أجمع محللون سياسيون على أهمية أن يكون الرد الإيراني على الاستفزازات الإسرائيلية الأخيرة قويا وحاسما بما يكفي لزعزعة الثقة المفرطة لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وحسب الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية محمد هلسة، فإنه من المهم لسلامة الإقليم واستقراره أن تكون الضربة الإيرانية موجعة تكسر غرور نتنياهو وتجعله يدفع أثمانا باهظة في الداخل الإسرائيلي تقلب عليه نشوة الانتصار وتحوله إلى هزيمة تجبره على الذهاب إلى التسوية السياسية.

واتفق العضو المؤسس في مركز الأبحاث الحكومية محمد صادق إماميان مع هلسة، وقال إن هناك إجماعا بين صفوف السياسيين الإيرانيين كافة والإدارة الجديدة على ضرورة الرد وأن تدفع إسرائيل الثمن، موضحا أن القرار موضوع على الطاولة أمام السياسيين الإيرانيين للرد بقوة وواقعية، مؤكدا على ضرورة أن يكون الرد بقوة حتى ينعم الإقليم بالسلام، مشيرا إلى أن هذه هي الطريقة الوحيدة للتعامل مع شخص مثل نتنياهو.

ويرى هلسه أن الثقة داخل الأوساط الإسرائيلية مردها إلى الاعتماد على الغطاء الذي توفره أميركا، وإعلان واشنطن أنها لن تقف عند حدود الدعم اللوجستي والعسكري والسياسي لتل أبيب، وإنما قد تدافع عنها باستخدام الطائرات العسكرية.

واعتبر الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية حديث المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري عن توجيه ضربة استباقية لا قيمة له، كما اعتبر الحديث من جانب أطراف إسرائيلية أو أميركية عن تحديد وقت الرد الإيراني يدخل في إطار الحرب النفسية.

عبور الخطوط الحمراء

وحذر هلسة من أن تمكن إسرائيل من امتصاص الضربة سيجعل من الصعب إيقاف هذه الحرب وكبح جماح نتنياهو المنفلت، موضحا أن نتنياهو يراهن على هذه المواقف التي أسسها مع إيران وحلفائها والتي ستشكل رافعة قوية له وستمكنه من العودة بقوة إلى المشهد السياسي الإسرائيلي.

وقال إماميان إن نتنياهو لا يتصرف بعقلانية وواقعية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ووصف ما حدث خلال الأيام الماضية بالخرق السافر للكرامة الإيرانية.

ويرى أن الاحتمال الأكبر هو أن يكون الرد من خلال ضربة إقليمية من عدة دول وليست من إيران فقط، مشيرا إلى أن نتنياهو قرر أن يعبر الخطوط الحمراء باتجاه بيروت وصنعاء وطهران بعد عودته من أميركا، مما يجعل هناك توافقا إقليميا على ضرورة أن يدفع ثمن هذه الحماقات.

وأوضح إماميان أن نشوب حرب إقليمية عقب الرد الإيراني ستكون مسؤولية نتنياهو وحلفائه، وأشار إلى أن هناك اتفاقات خلف الكواليس بين نتنياهو الإدارة العسكرية الأميركية التي دعمت كل تحركاته التي قام بها عقب عودته من واشنطن.

رد محدد الأهداف

ومن جهته، نفى الباحث في الشؤون السياسية والدولية ستيفن هايز أن تكون لديه معلومات عن موعد الرد الإيراني، وتوقع أن ترد طهران بـ”طريقة حكيمة” وأن ترد بضربة أكثر دقة وموجهة لأهداف محددة، بدلا عن أن تكون ضربة موجهة لعدة أهداف أو واسعة النطاق.

ويرى الباحث أن نتنياهو وضع الرئيس الأميركي جو بايدن في مواقف محرجة للغاية، مشيرا إلى أن أميركا تحاول أن تضغط على الإدارة الإسرائيلية ولكن من دون جدوى، إذ إن نتنياهو يفهم الإدارة الأميركية بشكل جيد ويلعب على هذه الأوتار ليحقق مكاسب سياسية وشخصية.

وفي ما يتعلق بسعي تل أبيب لتوريط واشنطن، قال الباحث في الشؤون السياسية والدولية إن نتنياهو يحاول دائما جر أميركا إلى مواقف لا ترغب أن تكون فيها، وأشار إلى أن نتنياهو أصبح يتصرف باستقلالية أكثر، كما أشار إلى أن الشراكة التاريخية بين البلدين تحتم على أميركا مساندة إسرائيل.

وحسب هايز، فإن واشنطن تعمل على إقناع حلفائها الإقليميين من أجل مد يد العون في حال تعرض إسرائيل لضربة، مشيرا إلى أن الرد ينبغي ألا يكون واسع النطاق حتى لا يدفع حلفاء واشنطن إلى دعم إسرائيل.

وحمّل هايز نتنياهو مسؤولية الوضع الحالي إذ إنه قام بإهانة إيران وحزب الله، ودعا إلى أن يعمل الجميع على تحاشي الحرب الإقليمية.

شاركها.