اتفق محللون سياسيون على أن سوريا الجديدة -التي تحتفل اليوم بالذكرى الـ14 للثورة التي أسقطت نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد– تواجه تحديات داخلية وخارجية، وشددوا على ضرورة رفع العقوبات التي تفرضها بعض الدول عليها حتى تستطيع المضي قدما في تحولها.

وبحسب الكاتب والباحث السياسي محمود علوش، فإن سوريا الجديدة يتم بناؤها من الصفر، والتحديات التي تواجهها تتعلق أولا بمعالجة الصدع والتفكك الذي أصاب النسيج المجتمعي، وذلك بهدف تحقيق مصالحة مجتمعية وترميم الهوية والحفاظ على وحدة الأراضي السورية.

وشدد علوش على أن التعامل مع هذا التحدي يتطلب مسارين، أمني وسياسي، مؤكدا على أن الدولة الجديدة يقع على عاتقها الحفاظ على الاستقرار الأمني ومواجهة أي محاولة لإشعال حرب أهلية في البلاد.

ولفت إلى أن المسار الأمني يحتاج إلى مسار سياسي مواكب له، واعتبر أن ما شهده الساحل السوري من توتر خلال الفترة الأخيرة يشكل فرصة لمعالجة المصالحة المجتمعية والعدالة الانتقالية.

ووفقا لعلوش، فإن الأولويات حاليا تتعلق بتحقيق الاستقرار في السلطة الانتقالية، معتبرا أن من الطبيعي أن تكون هناك هواجس بشأن كيفية إدارة هذه المرحلة الانتقالية التي تستمر 5 سنوات.

ووقّع الرئيس السوري أحمد الشرع الأسبوع الماضي إعلانا دستوريا يحدد المرحلة الانتقالية في البلاد بـ5 سنوات، ويعمل على إعادة النظام السياسي إلى المسار الدستوري الصحيح، مع التوصية بتقديم دستور دائم للبلاد.

بدوره، اعتبر الكاتب السياسي أحمد قاسم أن أبرز التحديات التي تواجهها سوريا اليوم تتجلى بالوضع الأمني، وتحدث عن “محاولة انقلاب” على الشرعية الجديدة في سوريا، وقال إن “العملية الأمنية في منطقة الساحل تحمل في طياتها انقلابا كان مهيأ له بصورة مدروسة جدا”.

وقال قاسم إن من أبرز تحديات الدولة الجديدة أيضا هو النجاح بتوفير المعيشة الكريمة والخدمات للشعب السوري ومساعدة من يقطنون في المخيمات “حيث إنهم بحاجة إلى مأوى وسقف بعد أن دُمرت منازلهم”.

كما انتقد الدول الغربية التي ما زالت تفرض عقوبات على سوريا رغم أن “هذه العقوبات كانت قد فرضت على النظام المخلوع بسبب المجازر التي ارتكبها بحق الشعب السوري”، ودعا الجميع إلى المساعدة على رفع العقوبات.

ويتفق الكاتب والباحث السياسي عبد الكريم ليلة مع الضيفين السابقين في كون سوريا الجديدة تواجه تحديات اجتماعية داخلية سببها التركة الثقيلة التي خلّفها نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

كما شدد ليلة على ضرورة الضغط من أجل رفع العقوبات الدولية على البلد، لأنها فرضت على النظام المخلوع، ولأنها تقيد حركة البناء والنهضة وعجلة التنمية التي بدأت تدور، كما قال ضيف برنامج “مسار الأحداث”.

تحديات خارجية

وبخصوص التحديات الخارجية التي تواجهها سوريا الجديدة، قال علوش إن حل المعضلة الأمنية يحتاج إلى الحد من الأدوار السلبية التي تمارسها بعض الدول والقوى غير المرتاحة للتحول الذي تشهده سوريا، كما أن التعافي الاقتصادي يتطلب تفاعلا إيجابيا من المجتمع الدولي، خاصة الدول الغربية مع التحول السوري.

وأشار إلى أن العقوبات الأميركية وجزءا من العقوبات الغربية تقوض إلى حد كبير قدرة الإدارة السورية على التعامل الملف الاقتصادي.

كما أن العامل الخارجي يؤثر إلى حد كبير في تأجيج الانقسامات الداخلية، بحسب علوش الذي قال إن ما يجري في الجنوب ليس فقط معضلة بين الدروز والسلطة الجديدة “بل إن إسرائيل تحرك هذا الموضوع بشكل كبير، والشيء نفسه بالنسبة لمنطقة الساحل، حيث إن هناك عوامل إقليمية ودولية تحرك هذا التحدي”.

وخلص علوش إلى أن نجاح الرئيس الشرع في مواجهة التحديات الداخلية يفرض عليه تبني سياسة خارجية قادرة على الحد من التأثير السلبي للعوامل الخارجية، معربا عن اعتقاده بأن الشرع يبدي واقعية شديدة في التعاطي مع المسألة من خلال حرصه على بناء علاقات جيدة مع دول الجوار والغرب.

من جهته، تحدث قاسم عما سماها المخططات الدولية -خاصة الإسرائيلية والإيرانية- والتي قال إنها تحاول العبث باستقرار سوريا، واستغرب عدم تحرك الأمم المتحدة للتنديد بالتدخلات الخارجية في الشأن السوري.

شاركها.