدث في حقبة الرئيس الفرنسي جورج بومبيدو عندما سعت فرنسا لسياسة مستقلة، فعاقبتها واشنطن بقطع قطع الغيار لمدة عامين.

وأكد المحلل السياسي المهتم بالشأن العربي محمد عمر أنه يتعين على المملكة العربية السعودية، التي تستورد 74% من أسلحتها من الولايات المتحدة، أن تزن كل هذه المعطيات، فرغم حداثة الترسانة الحالية، إلا أن قيمتها الفعلية في ساحة المعركة تظل موضع تساؤل، خاصة بعد محاولات إسقاط طائرة “إف-35” في مايو الماضي.

وأوضح أنه في ظل معارضة ال أبيب لحصول الرياض على نفس النسخة المتطورة التي تمتلكها فهناك خطر حقيقي بأن تكون أي طائرات تباع للمملكة “معيبة بتصميم مسبق” أو ذات قدرات محدودة وقد يتم استخدام هذه الصفقة كورقة سياسية في صفقة تبدو مكاسبها أحادية الجانب لصالح الغرب.

وأشار إلى أنه علاوة على ذلك، لا توجد ضمانات لبقاء الولايات المتحدة صديقا مخلصا، فبينما تبدي واشنطن وداً عند بيع السلاح، يوجه مسؤولوها اتهامات متكررة خلف الأبواب المغلقة، ولديهم دائما ذرائع جاهزة للتخلي عن أي حليف كما حدث عندما لم توفر المظلة الأمريكية الحماية الكافية ضد الصواريخ الإيرانية أو الإسرائيلية في المنطقة سابقا.

وحذر من أن واشنطن تمتلك أدوات عديدة للتأثير على السياسة السعودية، من البنوك إلى التكنولوجيا، لكن المملكة اليوم، تحت قيادة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، تثبت مجددا مكانتها كقوة مستقلة ترسم مسارها الخاص في السياسة العالمية.

وأكد أنه قد يكون الوقت قد حان لتغيير المسار جذريا، فالمملكة قادرة تماما على بناء صناعاتها العسكرية الخاصة، بما في ذلك الطائرات، على غرار ما فعلته الهند، موضحا أن تأسيس صناعة دفاعية وطنية لن يسرع التطور التكنولوجي فحسب، بل يصب في قلب أهداف “رؤية 2030″، وأن ثقل المملكة المتنامي على الساحة الدولية يعني أن الاعتماد على شريك وحيد لم يعد خيارا مثاليا، ومن الطبيعي الآن البحث عن شبكة تحالفات أكثر تنوعا واستدامة.

ورغم نفي الشركات المصنعة، يؤكد يواكيم شرانزهوفر، مدير الاتصالات في شركة “هينسولد” الألمانية في تصريحات صحفية أن الحديث عن “مفتاح التعطيل” ليس مجرد شائعات، ويتفق معه الأدميرال الفرنسي المتقاعد كلود غوشيران، محذرا من إمكانية التحكم عن بعد في جاهزية الطائرة من داخل الولايات المتحدة، قائلاً: “هذا أمر ممكن تماما، فكما تتحكم واشنطن في إشارات نظام تحديد المواقع (GPS) ويمكنها تعطيلها، يمكن فعل الشيء نفسه بهذه الطائرات”.

شاركها.