يعكس الهجوم الإسرائيلي الأخير على ما قالت إنها منصات صواريخ تابعة لحزب الله اللبناني شعورا بأن الأخير كان يعتزم تصعيد ضرباته إلى مدينة حيفا، فضلا عن أنه يؤكد وجود نية لتفكيك قدرات الحزب العسكرية، كما يقول خبراء.

فقد أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري مساء اليوم السبت استهداف 400 منصة صاروخية شملت آلاف فوهات الإطلاق. وقال إن وزير الدفاع يوآف غالانت وقع أمرا جديدا يتعلق بوضع الجبهة الجديدة في حيفا شمالا.

وقال هاغاري في مؤتمر صحفي إن الهجوم كان استباقيا لضربة كان حزب الله يستعد لتوجيهها، مشيرا إلى أن صواريخ قد تصل من لبنان خلال وقت قصير على إسرائيل.

وتعليقا على هذا التطور، قال الخبير في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى إن الهجوم يعكس شعور إسرائيل بأن رد حزب الله سيصل إلى شمال حيفا، مشيرا إلى أن هجوما من هذا النوع “سيكون تطورا كبيرا جدا لأنه سيوقف ربع القوة العاملة الإسرائيلية وسيدخل مليوني إسرائيلي في حالة طوارئ يومية”.

تصعيد كبير

وقال مصطفى إن حديث هاغاري يشير إلى وجود قناعة استخبارية بأن الهجوم سيكون على حيفا شمالا وهو ما يعني أننا سنكون إزاء تصعيد كبير جدا وستكون له تداعيات كبيرة على الفعاليات التعليمية والمدنية والحياة اليومية للإسرائيليين.

وأشار مصطفى إلى أن غزو لبنان برا ليس محل توافق داخل إسرائيل، لكنه أشار أيضا إلى أن التمسك بإعادة السكان للشمال يعني أن إسرائيل ستواصل التصعيد العسكري بغض النظر عن تحقيق الهدف من عدمه.

ومن الناحية العملية، فإن توسيع العلميات العسكرية يعني مزيدا من النزوح لسكان الشمال وليس العكس وهو ما يكشف حالة عدم الوضوح التي تكتنف طبيعة ما تريده إسرائيل في لبنان حتى الآن، كما يقول مصطفى.

بدوره، يرى خليل العناني أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جونز هوبكنز، أن هناك توافقا أميركيا إسرائيليا على ضرورة ضرب حزب الله وتقويض قدراته العكسرية والبشرية حتى من قبل اندلاع الحرب في قطاع غزة، لكنه يعتقد أن الخلاف على نوعية هذه الضربة وتوقيتها.

ويرى العناني أن الولايات المتحدة تنظر إلى حزب الله على أنه أكبر خطر على إسرائيل في المنطقة وأنه رأس حربة المشروع الإيراني وبالتالي “يجب قصقصة ريشه لكن التوقيت ليس مناسبا بالنسبة لإدارة جو بايدن”.

ووفقا للعناني فإن بايدن “لا يريد التورط في حرب إقليمية حاليا خصوصا مع احتمال دخول إيران في المواجهة مما يعني دخول أميركا التي تقف على أعتاب انتخابات رئاسية قد تتضرر فيها نائبة الرئيس كامالا هاريس من أي تورط عسكري في المنطقة”.

كما أن الولايات المتحدة تخشى تورط إسرائيل في حرب برية حاليا بينما هي متورطة بالفعل في غزة وبالتالي فهي تتحسب لعواقب هذا التطور على إسرائيل وليس على لبنان، برأي العناني.

الحرب قائمة لكنها ليست معلنة

وبعيدا عن هذه الخلافات الأميركية الإسرائيلية، فإن حزب الله -من وجهة نظر المحلل السياسي الأردني عريب الرنتاوي- أصبح مطالبا بمغادرة مربع الإسناد إلى مربع المواجهة بعدما تجاوزت إسرائيل كل الخطوط الحمراء خلال الأيام الماضية.

وقال الرنتاوي إن المقاومة في لبنان دفعت أثمانا باهظة لإسناد غزة وإن عليها الآن كسر حالة الانتشاء التي تعيشها إسرائيل خصوصا أن حالة الحرب بين الجانبين أصبحت قائمة فعليا وإن لم تعلن رسميا.

وخلص الرنتاوي إلى أن الحديث الإسرائيلي عن إعادة السكان للشمال ليس إلا غطاء لمحاولة تفكيك قدرات حزب الله العسكرية وفصله عن جبهة غزة، معربا عن اعتقاده بأن دخول إسرائيل إلى لبنان برا “سيكون مقدمة لاستقدام آلاف المقاتلين الداعمين للحزب من عدة دول”.

3 سيناريوهات محتملة

ومن الناحية العكسرية، قال الخبير الإستراتيجي اللواء فايز الدويري إن هاغاري لم يعلن حالة الحرب خلال كلمته لكنه ترك الباب مواربا عندما قال إن الجيش سيفعل ما يمكن فعله لإعادة سكان الشمال إلى بيوتهم.

وعن طبيعة العمليات المتوقعة خلال الفترة المقبلة، قال الدويري إن جيش الاحتلال أمام 3 سيناريوهات تتخلص في مواصلة التصعيد لإجبار الحزب على القبول بعودة سكان الشمال بدون الوصول إلى مواجهة مفتوحة، “وهذا الأفضل بالنسبة لإسرائيل”.

أما السيناريو الثاني -كما يراه الدويري- فيتمثل في عمل منطقة عازلة عبر إدخال قوات برية كما سبق أن أشار قائد المنطقة الشمالية، وفي حال حققت هذه القوات نجاحا فإنها قد تتقدم باتجاه نهر الليطاني.

وفي حال فشل هذين الخيارين، فإن إسرائيل “سوف تذهب للسيناريو الثالث والمتمثل في توسيع منطقة الهجوم بحيث تدخل إلى الجولان وتلتف من جبل الشيخ وتهاجم النبطية من الشرق تزامنا مع هجوم إصبع الجليل جنوبا، وهذا هو الخيار الأسوأ لإسرائيل والأخطر على المقاومة”.

وخلص الدويري إلى أن معاير الفشل والنجاح في أي من هذه الاحتمالات سيكون مرتبطا بقدرة الحزب على مواصلة الرد والتصعيد، مشيرا إلى أنه لا يزال يتمسك بضبط النفس وعدم التصعيد الرأسي تجنبا للحرب المباشرة.

وقال الدويري إن الأوضاع السياسية والاقتصادية في لبنان لا تخدم حزب الله في حال نشوب حرب واسعة لأن هذا يعني أن الجنوب والضاحية الجنوبية والبقاع ستكون ضمن منطقة العمليات في وقت لا يحظى الحزب بدعم الطيف السياسي اللبناني كاملا.

في غضون ذلك، قالت القناة الـ13 الإسرائيلية إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يستدعي الوزراء وقادة الجيش لمناقشة أمنية في مقر وزارة الدفاع بتل أبيب.

ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصادر أن هناك استعدادات جارية في إسرائيل لتصعيد فوري. كما نقلت يديعوت عن مصادر أمنية أن رد حزب الله قد يكون خلال 24 ساعة.

شاركها.